فيما يبدو أنه اعترافا من الغرب بعدم تحقيق الجدوى المرجوة من فرض حظر على النفط الروسى، تتجه دول مجموعة السبع إلى السماح بشراء النفط من روسيا، رغم استمرار حربها فى أوكرانيا، مع وضع "تسعيرة" لشرائه بسعر منخفض، وذلك من أجل خفض عائدات موسكو من الخام وفى نفس الوقت إرساء الاستقرار فى أسعار الطاقة عالميا.
وطرح ممثلون من دول مجموعة السبع، التى تنعقد قمتها حاليا فى ألمانيا، اقتراحا يعكس تراجعا فى موقف الغرب من روسيا منذ بداية الحرب الأوكرانية فى 24 فبراير الماضى، وذلك بتفاوضها على اتفاق من أجل شراء النفط الروسى، رغم العقوبات الغربية، شريطة أن يكون بأسعار مخفضة.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن دولا من مجموعة السبع أعلنت مساء الأحد، أنها ستحظر واردات الذهب الروسى، ويرى المسئولون الأمريكيون أن كلا الأمرين، حظر الذهب وشراء النفط الروسى المحتمل بسعر مخفض، وسيلتان لتقويض المصادر الرئيسية للعائدات التى تمول حرب موسكو ضد أوكرانيا وعزلها بشكل أكبر عن النظام المالى العالمى. وكانت تلك الجهود هى المحور الرئيسى للاجتماع، سواء المعلن أو خلف الكواليس، مع سعى القادة لتعزيز التضامن مع أوكرانيا.
وتوضح نيويورك تايمز أنه على الرغم من تراجع صادرات النفط الروسى فى ظل العقوبات، إلا أن عائدات موسكو من مبيعات النفط لا تزال مرتفعة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود. ويواجه المستهلكون حول العالم ألما متصاعدا من ارتفاع الأسعار، وهو ما دفع قادة السبع للبحث عن طرق للحد من عائدات روسيا وتخفيف الضغط على أسعار الطاقة، الذى أدى إلى زيادة معدل التضخم.
وأخبرت وزيرة الخزانة الامريكية جانيت يلين القادة الأجانب أن أفضل طريقة لتحقيق كلا الهدفين هو فرض معا يسمى بـ "الحد الأقصى للسعر" على مبيعات النفط إلى أوروبا، مما يسمح لموسكو ببيع مزيد من النفط فى السوق العالمى لكن مع حصد عائدات أقل منه.
ولا يزال يتعين على القادة دراسة تفاصيل هذا النهج، والذى يمكن أن ينجح فى ظل العقوبات القائمة لأن حظر صادرات النفط الروسى إلى أوروبا سيتم تدريجيا على عدة أشهر، إلا أن الحد الأقصى للسعر يمكن أن يبدا إلكترونيا بشكل أكثر سرعة.
ويقول مؤيدو الفكرة، ومن بينهم بعض كبار المسئولين الاقتصاديين فى أوكرانيا، إنها ستدفع الدول الأخرى التى تشترى النفط الروسى حاليا بسعر مخفض مثل الهند والصين إلى المطالبة بأسعار أقل من موسكو.
وتحدثت صحيفة وول ستريت جورنال عن الاقتراح الغربى أيضا، ونقلت عن مسئولين مطلعين أن مجموعة الدول السبع تتجه ببطء نحو اتفاق، بشأن توسيع نطاق عقوباتها ضد روسيا من خلال البحث عن آلية من شأنها أن تحد من سعر شراء النفط الروسي، غير أن التفاصيل لا تزال قيد الإعداد.
ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مسئولين قولهم إنه يتم حاليا الانتهاء من تفاصيل تحديد الحد الأقصى لسعر شراء النفط، والذى من شأنه أن ينشئ "اتحادا احتكاريا للمشترين من الدول الغربية وحلفائها"، فضلا عن استيراد الذهب وكلاهما اقترحته الولايات المتحدة قبل اختتام القمة الثلاثاء.
من جانبها قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين قبل اجتماع مجموعة السبع، أن الولايات المتحدة تنخرط فى محادثات "نشطة للغاية" مع الحلفاء الأوروبيين حول الجهود المبذولة الرامية إلى تشكيل اتحادا للمشترين وتحديد سقف لسعر النفط الروسي، ولفرض مثل هذا الحد الأقصى، قالت الأسبوع الماضى أن المسؤولين يراجعون استثناء محتملا من حظر الاتحاد الأوروبى على تأمين شحنات النفط الروسي، والذى من شأنه أن يسمح لشركات التأمين بتغطية شحنات النفط الروسى فقط فى حال انخفاض سعر البيع لما دون السقف المحدد.
وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن الهدف من المحادثات يكمن فى إبقاء النفط الروسى متاحا فى الأسواق العالمية للمشترين مثل الهند والصين، وهو الأمر الذى ربما يساعد فى استقرار الأسعار التى تتجه بالفعل عند مستويات متضاعفة تقريبا لما قبل الوباء، وفى الوقت ذاته إنشاء آلية يمكن للدول الغربية استخدامها لتقييد الإيرادات الروسية من المبيعات.
وقال رئيس الوزراء الإيطالى ماريو دراجى خلال الاجتماع أن تحديد سقف الأسعار سيكون فعالا ضد روسيا، لأنه سيخفض التدفقات المالية إلى موسكو مع خفض التضخم، الذى ارتفع فى جميع أنحاء الغرب مدفوعا بشكل جزئى بأسعار الطاقة، حسبما قال مسؤول مطلع على المحادثات.
ومضت الصحيفة الأمريكية تقول إن العقوبات التى فرضها الغرب على صادرات موسكو من الطاقة، فى سياق ارتفاع التضخم الذى سبق العمليات الروسية فى أوكرانيا، كان لها آثار جانبية خطيرة على أوروبا والولايات المتحدة الأمر الذى أسفر عن ارتفاع الأسعار، ما أدى إلى انخفاض دخل المواطنين، فضلا عن إذكاء السخط الشعبي.
وتعارض ألمانيا ودول أخرى فى الاتحاد الأوروبى -التى تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي- حتى الآن تحديد سقف أو حظر على مشتريات الغاز، إذ تتدافع حكوماتها لتأمين مصادر بديلة للإمداد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة