بمشروعات تخرج مميزة، نجح خريجو كلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، بأن يتميزوا ويبدعوا بلمساتهم الفنية وأفكارهم الإبداعية الخلاقة، من خلال تجسيد القيم والمشاكل المجتمعية المختلفة، والواقع في أبهى صوره، وما تعيشه النفس البشرية من مشاعر وأحاسيس متداخلة ما بين الحزن والاضطراب والخوف من العزلة والألم والفرح، واستلهام صور من التراث المصري، تعكس علاقتهم بالواقع الراهن، وتبرز سعيهم للكشف عن حلول لتلك المشاكل والأزمات؛ معتمدين على الفن والإبداع كمخرج من الصراعات الإنسانية.
تحت عنوان "قيود".. تحدثت الفنانة نوران الديب خريجة قسم التصوير الزيتي بكلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، لـ"اليوم السابع"، عن مشروع تخرجها وما يحمله من رسائل مجتمعية هامة، فقالت إنها جسدت في عملها الفني ما تعيشه الغارمات من آلام وأحزان ومعاناة طوال حياتهم بعد تضحيتهن بحريتهن في مقابل توفير حياة كريمة لأبنائهن، مشيرة إلى أن السجن بالنسبة لهن ليس مجرد حجرة خلف قضبان بل هو سلب للحرية بأكملها وتجريد من الحياة، فتكون حياة السجينة الغارمة أشبه بالقيد الذي يحطم نفسيتها داخل وخارج السجن، وكغبارة ظل تقع عليها وتجعلها أكثر ضعفا وهشاشة وسط محيط هائل من الظلمة وقيود المعاناة الفكرية والجسدية.
وتابعت أنها استطاعت بلوحتها الفنية المعبرة والتي تحمل عنوان "قيود"، أن تقدم رؤية تشكيلية للقيود النفسية التي تعيشها السيدات الغارمات بعد دخولهن السجن لعدم قدرتهن على تسديد ديونهن، وما يعشن فيه من معاناة وآلام ومشاعر نفسية بعد خروجهن من محبسهن، مشيرة إلى أن مقابلتها لسيدة غارمة سجينة نقلت لها ما تعيشه من آلام ومشاعر نفسية صعبة كان سببا في اختيارها لفكرة مشروع تخرجها الذي جسد في رؤيته أن السجن سيظل وصمة اجتماعية ونفسية في حياة أي انسان وتحديدا الغارمات.
وقالت إنها حاولت أن تصور ما يعشن فيه الغارمات من حالة نفسية صعبة قد لا يعرفها ولا يشعر بها البعض، مضيفة أن المجتمع ينظر إلى السيدة الغارمة ستسجن لفترة مؤقتة قد تصل لعام، غافلين عما تشعر به من مشاعر وأحاسيس صعبة نتيجة هذا السجن، مؤكدة على أن اللوحة تؤكد في تفاصيلها على أن الغارمة تسجن نفسيا وداخليا قبل أن تسجن جسديا بـ"كلبشات" تقيدها، حيث أنها تعيش في قيود طوال حياتها ففي السجن تحرم من أبنائها، وأهلها، حياتها وحريتها، وبعد خروجها تظل سجينة في نظرة المجتمع لها الذي يراها شخصا مذنبا ارتكبت خطأ جسيما وستظل تحاسب عليه وتدفع ثمنه طوال حياتها في سبيل تضحياتها لتوفر متطلبات واحتياجات أبنائها وأسرتها.
وأوضحت أن اللوحة تجسد الغارمة في شخص انجرفت منه حريته وظل معه ضعفه وهشاشته في ظل ما يعيشه في قيود تمنعه من الدفاع عن نفسه، مشيرة إلى أنها حاولت أن توصل الحالة النفسية للسجينة الغارمة أكثر من الحالة الواقعية، حيث رمزت للقيود النفسية بـ"الجنازير" التي تقيد قدماها وتمنعها من الحركة أي تقيد حريتها، كما اعتمدت على مرآة كبطل للوحة والتي تعكس الحالة النفسية الصعبة وحالة الخذلان والضعف والهشاشة التي تعيشها الغارمات، كما اعتمدت على أن تجعل بطلات لوحتها من الغارمات منهم من تجلس على الأرض ومن هي نائمة عليها، حتى تصور حالة الضعف والأذى النفسي لهم، كما أكلمت رسالتها بثلاث لوحات إضافية أكملت بهم قصة ورسالة لوحتها الأساسية، فصورت من خلالهم الحالة النفسية للسيدة الغارمة لحظة "الفيش" في السجن، حيث جسدت من خلال نظرت السيدة الغارمة أثناء التقاط صور "الفيش" لها كل ما يسيطر عليها من أفكار كتفكيرها في أبنائها، وفي أنها قد لا تراهم مجددا، وما سيحدث لها بعد خروجها من السجن.
"الناس دي مهدور حقها في المجتمع، الناس دي مأجرمتش وكان كل ذنبهم إنهم ضحوا في سبيل توفير حياة كريمة لأولادهم"، بهذه الكلمات تابعت "نوران" حديثها، فقالت إن المجتمع قادر على أن يساعدهم في الحصول على حقوقهم من الحياة ويوفر لهم الدعم النفسي والمعنوي الذي يمنحهم الحياة والعيش بصورة أفضل، مشيرة إلى أن لوحتها هي رسالة لكل أفراد المجتمع والهيئات المعنية للاهتمام بالحالة النفسية للسيدات الغارمات داخل وخارج السجن، حيث يفقدن حريتهن وخصوصيتهن كسيدات.
وكان الدكتور محمد عطية البيومي نائب رئيس الجامعة للتعليم والطلاب بجامعة المنصورة، قد تفقد معرض مشروعات تخرج الدفعة الرابعة فنون والدفعة الثانية عمارة بكلية الفنون الجميلة بالجامعة، وأشاد خلالها بالجهد المبذول من طلاب كلية الفنون الجميلة وأساتذتها لإقامة هذا المعرض، فضلا عن المستوى المتميز لطلاب الكلية والذى يعكس الحس الفني وارتفاع مستوى مهاراتهم.
وأشار الدكتور عمر غنيم عميد كلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، خلال تقييم مشاريع الخريجين، إلى أن هذا المعرض يتضمن 250 عمل فني بأقسام الجرافيك والتصوير والنحت والديكور، موضحا أن الأعمال الفنية تتناول كافة جوانب الحياة، حيث ناقشت أعمال الديكور المناطق السياحية والفنادق والنوادي، وركزت أعمال الجرافيك على التصميمات المطبوعة والموضوعات التجريبية، واهتمت أعمال النحت بالموضوعات الواقعية، واستعرضت أعمال الفنون التعبيرية السينما والتليفزيون والمسرح.
مشروع تخرج الفنانة نوران الديب
الفنانة نوران الديب تقدم رؤية تشكيلية للجانب النفسي للغارمات في عمل فني
المعاناة النفسية للغارمات في عمل فني للفنانة نوران الديب
تصوير المعاناة النفسية للغارمات في عمل فني
رؤية-تشكيلية-للجانب-النفسي-للغارمات
رؤية تشكيلية للجانب النفسي للغارمات خلف القضبان للفنانة نوران الديب
لوحة فنية تجسد المعاناة النفسية للغارمات