لم يسعدني الحظ بأن أكون ممن عاصروا جيل العمالقة بالفن والإعلام، لكنني بطبيعة الحال ككل من يبحث دائماً عن الجمال والعمق أعود للماضي، حتى وإن لم أكن عاصرته، لربما أجد به ضالتي التي أفتقدها بمفردات هذا العصر الذي افتقد بشكل عام كافة أشكال الحق والخير والجمال تلك الكلمات التي فقط ترتبط بزمن فات.
ولكنني بمقال اليوم سأوجه كلماتي لشهيرات اليوم، لأقول لهن، إن الشهرة مسئولية تجاه المجتمع وعبء ثقيل لا يقو علي حمله إلا من كان أهلاً له.
فإن عدنا ثلاثة أو أربعة عقود للخلف، سنقف أمام قامات فنية وإعلامية وأدبية تحمل الكثير من المقومات والمؤهلات اللازمة بداية من الجمال الطبيعي مروراً بالقدر الكافي من الثقافة واللباقة والأدب واللياقة، فقد كانت الساحة الفنية والأدبية وبعدهم الإعلامية تمتلئ بمذاقات متنوعة كلها جميلة تتفاوت فيما بينها، من حيث حجم الموهبة ودرجة الثقافة ومستويات الذكاء الفني والاجتماعي، لكنها بشكل عام علي المستوى اللائق.
وبما أن ما يسمي بالـ "تريند" أصبح هو الهدف الأكبر الذي يتبارى غالبية المشاهير في اعتلائه، إذ أنه أصبح أحد أهم معايير التقييم ومقياس لدرجة النجومية حتى، وإن كنا نعلم جيداً كيف تصنع المشاهير هذا التريند المفتعل، والذي بات أيضاً له مصممون متخصصون يتقاضون الأموال من هؤلاء المشاهير لتفصيله من حين لآخر.
ولكن:
أن تصل حدة الهوس بهذا التريند لدرجة أن تخرج علينا إحدي المشهورات والتي لا أعلم إن كانت إعلامية أم كاتبة أم ممثلة كما يصنفونها، لتعلن أنها قد أقدمت على الانتحار جراء مرض نفسي، ولكن العناية الإلهية قد أنقذتها، ثم تعلق على هذا التصريح إحدى الفنانات بما لا يعجب هذه المشهورة لتنهال عليها بالسب والردح والتطاول بشكل يعاقب عليه القانون.
لم تكن تلك الواقعة الأولى من نوعها وللأسف لا أعتقد أنها الأخيرة، فقد سبقتها مؤخراً أخرى لا تختلف عنها كثيراً بين إعلامية شهيرة وفنانة شهيرة أيضاً.
إذن:
"لا يسعني الآن إلا أن أكتر ذكريات الزمن الجميل الذي كان به كل مشهور بمجاله حاملاً على عاتقه مسئولية تلك الشهرة كما يجب أن تكون.
علي سبيل المثال لا الحصر:
"السندريلا" سعاد حسني
لم تكن جامعية ولم تنل من التعليم سوى القليل، أى أنها كانت يادوب بتفك الخط،
ولكن:
هنا يأتي ذكاء الفنان وموهبته وتحمله تلك المسئولية الكبيرة التي تستلزمها هذه النجومية، فقد علمت وثقفت نفسها سعاد حسني، وطرقت أبواب كبار الكتاب لتتتلمذ علي أيديهم، وقرأت الكثير والكثير من الكتب، حتى أنها حاورت بأحد البرامج يوسف السباعي بلقاء مذهل كانت به كأروع ما يكون من حيث الثقافة والذكاء والمعرفة، تلك التي لا يتمتع بها خريجو الجامعات اليوم.
ومن سعاد حسني إلي "تحية كاريوكا"
الراقصة التي لم تتعلم بالمدارس إلا القليل، والتي لها من المواقف السياسية اللامعة ما يضعها بمصاف المناضلات وأصحاب الكلمة والرأي.
و إذ فجأة:
نجد أنفسنا اليوم بمصر منبع الفنون وأرض المواهب، و بما أنني أختص بكلماتي شهيرات هذا الزمن تحديداً، أمام نماذج تكاد تكون مشوهة علي كافة المستويات، فلن أتوقف كثيراً أمام الافتعال الزائد عن الحدود بالشكل المصطنع كلياً والملابس المستفزة لمشاعر الجمهور،
لكنني سأقف كثيراً أمام هذا السلوك الذي ضرب بكل مقومات الشخصية العامة ومسئولياتها تجاه المجتمع عرض الحائط.
فلم تعد هناك ثقافة أو لياقة أو حتى احترام للجماهير، وباتت الكثير من أحاديث النجمات والإعلاميات اليوم تقتصر على مفاتنهن والتباهي بأكثرهن إثارة، أو التراشق بالألفاظ والخناقات المعلنة بين فلانة وعلانة، أو التفوه بكلمات لا تنم إلا عن جهل عميق وسطحية واضحة إلى آخره من مهازل قد أوسعت الهوة بين الماضي بكل جماله ورقيه والحاضر بكل قبحه وتدنيه بحيث أصبح التقارب مستحيلا والعودة لا رجعة لها.
إلي لقاء جديد وحديث غير منقطع عن الجمال بين الماضي والحاضر..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة