رصدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في عددها الصادر اليوم الخميس، تفاقم أزمة الوقود في العديد من البلدان الإفريقية وارتفاع أسعاره، ما شكل ضغوطًا متزايدة على المستهلكين وسائقي الشاحنات، الذين يمضي بعضهم أسابيع عالقين على الطرق السريعة والمعابر الحدودية بسبب نقص الوقود.
وقالت الصحيفة -في مستهل تقرير نشرته عبر موقعها- إن في كينيا اصطف السائقون لساعات طويلة لملء خزاناتهم، وفي نيجيريا، هددت شركات الطيران بإيقاف جميع الرحلات الداخلية نظرًا لارتفاع سعر وقود الطائرات.
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من امتلاك أفريقيا لاحتياطيات هائلة من النفط الخام، إلا أن قدرتها المحدودة على تكريره جعلت الاقتصادات في العديد من بلدان القارة السمراء تعتمد بالكامل على الوقود المستورد، والذي زاد سعره بشكل كبير، ما شكل ضغوطات متزايدة على جميع أنواع الأعمال التجارية بداية من المخابز الصغيرة ووصولا إلى شركات الطيران، وكذلك على المستهلكين المُثقلين بالفعل بأسعار الغذاء المتصاعدة والاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
وتابعت: أنه بينما تمتلك إفريقيا جنوب الصحراء وحدها ما يقدر بنحو 125 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام، تقوم بتصدير هذا النفط ثم تستورده مرة أخرى كوقود مكرر بأسعار أعلى بكثير، الأمر الذي جعل البلدان الإفريقية معرضة بشكل خاص للزيادة الحادة في أسعار الوقود العالمية الناجمة عن العمليات الروسية في أوكرانيا، كما أنها غالبًا ما تقف في مؤخرة الخط لاستيراد الوقود، حيث تعطي المصافي الأولوية للأسواق الأكبر في البلدان المتقدمة في أوقات ارتفاع الطلب.
وتعتمد البلدان في هذه المنطقة من القارة السمراء على الوقود المستورد لأكثر من 90% من طلبها المحلي، حيث تنتج المصافي في القارة أقل من 400 ألف برميل يوميًا، وفقًا لبيانات صدرت عن شركة CITAC للاستشارات في مجال الطاقة، والتي أكدت بأن ضعف الكفاءة والافتقار إلى الاستثمارات المناسبة في الصيانة جعل المصافي الحالية تعمل بأقل من 30% من طاقتها المثلى.
وتعليقًا على ذلك، أكد سيباستيان سبيو-جاربرا، كبير المحللين في شركة DaMina Advisors الاستشارية، في تصريحات خاصة للصحيفة: أن الزيادات في أسعار الوقود تنتقل عادة إلى المستهلكين بسرعة أكبر، وهذه الأسعار تحدد تكلفة كل شيء تقريبًا في إفريقيا، بما في ذلك الطعام".
وأبرزت "وول ستريت جورنال" أن تداعيات هذا الأمر تتفاقم بشدة في إفريقيا بسبب الدخل المنخفض للسكان، حتى أنه في بعض البلدان، أدى انخفاض قيمة العملات الوطنية إلى الزج بالملايين في مشاكل كبيرة لدفع ثمن الوقود - الذي يتحدد سعره بسعر الصرف مع الدولار - أو مواجهة ارتفاع أسعار أجرة السيارات الصغيرة التي يعتمد عليها الكثيرون للذهاب إلى العمل، وقال ختيوي مويو، وهو مدرس في مدرسة ابتدائية في هراري، عاصمة زيمبابوي:" لا أحد يريد الذهاب إلى أي مكان بعد الآن ما لم يكن ذلك ضروريًا للغاية".
وفي نيجيريا، التي تعد أكبر مصدر للنفط الخام في إفريقيا جنوب الصحراء والأكثر اكتظاظًا بالسكان، قلت إمدادات الوقود بشكل كبير، نظرا لعدم تشغيل أي من المصافي الأربع المملوكة للدولة في البلاد بسبب مشاكل الصيانة، وفقًا لشركة النفط الوطنية النيجيرية.
وفي الشهر الماضي، هددت شركات الطيران في نيجيريا بإيقاف جميع الرحلات الداخلية، وألقت باللوم على نقص وقود الطائرات والأسعار التي تضاعفت لأكثر من ثلاثة أضعاف حتى وصلت إلى 1.70 دولار للتر الواحد!. من جانبه، قال عبد المناف يونوسا سارينا، رئيس اتحاد شركات الطيران النيجيرية:" لا يمكن لأي شركة طيران في العالم أن تمتص هذا النوع من الصدمة المفاجئة كالتي تعرضنا لها عندما وجدنا أنفسنا أمام ارتفاع فلكي في الأسعار خلال فترة قصيرة".
وردا على ذلك، قامت العديد من الحكومات، بما في ذلك كينيا، حيث عانى سائقو السيارات من طوابير طويلة لأسابيع في محطات الوقود، بزيادة الإعانات أو خفض الضرائب على الوقود لخفض الأسعار، وقامت دول أخرى باتخاذ إجراءات صارمة ضد ارتفاع الأسعار.
