تسعى الولايات المتحدة للضغط على الحكومة البريطانية لإعادة النظر فى صفقة استحواذ شركة صينية على مصنع للرقائق الإلكترونية فى ويلز.
وقالت صحيفة "وال ستريت جورنال" الأمريكية إن شركة مملوكة للصين اشترت مصنعا للرقائق في بريطانيا العام الماضي، وعقب إبداء الولايات المتحدة اعتراضها على الصفقة، بدأت المملكة المتحدة تحقيقًا قد يؤدي إلى إلغاء الصفقة .
وأطلق وزير الأعمال البريطاني كواسي كوارتنج، الإسبوع الماضي مراجعة أمنية على الصفقة، التي اشترت فيها شركة فرعية هولندية تابعة لشركة صينية لتصنيع الرقائق مصنعًا لأشباه الموصلات في ويلز.
وأطلع دبلوماسي من السفارة الأمريكية في لندن المسؤولين البريطانيين في الأسابيع الأخيرة أن المصنع - إذا عاد في أيدي البريطانيين - يمكن أن يساعد المملكة المتحدة في أن تصبح مركزًا لتصنيع الرقائق الحاسمة للسيارات الكهربائية.
ولم يطلب الدبلوماسي من المسؤولين البريطانيين إلغاء الصفقة، على حد قول المسؤولين، لكنه أوضح أن الولايات المتحدة تفضل ذلك. وتعد مراجعة المملكة المتحدة هي واحدة من أولى التحقيقات الرئيسية المنبثقة عن السلطات الجديدة التي اعتمدتها بريطانيا مؤخرًا والتي تسمح بالتحقيق في عمليات الاستحواذ الأجنبية على أسس تتعلق بالأمن القومي، حتى بأثر رجعي.
ويعد التواصل الأمريكي، الذي لم يتم الإبلاغ عنه مسبقًا، جزءًا من الدبلوماسية السرية التي يتم إجراؤها الآن وسط الحرب الباردة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين. وأوضح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن استراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي عندما قال إن واشنطن ستعتمد على التحالفات لمواجهة بكين التي إنها تريد كسب نفوذ على دول أخرى من خلال اعتمادهم على التكنولوجيا الصينية. وخص بلينكن بطاريات السيارات الكهربائية والألواح الشمسية على أنها "قطاعات رئيسية في اقتصاد القرن الحادي والعشرين لا يمكننا السماح لها بالاعتماد كليًا على الصين".
ورداً على خطابه، قالت السفارة الصينية في واشنطن إن الولايات المتحدة والصين لديهما مصالح مشتركة وإن بكين ليس لديها نية لتجاوز الولايات المتحدة أو استبدالها.
وأصبح تجنيد الحلفاء لاحتواء الطموحات التكنولوجية للصين، التي تضخ الأموال في صناعة أشباه الموصلات الخاصة بها، أولوية من الحزبين في واشنطن. وضغطت إدارتا ترامب وبايدن على الحكومة الهولندية لمنع أيه أس أم أل القابضة، التي تصنع معدات متطورة لصنع الرقائق، من بيع معداتها إلى الصين. وجمعت واشنطن أيضًا بين الدبلوماسية وضوابط التصدير لشل شركة هواوي، وهي شركة صينية عملاقة للهواتف المحمولة وهواتف ذكية.
وقال شخص مقرب من إدارة بايدن إن هدف الإدارة هو إجراء محادثات لمواءمة الولايات المتحدة مع الحلفاء بشأن المنافسة التكنولوجية ولكنها لا تطلب من الدول الأخرى اتخاذ إجراءات محددة. ورفضت متحدثة باسم الحكومة البريطانية التعليق على المناقشات مع المسؤولين الأمريكيين. وقالت: "نحن ملتزمون بقطاع أشباه الموصلات والدور الحيوي الذي يلعبه في اقتصاد المملكة المتحدة".
وقال متحدث باسم السفارة الصينية في المملكة المتحدة إن الأنشطة التجارية يجب ألا تخضع لمثل هذا التدخل الأمريكي وأن الولايات المتحدة تنتهك قواعد التجارة الدولية.
