ظل المحمل يخرج من مصر كل عام حاملاً كسوة الكعبة، منذ عهد شجرة الدر والمماليك حتى بداية منتصف الخمسينيات من القرن الماضى، وقد صاحبت عودة المحمل من مكة المكرمة احتفالات مصحوبة بالذكر والإنشاد وتجليات المنشدين في شوارع القاهرة كما حضر هذا الاحتفالات الأمراء والشيوخ على مر العصور.
وقد سجل بعض المستشرقين والرحالة فى القرن التاسع عشر احتفالات المصريين بسفر وعودة موكب المحمل لتفردها ومنهم الفرنسى "جيرار دى نوفال" الذى اعتبر احتفال موكب المحمل من أكثر المشاهد إثارة حيث قال:
"حرصت على مشاهدته عند باب الفتوح حيث وجدت أمما زاحفة تذوب فى خضم شعب عريق تموج بها شرقا ابتداء من المقطم وتصخب بهم شمالا حتى جبانة الموتى. وخيل الى أن الزمن يعود الى الوراء واننى أرى مشهدا من المشاهد القديمة. ولم يخل المشهد من المنشدين والراقصين حيث يبارى موسيقيو القاهرة نافخى الأبواق وقارعى الطبول ورأيت قوما وقد طالت لحاهم وانتفشت شعور رؤوسهم كانوا ينشدون بصوت عال وحماس شديد أوراد الذكر والمديح الفياضة باسم الجلالة، واحتشد الموكب بالبيارق ذات الألف لون والسوارى المقرونة بالرنوك والتروس وهناك ترى الأمراء والشيوخ فى ثيابهم الباذخة فوق صهوات جيادهم وعليها الحلول المزركشة المرصعة بالقصب والأحجار الكريمة وعندما بقرب النهار من ثلثيه تنطلق المدافع من القلعة ويدوى الهتاف وتنطلق الأبواق معلنة قدوم المحمل وعليه الكسوة الشريفة وقد بلغ مشارف القاهرة ولم يلبث أن جاء فى أثر الموكب سبعة جمال زين رؤوسها أجمل زينة وقد كسيت اجسادها البسط النضرة فحجبت معالمها حتى ليخيل اليك انها حيوانات السمندل الخرافية، والمحمل عليه هودج على شكل الخيمة المربعة وقد كسا نقوشا مطرزة وتدلت من قمته وعن زواياه الأربع كرات فضية ضخمة وعند مرور المحمل يخر الناس ساجدين فوق التراب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة