على مدى أسبوع تواصلت التحركات المصرية فى اتجاهات متعددة، خاصة فى المحيطين العربى والأفريقى، والتى تكللت بزيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، والتى تأتى فى ظل تحركات عربية تسعى لبناء مواقف متوازنة، وسط مستوى عال من التعاون والتنسيق بما يحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وأيضا المصالح العربية، فى ظل تحولات دولية تنعكس على الاقتصاد والسياسة فى العالم وبالتالى على الإقليم، مع الاستعداد للقمة المرتقبة التى سوف تستضيفها المملكة العربية السعودية الشقيقة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجى ومصر والأردن والعراق والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن مصر والمملكة العربية السعودية، مركز ثقل وتأثير فى المنطقة، ولكل منهما تجربة طموحة فى التنمية والتقدم فى كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
اقتصاديا وتجاريا اتفق الجانبان، المصرى والسعودى على تعزيز الشراكة الاقتصادية استثماريا وتجاريا بين البلدين الشقيقين، ونقلها إلى آفاق أوسع لتحقيق التكامل والشراكة، حيث إن كلا من مصر والمملكة لهما تجربة طموحة فى التنمية والتوسيع، ضمن خطط 2030، مما يجعل البلدين وجهة للاستثمارات والتبادل التجارى وتحفيز الشراكات بين القطاع الخاص فى البلدين، لخلق بيئة استثمارية خصبة فى مجالات الطاقة والرعاية الصحية والسياحة، والنقل، والخدمات اللوجستية، والاتصالات وتقنية المعلومات، والتطوير العقارى، والزراعة، حيث تم الإعلان عن صفقات واتفاقيات استثمارية وتجارية بلغت 8 مليارات دولار.
وهذه الشراكات تسهم فى تحقيق مصالح البلدين، فى ظل تحولات دولية، تفرض على الدول العربية، السعى لتوطين الاستثمارات، والصناعات والأنشطة التى توفر الاكتفاء الذاتى، الذى أصبح ضرورة ضمن واقع دولى متشابك، يتأثر بمجريات الحرب فى أوكرانيا، والتى أثرت على سلاسل النقل والغذاء.
سياسيا فإن التنسيق بين القاهرة والرياض، يصب باتجاه بلورة مواقف مشتركة تحفظ للبلدين أمنهما واستقرارهما، مع استمرار التنسيق والتشاور إزاء التطورات والمستجدات، حيث تطرقت المباحثات إلى القضية الفلسطينية، وضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة، بما يكفل للشعب الفلسطينى حقه فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفى الشأن اليمنى، جدد الجانبان دعمهما الكامل للجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسى شامل للأزمة فى اليمن، استنادا إلى المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطنى اليمنى، والقرارات الدولية، ودعم مجلس القيادة الرئاسى والكيانات المساندة له؛ لتمكينه من ممارسة مهامه فى تنفيذ سياسات ومبادرات فعالة من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار فى اليمن.
وفى القضية العراقية اتفق الجانبان على أهمية توصل الأطراف العراقية إلى صيغة لتشكيل حكومة جامعة تعمل على تحقيق تطلعات الشعب العراقى فى الأمن والاستقرار والتنمية، وفى الشأن السودانى، أكد الجانبان استمرار دعمهما لإنجاح المرحلة الانتقالية، مع تأكيد الحرص على أمن واستقرار ووحدة الأراضى اللبنانية، وعلى أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى الحفاظ على عروبة لبنان وأمنه واستقراره، ودعم دور مؤسسات الدولة اللبنانية، وإجراء الإصلاحات اللازمة بما يضمن تجاوز لبنان لأزمته، وفيما يتعلق بالوضع فى سوريا أعلن البيان الختامى المصرى السعودى أهمية الوصول إلى حل سياسى للأزمة السورية وبما يحقق تطلعات الشعب السورى الشقيق ويحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها، ووقف التدخلات الإقليمية فى الشأن السورى، ونفس السياق فيما يتعلق بالأوضاع فى ليبيا حيث شدد الجانبان على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية، وأهمية توصل الأشقاء الليبيين إلى حل ليبى/ ليبى بعيدا عن أى إملاءات أو تدخلات خارجية وصولاً إلى عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ودعم دور المؤسسات الليبية واضطلاعها بمسؤولياتها.
كما تطرق الجانبان إلى ضرورة دعم الجهود الرامية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى فى الشرق الأوسط وأكد الجانب السعودى دعمه الكامل للأمن المائى المصرى باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن المائى العربى، وحث إثيوبيا على عدم اتخاذ أية إجراءات أحادية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى وأهمية التفاوض بحسن نية مع مصر والسودان للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم فى هذا الشأن، وعبر الجانب المصرى عن تضامنه الكامل مع المملكة العربية السعودية فى كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها الوطنى، باعتبار أن أمن البلدين كل لا يتجزأ.
ومن المؤكد أن التنسيق المصرى السعودى، وما يتزامن معه من لقاءات ومباحثات، تتم فى وقت تنشغل فيه دول العالم الكبرى بقضاياها، وتستلزم مواقف عربية قادرة على ضمان مصالح الشعوب العربية، فى عالم يشهد تحولات كبرى.