وتركز الجهود الدبلوماسية الأمريكية في المملكة المتحدة على مصنع "نيوبورت ويفر فاب" في مدينة ساحلية في ويلز الذي يعد في منتصف سلسلة توريد أشباه الموصلات التي تحول السيليكون إلى أشكال دائرية يتم تقطيعها في النهاية إلى رقائق. وكان المصنع يواجه صعوبات مالية
وكان مدينًا للحكومة المحلية حتى قامت الشركة الهولندية نيكسبريا بالاستحواذ عليه بالكامل في يوليو الماضي مقابل حوالي 80 مليون دولار. وتعد نيكسبريا شركة هولندية تابعة لشركة وينجتيك تكنولوجي الصينة، مقاول تصنيع إلكترونيات الاستهلاكية العملاقة لشركات مثل هواوي وسامسونج.
وتتمتع شركة وينجتيك بعلاقات مع الدولة الصينية. ويمكن إرجاع حوالي 22 % من ملكية الشركة إلى كيانات حكومية صينية أو شركات مملوكة للدولة، وفقًا لشركة داتنا، وهي شركة تبحث في البيانات الصناعية الصينية.
وقام رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ بزيارة موقع إنتاج وينجتيك في الصين في مايو وأشاد باستراتيجية الشركة العالمية، وفقًا لما جاء في منشور على موقع الشركة على الإنترنت. وقال الرئيس التنفيذي لشركة وينجتيك إن الشركة ستواصل السعي إلى عمليات الاندماج والاستحواذ في الخارج على الرغم من التوترات الجيوسياسية المتزايدة، وفقًا للمنشور، وأن وينجتيك ستصبح معيارًا جديدًا للشركات الصينية الخاصة التي تنتقل إلى العالمية.
وقالت نيكسبريا، التابعة لوينجتيك، إنها اشترت المصنع البريطاني لتعزيز القدرة الإنتاجية العالمية. وقال متحدث باسم نيكسبريا إنه منذ شراء المصنع، سددت الشركة ديون الحكومة المحلية والتزمت باستثمار حوالي 100 مليون دولار في المصنع ووظفت 50 موظفًا جديدًا وبذلك رفعت عدد الموظفين إلى 500. وأضاف المتحدث إن المصنع لا يمثل مشكلة ولا يمثل خطرًا على الأمن القومي لأنه يصنع إلى حد كبير رقائق لمجففات الشعر والأجهزة الشائعة الأخرى.
وقال أشخاص مقربون من الشركة البريطانية "نيوبورت ويفر فاب" وبعض المشرعين البريطانيين إن المصنع بدأ في التحول إلى صنع شيء يسمى أشباه الموصلات المركبة أو الرقائق التي تستخدم مواد غير السيليكون التقليدي.
ويقول المسؤولون التنفيذيون في صناعة الرقائق إن أشباه الموصلات المركبة ضرورية للإطالة عدد الأميال التي تستطيع السيارة الكهربائية قطعها، من بين أمور أخرى. وبالنسبة لبعض المشرعين في المملكة المتحدة، كان القلق هو أن المصنع كان جزءًا من مجموعة من المصانع ومراكز الأبحاث التي تسيطر عليها بريطانيا في الغالب في ويلز بهدف أن تصبح مركزًا رائدًا عالميًا لأشباه الموصلات المركبة. ولدى الولايات المتحدة قلق من أن بريطانيا ستفقد السيطرة على مصنع رئيسي في تلك المجموعة، وفقًا لأشخاص مطلعين على التواصل الأمريكي.
وأشار متحدث باسم نيكسبريا إلى إنه عندما استحوذت الشركة على المصنع البريطاني أوقف المصنع المشاريع التي تتضمن أشباه الموصلات المركبة وركز على رقائق السيليكون.
وحث رئيس لجنة الشؤون الخارجية في برلمان المملكة المتحدة، توم توجندهات، عضو حزب المحافظين بزعامة جونسون، الحكومة دون جدوى على منع عملية الشراء قبل اكتمالها العام الماضي. وفي أبريل الماضي، نشرت اللجنة تقريرًا شجع الحكومة على التدخل في عملية الاستحواذ، نظرًا لنقص الرقائق العالمية وطموحات بكين التكنولوجية.
وفي وقت لاحق من شهر أبريل، حصل هؤلاء المشرعون البريطانيون على دعم عبر المحيط الأطلسي حيث طلب تسعة من الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي، بمن فيهم العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية مايكل ماكول، من الرئيس بايدن الضغط على بريطانيا لإلغاء الصفقة.
وقال النواب: "إن من مصلحة بلدينا على المدى الطويل ضمان عدم قدرة (الصين) على السيطرة على أي جزء من سلاسل التوريد الهامة مثل أشباه الموصلات لا سيما عندما تكون موجودة على أرض حليفة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة