قال المستشار بهاء الدين المري، رئيس محكمة جنايات المنصورة، كلمة مؤثرة خلال محاكمة المتهم بقتل زميلته نيرة أشرف الطالبة بكلية الآداب جامعة المنصورة.
ونعيد نشر كلمة المستشار بهاء الدين المري خلال المحاكمة والتى قال فيها:
"دنيا مقبلة زخارفها، وإنسان متكالب على مفاتنها، مادية سيطرت، فاستلبت العقول وصار الإنسان آلة. يقينٌ غاب، وباطل بالزيف يحيى، وبيت غاب لسبب أو لآخر، والمؤنسات الغاليات صرن في نظر الموتورين سلعة، والقوارير فواتير، ونفس تدثرت برداء حب زائف مكذوب، تأثرت بثقافة عصر اختلطت فيه المفاهيم. الرغبة صارت حبا، والقتل لأجله انتصارا، والانتقام شجاعة، والجرأة على قيم المجتمع تسمى حرية مكفولة، ومن هذا الرحم، ولد جنينا مشوها.. وقود الأمة صار حطبها.. بات النشء ضحية قدوة مشوهة، وثقافات هذا هو حالها، ومن فرط شيوعه، واعتباره من قبيل كثيرين، كشفا لواقع، زين لهم فرأوه حسنا، فكان جرم اليوم له نتاجا، أفتذهب نفسنا عليهم حسرات؟!
إن هذا الخلل، إن لم نأخذ على أيدي الموتورين ومروجيه، استفحل ضرره، وعز اتقاء شره، واتسع الرتق على الراتق.
ولكل ما تقدم، تطلق المحكمة صيحة: يا كل فئات المجتمع.. لا بد من وقفة، يا كل من يقدر على فعل شيء.. هلموا، اعقدوا محكمة صلح كبرى، بين قوى الإنسان المتباينة، لننمي فيه أجمل ما فيه، أعيدوا النشء الملتوي إلى حظيرة الإنسانية، علموهم أن الحب قرين السلام، قرين السكينة والأمان، لا يرتفع أبدا بالقتل وسفك الدماء، أن الحب ريح من الجنة وليس وهجا من الجحيم، لا تشوهوا القدوة في معناها، فتنحل الأخلاق، عظموها تنهض الأمة، هكذا يكون التناول بالتربية، بالموعظة الحسنة، بالثقافة بالفنون، بمنهج تكون الوسطية وسيلته، والتسامح صفته، والرشد غايته.
وإلى الآباء والأمهات أقول: لا تضيعوا من تعولون، صاحبوهم، ناقشوهم، غوصوا في تفكيرهم، لا تتركوهم لأوهامهم، اغرسوا فيهم القيم.
وإلى القاتل أقول: جئت بفعل خسيس، هز أرضا أبية أسرت لويس، أرقت دما طاهرا بطعنات غدر جريئة، ذبحت الإنسانية كلها يوم أن ذبحت ضحية بريئة. إن مثلك كمثل نبت سام في أرض طيبة، كلما عاجله القمع قبل أن يمتد، كان خيرا للناس وللأرض التي نبت فيها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة