أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير سعيد أبو علي أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يواصل حملته الممنهجة للعدوان على الشعب الفلسطيني ومقدساته وممتلكاته في كافة أنحاء الضفة الغربية، خاصة في مدينة القدس المحتلة التي تشهد تصاعداً خطيراً لعمليات الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى المبارك والتضييق على الوجود الفلسطيني في القدس من خلال محاصرته بالبناء الاستيطاني الذي يتزايد بصورة غير مسبوقة، وذلك مع إطلاق العنان لجماعات المستوطنين لممارسة إرهابهم تجاه أبناء الشعب الفلسطيني.
جاء ذلك في كلمته خلال أعمال الدورة "108" لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، التي بدأت اليوم الأحد بمقر جامعة الدول العربية.
ووجه أبو علي التحية والتقدير لقرار الحكومة النرويجية وضع علامة مميزة "وسم" على منتجات المستوطنات الإسرائيلية في "الأراضي المحتلة" بمرتفعات الجولان والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.. داعياً كافة دول العالم والشعوب المحبة للعدل والحرية والسلام إلى مقاطعة الاحتلال ومستوطناته الاستعمارية للتصدي لمخططاته وممارساته العدوانية العنصرية، والعمل على إنفاذ قرارات الشرعية الدولية وتطبيق مبادئ القانون الدولي لإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه في الحرية والاستقلال سبيلاً لتحقيق الأمن والاستقرار لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة.
وأشار إلى أن ذلك الأمر الذي لن يتحقق دون أن ينال الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله بصموده ونضاله المتواصل وتضامن أحرار العالم ودعم دول شعوب الأمة العربية التي ستبقى قضية فلسطين واستقلالها في مقدمة قضاياها ومقدمة أولوياتها أياً كانت التحديات، كما أكد ذلك قبل أيام القادة العرب في قمة جدة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، بكل أبعادها ومخرجاتها الاستراتيجية.
واستهل أبو علي كلمته بالترحم على أرواح الشهداء الفلسطينيين بنابلس الذين سقطوا جراء جريمة إعدام ميداني مفتوحة تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي اقترافها، وقال.. "وإذ نحمل سلطات الاحتلال المسئولية الكاملة عن هذه الجريمة، فإننا نؤكد على ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني".
وأضاف الأمين العام المساعد للجامعة العربية - خلال كلمته - أن اجتماع اليوم يُعقد بالتزامن مع مرور 100 عام على قرار عصبة الأمم، في 24 يوليو 1922 بالموافقة على انتداب بريطانيا على فلسطين، والذي تضمن نصاً صريحاً بتبني إعلان بلفور المشؤوم بإقامة "وطن قومي لليهود في فلسطين"، مع تخويل بريطانيا بتنفيذ الوعد كجزء لا يتجزأ من وثيقة صك الانتداب، ليعيد إلى الأذهان المأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني صاحب الأرض والحق التي ما تزال ماثلة للعيان كأكبر مأساة عرفها التاريخ المعاصر، ونتج عنها نكبة الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه وتمكين العصابات الصهيونية من احتلال أرضه وإقامة دولتها بعمليات تطهير عرقي وتهجير قسري واسع النطاق مع ارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات التي لم تزل متواصلة، وهو مدعاة لإعادة التأكيد على مسئولية بريطانيا "الدولة المنتدبة" والمجتمع الدولي "عصبة الأمم" وبعدها "هيئة الأمم المتحدة"، عن هذه المأساة؛ الأمر الذي يتطلّب تصحيح هذا المسار انسجاماً مع مبادئ العدالة والإنصاف التي جسّدها ميثاق الأمم المتحدة، وريث عهد عصبة الأمم.
وتابع قائلا "وفي هذه الذكرى الأليمة التي أسفرت عما نحن بصدده اليوم في مؤتمر المشرفين بدورته الثامنة بعد المائة لمتابعة شئون اللاجئين، نطالب المملكة المتحدة بتصحيح ما اقترفته وتَحمُّل مسئوليتها التاريخية والقانونية والأخلاقية وتقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني عن هذا الظلم التاريخي، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبهذه المظلمة الإنسانية الذي تسببت فيها، تطبيقاً للحد الأدنى من الإنصاف والعدالة للشعب الفلسطيني التي عبرت عنها قرارات الشرعية الدولية وكذلك دعماً لتحقيق السلام برؤية حل الدولتين، والضغط على إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) لوقف جرائمها وانتهاكاتها المتواصلة ووقف آلة الحرب والعدوان وإنهاء احتلالها لأرض الدولة الفلسطينية".
وأكد السفير أبو علي أن قضية اللاجئين الفلسطينيين تظل أحد أهم عناوين القضية الفلسطينية التي تحظى بالإصرار العربي على حق العودة والتعويض عما تعرضوا له من تهجير واقتلاع من أراضيهم وتطهير عرقي ما يزال يتواصل حتى اليوم في القدس و(مسافر يطا) والمناطق (ج) في الضفة الغربية المحتلة، وكذلك ما تتعرض له وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) كعنوان للالتزام الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين من محاولات مستمرة لإنهاء عملها من خلال عدم توفير التمويل اللازم للأونروا أو تقليصه؛ مما تسبب في عجز مالي مزمن في موازنتها خلال السنوات الأخيرة انعكس بالتأكيد على قدرتها في الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك استمرار محاولات التشويه للأونروا ومنهاجها التعليمي في محاولات محمومة لمنع الدول المانحة من تمويلها.
وقال "وإذ نحي الدول العربية المضيفة وما تقدم من دعم مادي وسياسي لمجتمع اللاجئين وما تبذله من جهود، فإن ذلك يرتب مسئولية جماعية تضامنية لمواجهة ما تتعرض له الأونروا وبالتالي قضية اللاجئين".
وشدد على أهمية التحرك العربي الجماعي المنسق لدعم تجديد تفويض الأونروا للسنوات الثلاث القادمة والمقرر التصويت عليه خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر نوفمبر القادم دون أي مساس بولاية الأونروا أو صفة اللاجئ الفلسطيني مع أهمية الوفاء بالالتزام العربي الجماعي، كما هو محدد بموازنة الأونروا وبآلية تحقق الوفاء بهذا الالتزام.
ويناقش المؤتمر على مدى 5 أيام عددا من الموضوعات المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين ومنها قضية القدس وجدار الفصل العنصري والاستيطان والهجرة وأوضاع اللاجئين ونشاط وكالة الأونروا وأوضاعها المالية والتنمية في الأراضي الفلسطينية والتقارير المقدمة من وفود الدول العربية المضيفة لأبناء الشعب الفلسطيني.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة