عاصفة سياسية اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية بعد قرار المحكمة الأمريكية العليا إلغاء قرار محكمة يجيز الحق فى الإجهاض، حيث أدان الديمقراطيون وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي، جو بايدن ونانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب القرار باعتباره عودة إلى الخلف فى ملف حقوق المرأة، بينما أشاد الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب ونائبه مايك بنس بالقرار باعتباره انتصارا لقيم المحافظين.
وانتشرت الاحتجاجات فى عدد من المدن الأمريكية حيث أعلن النشطاء عن نيتهم مواصلة الاحتجاجات فى الأيام القريبة القادمة. وشارك فى هذه الاحتجاجات ممثلون عن حركات ومؤسسات يسارية مختلفة تدافع أيضا عن عدد آخر من المطالب السياسية والاجتماعية ومن بينها حماية حقوق المواطنين السود والأقليات الجنسية ووقف الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية.
وفى محاولة للتصدى لتداعيات القرار، أصدر الحكام الديمقراطيون فى ولايات كاليفورنيا وأوريجون وواشنطن، التزامًا جديدًا بتكريس حقوق الإجهاض عبر الساحل الغربي، حيث تصارع الولايات المتحدة بشأن حكم المحكمة العليا بإلغاء الحق الفيدرالى فى الإجهاض، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وتعهد حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، وحاكمة ولاية أوريجون كيت براون، وحاكم واشنطن جاى إنسلي، بالدفاع عن الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية وحماية أولئك الذين يعبرون حدودهم، ووصفوا ولاياتهم بأنها "ملاذ آمن لجميع الأشخاص الذين يسعون إلى عمليات الإجهاض وخدمات رعاية الصحة الإنجابية الأخرى".
وتعهدوا بإعاقة التحقيقات خارج الولاية أو الجهود المبذولة لاستهداف أولئك الذين يتلقون خدمات فى ولاياتهم، بما فى ذلك منع تطبيق القانون المحلى من التعاون مع وكالات خارجية.
وأوضحت الصحيفة أن المدعين العامين بالولاية الذين أيدوا قرار المحكمة العليا بإلغاء قضية رو ضد وايد: هم كريس كار من جورجيا، وكين باكستون من ولاية تكساس، وإريك شميت من ولاية ميسوري.
وقال نيوسوم فى بيان: "تعاونت كاليفورنيا مع أوريجون وواشنطن للدفاع عن النساء وحماية الوصول إلى رعاية الصحة الإنجابية. لن نجلس على الهامش ونسمح للمرضى الذين يسعون للحصول على الرعاية الإنجابية فى ولاياتنا أو الأطباء الذين يقدمون هذه الرعاية أن يتعرضوا للترهيب من خلال الملاحقة الجنائية. نحن نرفض العودة وسنقاتل مثل الجحيم لحماية حقوقنا وقيمنا ".
ويمهد قرار المحكمة العليا يوم الجمعة بإلغاء قرار رو ضد وايد، وهو القرار التاريخى الذى كان يحمى الحقوق الإنجابية فى الولايات المتحدة لما يقرب من 5 عقود، الطريق لعدد كبير من الولايات التى تنوى التراجع عن حقوق الإجهاض. من المتوقع أن تحظر 26 ولاية على الأقل الإجهاض فورًا أو فى أقرب وقت ممكن عمليًا بعد القرار، مما يؤثر على 40 مليون شخص.
واعتبرت الصحيفة أن الشباب ، السود ، وأولئك الذين لديهم أطفال بالفعل من المرجح أن يتحملوا وطأة تلك التراجعات.
قالت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية أن قرار المحكمة الأمريكية العليا فاجئ الجميع رغم توقع تحول المحكمة العليا المكونة من تسعة قضاة من بينهم ستة قضاة محافظين إلى اليمين، لكن لم يكن من المتوقع أن تتحرك بهذه السرعة وإلى هذا المدى.
وأصدرت الأغلبية العظمى للمحكمة العليا قرارًا تاريخيًا الجمعة بمحو حق دستورى عمره 50 عامًا تقريبًا فى الإجهاض بإلغاء قضية رو ضد وايد.
فى اليوم السابق، كرست المحكمة حق حمل مسدس فى حكم بإسقاط قانون تصاريح الحمل المخفى فى نيويورك. فى وقت سابق من الأسبوع، أصدرت حكمًا آخر يوسع الحرية الدينية.
واعتبرت الصحيفة أن القرارات، التى أثارت ازدراء الليبراليين الثلاثة فى المحكمة، مثلت قفزة عملاقة للقضية المحافظة، وقدمت أوضح إشارة حتى الآن على مدى استعداد القضاة الستة المعينين من قبل الجمهوريين لدفع المحكمة العليا إلى اليمين.
وتؤكد الصدمة أيضًا على مدى تحول المحكمة منذ أن منع زعيم الجمهوريين فى مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل اختيار الرئيس أوباما النهائى من الوصول إلى المحكمة، ثم سرعان ما دفع بثلاثة ترشيحات من الرئيس ترامب.
وتشير القرارات إلى أن المحكمة لا تريد إضاعة الوقت.
قال روبرت تساى، أستاذ القانون فى جامعة بوسطن: "تشعر الأغلبية 6-3 أن لديهم نافذة ضيقة للقيام بكل الأشياء المهمة للحركة القانونية المحافظة. أنت لا تعرف أبدًا متى ستغلق النافذة ولذا فهم يتصرفون بإلحاح."
واعتبرت الصحيفة أن هذا الأسبوع كان بمثابة لحظة انفراج بالنسبة لجهود الحركة القانونية المحافظة الممولة تمويلًا جيدًا لإعادة تشكيل الحياة الأمريكية بطرق أساسية.
لعقود من الزمان، كانت قضية رو ضد وايد فى مرمى نيران المحافظين، حيث استغلت نخب الحزب الجمهورى قضية الإجهاض لتوحيد المحافظين الاجتماعيين والمسيحيين الإنجيليين. كان الإطاحة بحكم 1973 التاريخى يوم الجمعة بمثابة إنجاز كبير ترك معارضى الإجهاض سعداء.
وقال نائب الرئيس السابق مايك بنس، الذى قاد حملته الانتخابية كنائب لترامب فى عام 2016، وتعهد بإنهاء الحق الفيدرالى فى الإجهاض: "اليوم، الحياة تفوز. بإلغاء قضية رو ضد وايد، أعطت المحكمة العليا للولايات المتحدة الشعب الأمريكى بداية جديدة للحياة وأنا أشيد بالقضاة لشجاعتهم فى قناعاتهم".
لكن القرار، الذى قال معظم الأمريكيين إنهم سيعارضونه، أشعل عاصفة سياسية حيث بدأ تفكيك حقوق الإجهاض فى الظهور فى الولايات فى غضون ساعات من صدور الحكم. قال مراقبو المحكمة إنه بما أن النساء فى جميع أنحاء البلاد يجدن أنفسهن ممنوعات من إنهاء حمل غير مرغوب فيه، فمن المرجح أن تتراجع ثقة الجمهور فى المحكمة العليا لأدنى مستويات تاريخية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة