على مدى الأيام الماضية لم تتوقف أنشطة وتحركات الدولة المصرية على كل الأصعدة، باتجاه بناء مواقف وشراكات للتعامل مع تحولات عالمية وإقليمية متعددة، خاصة أن العالم على مدى أكثر من أربعة شهور يعيش فى صراع ينعكس فى صورة أزمة عالمية وتحولات فى أسواق الطاقة والغذاء، وهى تحولات تضاعف من انشغالات الدول والمنظمات بالبحث عن طرق للتعامل مع أزمات غير مسبوقة، تدفع الدول العربية للسعى إلى تنسيق المواقف والتحرك الجماعى بالشكل الذى يقوى من القدرة على التعامل مع الواقع بمرونة وقدرة على العمل.
على مدى الأيام الأخيرة شهدت الدولة المصرية تحركا واسعا، ونشاطا متواصلا من الرئيس عبدالفتاح السيسى، بدأت بالقمة الثلاثية فى شرم الشيخ مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين والملك عبدالله الثانى بن الحسين ملك الأردن، والتى تضمنت بحث جهود العمل العربى المشترك، فى ظل التحديات الكبيرة الناتجة عن التطورات الإقليمية والدولية المتعددة، والحرص على الارتقاء بالتعاون والشراكة لتعظيم استفادة الدول الثلاث من الفرص والإمكانات الكامنة فى علاقات التعاون بينهم، فضلا عن كون هذه العلاقات تمثل حجر أساس للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمى وإعادة التوازن للمنطقة، وذلك فى ضوء الأهمية المحورية لمصر والبحرين والأردن إقليميا ودوليا، وزيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، والتى تأتى فى ظل تحركات عربية تسعى لبناء مواقف متوازنة، وسط مستوى عال من التعاون والتنسيق بما يحقق مصالح البلدين والشعبين، والمصالح العربية، فى ظل تحولات دولية تنعكس على الاقتصاد والسياسة فى العالم وبالتالى على الإقليم، مع الاستعداد للقمة المرتقبة التى سوف تستضيفها المملكة العربية السعودية الشقيقة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجى ومصر والأردن والعراق والولايات المتحدة الأمريكية، هذا بجانب تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة على الصعيدين الاقتصادى والاستثمارى، وتدشين المزيد من المشروعات المشتركة فى ضوء ما يتوافر لدى الجانبين من فرص استثمارية، واستغلال المجالات المتاحة لتعزيز التكامل بينهما.
وشهدت القمم المتعددة للرئيس مباحثات حول بناء مواقف عربية متوازنة، خاصة أن ولى العهد السعودى، غادر مصر إلى الأردن، فى جولة إقليمية تتعلق بنفس القضايا، وأكد الطرفان المصرى والسعودى على أهمية استمرار التنسيق والتشاور المكثف وتبادل وجهات النظر بين مصر والسعودية للتصدى لما تواجهه الأمة العربية من تحديات وأزمات، والوقوف أمام التدخلات فى الشؤون الداخلية للدول العربية على نحو يستهدف زعزعة أمن المنطقة وشعوبها، وأشاد ولى العهد السعودى بدور مصر المحورى والراسخ كركيزة أساسية للأمن والاستقرار فى المنطقة، وتبعتها زيارة الأمير تميم بن حمد للقاهرة والتى جاءت فى نفس سياقات وتفاعلات عربية وإقليمية تتعلق بالقضايا المتعددة.
بالطبع فإن الزيارات واللقاءات تحمل الكثير من الرسائل، فيما يتعلق بتعزيز الشراكة الاقتصادية استثماريا وتجاريا، استجابة لأزمة عالمية فرضت واقعا جديدا، يدعم فكرة التقارب والتعاون والشراكات الاقتصادية، بحثا عن اكتفاء ذاتى، وخلق قيم مضافة، والتعامل مع ما خلفته الأزمة العالمية من أزمات فى سلاسل النقل والغذاء، وتغيرات فى أسواق الطاقة.
إقليميا فإن تحركات الرئيس عبدالفتاح السيسى ومباحثاته، تناولت القضايا الإقليمية، والمسارات السياسية فى ليبيا واليمن وسوريا، والعراق، خاصة فى ظل رغبة عربية باتخاذ زمام المبادرة، لبناء مواقف عربية وإقليمية تنطلق من المصالح العربية، وعدم انتظار تدخلات أو مواقف خارجية، يصعب تحقيقها، فى ظل انشغال الدول الكبرى، والمنظمات الدولية بمنافساتها وبأزمة عالمية تستدعى الاهتمام، وهى رؤية تطرحها القاهرة والرئيس عبدالفتاح السيسى، على مدى سنوات، انطلاقا من دور فاعل لمصر فى بناء سياسات متوازنة، ونظام إقليمى يمكنه التفاعل مع تحولات كبرى فى العالم.
p
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة