متحف مفتوح في شوارع السبتية.. الحاج فتحي أقدم جامع للأبواب القديمة: عندي قطع عمرها تجاوز 100 عام.. كل باب شاهد على حكايات بيته.. وصنايعية زمان اهتموا بأدق التفاصيل حتى خبطة الرجل والمرأة على الباب تفرق "فيديو"

الجمعة، 17 يونيو 2022 10:00 م

منة الله حمدى

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمتلئ مصر بالكنوز في كل شبر فيها، وخاصة المناطق القديمة؛ التي تشم عبق التاريخ منها حين تطأ قدماك أرضها، ومن بين تلك المناطق التي يهفو قلبك لرؤيتها منطقة بولاق أبو العلا، المنطقة التي تخبئ الكثير من الحكايات المثيرة داخل جعبتها من شوارع وطرق وأزقة، وخاصة السبتية التي تضم أكبر مجموعة من جامعى الأبواب الخشبية القديمة، ومن بينهم الحاج فتحى عثمان، أقدم جامع وبائع للأبواب الخشبية القديمة.

حين تنظر إليها للمرة الأولي ينتابك شعور أنك داخل متحف للأبواب الخشبية القديمة، وأنها للعرض فقط وليس للاستخدام، ولكن هذا النوع من الأنتيكات له زبائنه الخاصين، الذين يتعاملون معها باعتبارها تحف فنية تستحق التقدير.

يقول "عثمان" لـ"اليوم السابع": ورثت من والدى مهنة جمع الأبواب القديمة من محافظات مصر المختلفة الصعيد اسكندرية والبحيرة، وأنا أخواتى الخمسة، مهنتنا بها معوقات كثيرة سواء في جمعها أو تنظيفها وإعادة ترميمها، هي في الأساس مهنة أصلها طيبة لأنها تمس البشر، كل باب يحمل أسرار بيته وأهله، يحمل أصول الناس، فحين يغلق الباب على أهله يكون الشاهد الوحيد عليهم، يحفظ أسرارهم وعادتهم، فهناك باب عمدة يشهد على العيشة الغنية ورفاهية أهل بيته في ذلك الزمن، وهناك بيت آخر أهله فقراء، أيضًا يشهد الباب على حياتهم وعيشتهم البسيطة، وباب آخر أهله كرماء، تجد شكله ورسوماته جميلة تجذب نظرك إليه، فالأبواب دالة على أهل البيت.

أبواب عمرها تجاوز 100 عام

ويكمل فتحى: عندي أبواب عمرها تعدى الـ 100 عام ويزيد، تحكى حكايات الزمن، كل بيت كان له حكاية وحكايته أهل بيته له معاد للفتح الصبح وله معاد للقفل بعد المغرب، الناس زمان كانت بتحب بعضها وبتتبادل الخير والسؤال على بعضها عشان كده بتلاقي الأبواب حلوة وجذابة حتى الصنايعيى اللي عملها كان بيحب مهنته، بيعمل بيزخرف قطعة فنية عشان اللى يجي يزور البيت يقول الله إيه الجمال ده.

تابع: في البداية أقوم بتنظيف الباب وترميمه، وإعادته لونه الأصلي دون أي إضافة عليه، إذا غيرت فيه شيء قيمة الباب تقل وبالتالي سعره يقل، جمال الباب في أصوله وإعادته كما كان، وإذا رأيت باب توجد به حشرة الخشب "سوسة الخشب" أتركه لأنها معدية ممكن أن تتلف الأبواب القديمة الموجودة، لذلك لا يمكن أن أضم لتحفى أي شيء يتلفها.

وأكمل: "الأبواب القديمة كلها موجودة في الهواء والشمس، لأنها أصلًا كانت عاشت سنين كبير شافت فيهم شمس وحرارة وبرد ومطر وتراب وكل شيء، أبواب عاشت كتير وهتعيش أكتر لأنها من التراث ومصنوعة بمنتهى بدقة، أنواع الخشب أرو، وعزيزى وموجنا، كل باب على حسب شغله، وأسعار الأبواب غالية جدًا سواء وأنا بشتريها أو وأنا ببيعها لأنها من التراث".

أبواب قصور الصعيد الأجمل

وتابع: "عندى أبواب قديمة من قصور في الصعيد كتير، الناس هناك بيحبوا الأبواب إللى فيها شغل كتير، وعندى أبواب من قصور في طنطا والمنصورة والشرقية، اشكال الأبواب ممكن يكون شغله كتير، وغيره في شراعة إزاز، وغيره زخارفه بسيطة، على حسب الحب إللى بيحبه صاحب المكان، كان لكل باب خباطة وفي الغالب بتكون على شكل كف، يسمى "كف يد فاطمة"، وكان عشان الستات تخبط به، وكانت جانبها حلقة كبيرة قوية عشان الرجالة تخبط بيها، فيعرف أهل البيت إذا كان الزائر راجل أوست".

ويكمل: هناك مشاهير كثيرين يأتون إلى هنا ليشتروا الأبواب القديمة كتحف في منازلهم، منهم شريف مدكور، والفنانة يسرا وكثرين غيرهم، كما أنى أورد الأبواب القديمة للمنتجين في مدينة الإنتاج الإعلامى لتستخدم في المسلسلات والأفلام.

ويتابع: "شغلنتنا دى كلها شقى، ولو اللى شغال معانا مش من ولادنا مش هبقدر يستحمل اللى بيحصل، مرة وأنا بفك بوابة الحيطة وقعت عليا، ومرة تانية السلم القديم أخد العمل ووقع وهما بيفكوا أبواب بيت قديم، شغلنتنا شقي، عشان كده ورثنها لولادنا".

وانتهى فتحى حديثه: "أنا راضى بحياتى وشغلتنى وأسعد أوقاتى لما أشترى باب قديم يكون حلو في شكله وخشبه ورسوماته".