أكرم القصاص - علا الشافعي

إبراهيم حسان

كُلها بالحلال.. طعمها أحلى!

الإثنين، 18 يوليو 2022 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
لم تعد ظاهرة التسول قاصرة على الانتشار بالشوارع لجلب الأموال، بل تطورت مع الزمن وسخرت وسائل التكنولوجيا لصالحها للانتشار بشكل أكبر ولضخ مزيد من الغنائم في جعبتها، حتى وصلت إلى "الشحاتة الأونلاين" كآخر الصيحات، فهناك صفحات على السوشيال ميديا تضخ منشورات يغلب عليها الطابع العاطفي لإسقاط الضحايا بعد تحريك مشاعرهم وعواطفهم، ومن المؤسف أن من يتبرعون لهؤلاء الأشخاص، يظنون أنها صدقات وتذهب للفقراء والمساكين.
 
عندما ترى عين العقل هذه الأفعال المشينة من أول وهلة، تصب في الأذهان آلاف من الأسئلة، وتسيطر على أصحابها حالة من الغضب والاستنكار، ورغم أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت وسيلة للتقريب بين الشعوب ومساعدة الغير، إلا أن هناك من يستخدمها في أعمال خبيثة لمصالحه الشخصية، فلسان حالنا لا يردد إلا "لماذا لا يعمل من يقوم بتلك الأمور الدنيئة في المشروعات التي تنفذ في كل مكان لكسبها بالحلال ومن عرق جبينهم؟ لماذا يستسهل هؤلاء الحصول على الأموال بهذا الشكل الدَنِس، ولماذا يتم خداع الناس بهذا الشكل المخزي؟ لماذا ولماذا ولماذا؟"، كلها أسئلة لن تجدي نفعا مع هذه الفئات القميئة.
 
لا أقتنع ولن أقتنع بأي دلائل أو براهين تناصر هذه الفئة التي تستسهل إدخال يديها في جيوب الناس لتحصل على الأموال برضاهم وبشتى الطرق المباشرة وغير المباشرة، والمقنعة وغير المقنعة، والأدهى من ذلك أن هناك أشخاصا يصدقون هذه الحيل الرخيصة، دون التفكير في مصلحتهم ونصرة الجوانب الإيجابية التي تقف ضد هذه كافة الظواهر السلبية في المجتمع، لأنه وبكل صدق العقل السليم لا يوجد إلا في الجسم السليم.
 
من المؤسف أن تحولت "الشحاتة" في مجتمعاتنا إلى مهنة، تجلب لمن يخضع لشروطها أموالا طائلة، نتيجة استدرار عطف الناس بكافة الوسائل والطرق، ليجودوا عليهم بما فيه جيوبهم وحقائبهم، لكن من الفظاظة أن نجد سيل من الشحاتين يجلسون أمام بيوت الله، لاسيما قبل وبعد صلاة الجمعة - وجهتهم المفضلة – ليصيحوا ويكذبوا  مخترعين قصصًا وهمية لم تحدث إلا في وحي خيالهم، لإقناع الناس بضعفهم وهوانهم، لجني الأموال.
 
"الشحاتة" في الدول العربية يا سادة باتت ظاهرة خبيثة ومقززة، لكن يبقى الأكثر قبحا على الإطلاق هو المتاجرة بحاجات وهموم الناس بكل الطرق والوسائل، فمنهم من يتداعى المرض ومنهم من يدعي الإصابات والعاهات "لحبك الطبخة"، ومنهم من يدمن الذل والهوان والفقر دون أن يكونوا فقراء، رغم أن الإسلام يرفض التسول ويدعو إلى التعفف والعمل، فرب العزة وصف حال بعض الفقراء، بأنهم أغنياء في عيون الجهلاء، فقال في كتابه الكريم (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف).
 
الغريب ولعله شيئا ليس بغريبا عن شخصيتهم، أن البجاحة هي لباسهم المخفي وراء الطيبة المزيفة، فمثلا إذا لم يكن معك "فكة" لمنحها إياهم، فقد يساعدك في فك أموالك!، وإذا منحتهم "فكة" يتهمك بالبخل!، أما إذا لم تعطهم أي شيء قد يشتمك بأفظع الشتائم ويدعو عليك!، وإذا دعوته إلى العمل قد يتطاول عليك!، وكأن عمله هو الأشرف والأسمى على وجه الأرض، لذا لابد أن يتكاتف الجميع ضد هذه الظاهرة لمحوها تماما، بعدم الامتثال لأوامرهم أو السقوط بخداعهم وحيلهم الدنيئة، وهنا لا أدعو إلى مناهضة الفقراء المتعففين عن سؤال الناس والذين لا يسألون إلا الله زارقهم ورازق كل شئ.
 
تطور التسول يجب أن يقابله تطور في الوعي لإفساد كل الحيل التي يقوم بها أصحابها، فالنصائح لهؤلاء بضرورة العمل وبذل الجهد والتعب، من أفضل وأحب الأعمال، فليست الصدقات قاصرة على إنفاق الأموال فحسب، بل حثهم أيضا على أكلها بشرف كون هذا من أفضل الأمور، وهنا يتثنى على الجميع أن يواجه هذا الوباء الخطير الذي يهدد المجتمع بالخراب، بالوقوف ضد كل من يحقر نفسه ويريق ماء وجهة ويستغني عن كرامته وحيائه علنًا لأكل أموال الناس بالباطل، فمعا ضد التسول والحث على العمل والإنتاج.. فاليد العاملة يحبها الله ورسوله.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة