على مدى سنوات تحرص الدولة المصرية والرئيس عبدالفتاح السيسى، على بناء واستدامة العلاقات مع القارة الأفريقية، وانتظام الآليات الخاصة بتوسيع التواصل والتعاون والشراكة، وخلال شهر واحد شهدت القاهرة عدة فعاليات مهمة، بدأت بمؤتمر الصحة فى أفريقيا، ثم اجتماعات البنك الأفريقى، وبالأمس، انعقدت الدورة الثالثة من منتدى أسوان للسلام والتنمية، والذى يمثل آلية مهمة للتواصل والتباحث حول قضايا القارة الأفريقية ودولها، هذا بجانب استمرار العمل من خلال المؤسسات الأفريقية، واستمرار تفعيل بروتوكولات التعاون وتبادل الخبرات، وتأكيد الرئيس دائمًا أن مصر مستعدة لتقديم تجربتها وخبراتها فى خدمة التعاون والدفع بمبادرات يمكنها معالجة القضايا بشكل عاجل أو على المدى الطويل.
ويأتى استمرار انعقاد منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة، ليمثل خطوة مهمة فى هذا السياق، وتأتى دورته الثالثة، فى ظل أزمة الغذاء التى تشهدها القارة الأفريقية حاليًا، انعكاسًا لأزمة عالمية، تشير إلى تداعيات خطيرة على سلامة واستقرار المجتمعات الأفريقية، وهو ما ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الضوء عليه فى كلمته بالمنتدى، مؤكدًا أن الأمر الذى يتطلب اتخاذ حزمة من التدابير العاجلة والفعالة بالتنسيق مع الشركاء الدوليين والمجتمع الدولى لدعم الدول الأفريقية فى احتواء آثار الأزمة، من خلال تنويع مصادر الغذاء وتأمين سلاسل الإمداد لدول القارة، واتخاذ إجراءات مستدامة للحفاظ على الأمن الغذائى.
المنتدى يعقد هذا العام فى توقيت بالغ الدقة، يعانى فيه المجتمع الدولى من توترات متزايدة لها عواقب بعيدة المدى على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والتنموية، تنعكس آثارها على أفريقيا مثلما على العالم، لا سيما على الأمن الغذائى وأمن الطاقة، لتضاف بذلك إلى جملة التداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، الأمر الذى يفرض تضافر الجهود المشتركة لمجابهة هذه التحديات وتعزيز قدرة الدول الأفريقية على الصمود للعبور إلى بر الأمان.
الرئيس السيسى على مدى الأيام الماضية حرص على تأكيد أن نقص الإمكانات ليس مسوغًا للإحباط، وأن التعاون والمبادرات يمكنها معالجة قضايا الطاقة والغذاء، خاصة أن القارة الأفريقية لديها إمكانات كبيرة ومصادر متنوعة تتطلب العمل لتنميتها واستغلالها، من خلال إتاحة التكنولوجيا المتطورة فى مجال الزراعة للدول الأفريقية، من أجل زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية سعيًا للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى وهو أمر ممكن.
أطلق الرئيس شعار «زيادة القدرة على الصمود فى مجال الغذاء والأمن الغذائى» كطريق للتعامل مع تحديات الأمن الغذائى، وتوفير الغذاء لسكان القارة الأفريقية فى ظل تحديات متصلة بالشح المائى، وارتفاع الأسعار، وهو ما يتطلب منا إيجاد حلول سريعة لتجاوز تلك الأزمة العالمية.
ودائمًا ما تؤكد مصر على أهمية توفير الاستقرار للدول الأفريقية، حتى يتيح الفرصة لجهود التنمية، ويشير الرئيس إلى حرص مصر على إنشاء مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب، لخدمة شعوب المنطقة لمواجهة التبعات السلبية لهذه الظاهرة، والسعى لبناء قدرات المؤسسات الأفريقية فى المناطق المتضررة، وإطلاق مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات للقيام بدور فعال لإعداد البرامج والأنشطة اللازمة لدعم الدول الخارجة من النزاعات وتكريس الاستقرار والأمن والتنمية بها، والحيلولة دون عودتها لمرحلة الصراع مجددًا.
من هنا تتواصل جهود الدولة المصرية، لطرح رؤيتها وخبراتها فى خدمة القارة، والدفع نحو التعاون والشراكة، لمواجهة تحديات تتضاعف مع أزمة عالمية، لا يبدو لها أفق قريب، والحل هو السعى لتوظيف القدرات المتوفرة، للتوصل إلى اكتفاء ذاتى، يقلل من الاعتماد على الخارج، فى ظل انشغال الدول الكبرى بمنافساتها وصراعاتها.