تتباين تأثيرات حرب أوكرانيا على دول امريكا اللاتينية ، فهناك دول حققت مكاسب كبيرة من الحرب ، مثل فنزويلا ، ودول آخرى تعمقت فيها الأزمة الاقتصادية لدرجة انتشار الجوع ، وعلى رأس القائمة، البرازيل.
ورفع البنك الدولى من توقعاته حول الناتج المحلى الإجمالى لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى بنسبة 2.5% هذا العام، بزيادة قدرها 0.2% عما قدرته الاطراف المتعددة الاطراف قبل شهرين، وبحلول عام 2023 ، من المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 1.9٪ ، وبحلول عام 2024 سوف يرتفع إلى 2.4٪. تعد التوقعات الخاصة بالمنطقة أقل من التقديرات الخاصة بالأسواق الناشئة في جميع أنحاء العالم، والبالغة 3.4٪ ، وهو متوسط تقوده الصين والهند ، حيث يُتوقع أعلى معدل نمو، وفقا لما نقلته صحيفة "انفوباى" الأرجنتينية.
وأشار تقرير البنك الدولى إلى أن "التباطؤ الإقليمى يعكس تشديد الأوضاع المالية ، وضعف نمو الطلب الخارجى، والتضخم السريع، وعدم اليقين السياسي المرتفع في بعض البلدان"، و يتوقع البنك أن ينمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بأكملها بنسبة 0.6٪ فقط بين عامى 2019 و2023.
وأوضحت صحيفة "التيمبو" التشيلية إلى أن الحرب فى أوكرانيا أدت إلى الحد من المعروض من الحبوب والأسمدة ، ولهذا السبب ارتفعت أسعار هذه الماد الخام فى الأسواق الدولية ، وقد أفادت بعض البلدان المنتجة فى أمريكا اللاتينية، ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الصادرات الرئيسية للمنطقة بشكل كبير فى عام 2022، لكن فوائد النمو ستتراجع بسبب الاستجابة البطيئة في إنتاج بعض المنتجات الأساسية وزيادة تكاليف المدخلات، بما في ذلك الطاقة والأسمدة.
وارتفع الطلب على النفط فى دول أمريكا اللاتينية خلال الربع الأول من عـام 2022 بنحـو 90 ألف برميل يوميا مقارنـة بالربع السابق، ليصل إلى 6.4 مليون برميـل يوميا، وهو مستوى مرتفع بنحو 180 ألف برميل يوميا على أساس سنوى وذلك وفقا لتقرير الأوضاع البترولية العالمية الربع الأول2022.
وتعتبر فنزويلا من أكثر الدول المستفيدة من الازمة فى أوكرانيا، حيث أن بعض وسائل الاعلام نشرت عن صفقة سرية بين شركتى النفط الأوروبيتين الكبيرتين (إيني وربسول) تلقتا تفويضا من وزارة الخزانة الأمريكية لاستيراد النفط الخام من فنزويلا على الرغم من سلسلة العقوبات ضد شركة النفط الفنزويلية "PDVSA".
ويُعد استئناف الصادرات طفرة مقارنة بالإجراءات السابقة لواشنطن، التي فرضت عقوبات على شركة الفنزويلية لأول مرة في عام 2019 لدورها في دعم نظام الزعيم الفنزويلي الاستبدادي نيكولاس مادورو.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تتطلع فيه شركات النفط حول العالم إلى زيادة الإنتاج استجابة لارتفاع أسعار النفط نتيجة للحرب في أوكرانيا.
وتمتلك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، لكنها ممنوعة من بيع النفط في الأسواق الدولية بسبب العقوبات الأمريكية.
ومن ناحية آخرى ، تأتى الدول التى تعانى من الازمات ، منها بيرو، حيث يوجد نقص الأسمدة ، وأعلن رئيس بيرو ، بيدرو كاستيلو ، أنه سيوقع اتفاقيات دولية للإسراع بشراء والوصول إلى الأسمدة لبلد الأنديز ، فيما يتعلق بالاجتماعات الثنائية التي عقدها في قمة الأمريكتين مع رؤساء الدول الآخرين، حيث تعانى البلاد من أزمة حادة بسبب نقص الأسمدة فى أعقاب استمرار الحرب فى أوكرانيا، وفقا لصحيفة "لابوث".
وأكد كاستيلو أنه "عاد بقوة" من القمة التاسعة للأمريكتين التي عقدت الأسبوع الماضى في لوس أنجلوس "بسبب بعض الاتفاقات والمصادفات التي تم التوصل إليها مع رؤساء دول آخرين لصالح سكان بيرو".
وقال "لقد التقينا برجال أعمال عظماء ومختلف الرؤساء الذين جلسنا معهم للتحدث لبدء الالتزامات التي تسمح لنا بوضع الأسس لتحقيق وطن بلا جوع".
وفي ختام موازنة القمة ، استقبل كاستيلو رئيس الولايات المتحدة ، جو بايدن، وسلط الضوء على "اهتمام" السيدة الأمريكية الأولى جيل بايدن "بالتعليم البيروفى".
وقال الزعيم البيروفى إنه "قلق للغاية" بشأن نقص الأسمدة واقترح إنشاء برنامج ائتمان إقليمي مع بنك التنمية للبلدان الأمريكية يهدف إلى تمويل دعم الأسمدة، كما أعرب عن قلقه حول نقص بعض المواد الغذائية التي يعتبر استهلاكها ضروريًا".
وأضاف كاستيلو: "نقترح إنشاء برنامج إقراض إقليمي مع بنك تنمية يهدف إلى تمويل الإعانات المالية للأسمدة مثل اليوريا والفوسفات الأخرى ، وكذلك للمواد الغذائية التى يعتبر استهلاكها ضروريًا لسكاننا".
ثم يأتى الدور على البرازيل التى تعانى مؤخرا من المجاعة، حيث يسطر الجوع على البرازيل في الآونة الأخيرة مع ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع في البلاد إلى 33 مليون شخص ، حتى أصبح البرازيليون يجمعون بقايا الفواكه والخضروات والتي منها فاسدة من الباعة الجائلين، كما أنهم يبحثون عن الطعام في القمامة، وفقا لبوابة "جى 1" البرازيلية.
وكشف مسح أجرته شبكة من الباحثين ، أن حوالي 33.1 مليون شخص يعانون من الجوع في البرازيل ، بزيادة 73٪ عن عام 2020 ، بينما يعاني أكثر من نصف السكان من نوع من انعدام الأمن الغذائي.
تقول الدراسة التي طورتها الشبكة البرازيلية للأبحاث حول السيادة والأمن الغذائي (Rede Penssan إن عدد المنازل التي يسكنها جائعون ارتفع من 9٪ (19.1 مليون شخص) إلى 15.5٪ (33.1 مليون شخص) ، وتم جمع البيانات بين نوفمبر 2021 وأبريل 2022.
وأشار المسح إلى أن أكثر من نصف سكان البلاد -125.2 مليون شخص- يعانون بدرجة ما من انعدام الأمن الغذائي" ، أي أنهم ليسوا متأكدين مما إذا كان لديهم أي شيء يأكلونه، مشيرا إلى أن هذا هو نتيجة "استمرار تفكيك السياسات الاجتماعية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وزيادة التفاوتات الاجتماعية والسنة الثانية لوباء كورونا.
هذه "النكسة التاريخية"، بحسب الباحثين، تنعكس يومياً في صور لأشخاص يبحثون في القمامة بحثاً عن طعام ، تتضاعف فى مدن مختلفة من البلاد.
على الرغم من أن غالبية الأسر فى المناطق الريفية (60٪) تعانى من انعدام الأمن الغذائى، يشير الباحثون إلى أن عدد الجياع في المناطق الحضرية - حوالي 27.4 مليون - "مخيف".
تضاعف الجوع في العائلات التي لديها أطفال دون سن العاشرة ، من 9.4٪ في عام 2020 إلى 18.1٪ في عام 2022 ، على حد وصفهم.
وارتفع معدل التضخم في التغذية المنزلية بنسبة 16.12٪ في 12 شهرًا حتى أبريل ، أعلى من المؤشر العام، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود (+ 33.24٪ فى اثنى عشر شهرًا)، وذلك بسبب الحرب فى أوكرانيا منذ فبراير الماضى.