سيناريو قاتم ينتظر اقتصاد المملكة المتحدة، بسبب التداعيات التى فرضتها الحرب الأوكرانية التى دخلت شهرها السادس، وسط غياب شبه واضح لفرص نجاح جهود وقف إطلاق النار، وسط ارتفاع مستمر فى معدلات التضخم على صعيد الاقتصاد العالمى بشكل عام.
ونقلت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية عن اقتصاديين تحذيرهم من أن التضخم فى المملكة المتحدة، ربما يرتفع إلى 15 فى المائة هذا الشتاء.
وأوضحت الصحيفة أن هذا التوقع يأتى ذلك بعد أن ألمح بنك إنجلترا أنه يفكر فى زيادات حادة فى أسعار الفائدة لتهدئة التضخم، الذى وصل إلى أعلى مستوى له فى 40 عامًا عند 9.4 فى المائة الشهر الماضي.
وقالت الصحيفة إنه إذا كانت التوقعات من قبل شركة الاستشارات العملاقة EY دقيقة، فإنها ستدفع معدل ارتفاع الأسعار أقرب إلى المستويات التى شوهدت فى "شتاء السخط" فى السبعينيات، عندما تسبب ارتفاع التكاليف والخلافات فى الأجور فى موجات من الإضرابات.
وتستند التوقعات إلى قيام روسيا بوقف الغاز عن أوروبا ردا على العقوبات والارتفاع المستمر فى أسعار المواد الغذائية مع استمرار تعطل صادرات الحبوب الأوكرانية.
وقال ماتس بيرسون من شركة EY لصحيفة "صنداى تايمز" إن الشركات تعمل الآن على وضع نماذج للتضخم ليبلغ ذروته عند 15 فى المائة فى الشتاء إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز.
وتضمنت التوقعات أيضًا تنبؤات بارتفاع مستمر فى أسعار المواد الغذائية مع استمرار تعطل صادرات الحبوب من أوكرانيا فى أعقاب الهجمات الصاروخية الروسية على ميناء أوديسا فى البحر الأسود.
وأضاف بيرسون أن الشركات بحاجة إلى التفكير فى أن تصبح مبدعة فى صفقات الأجور للموظفين، مثل تقديم المزيد من الامتيازات أو زيادات فى الرواتب مرتبطة بالأرباح، للاحتفاظ بالعاملين دون زيادة الأجور.
وأوضحت "ديلى ميل" أن توقعات EY أعلى من التقديرات الحالية من بنك إنجلترا، الذى يتوقع أن يصل التضخم إلى 11 فى المائة قبل نهاية العام.
وفى خطاب ألقاه فى وقت سابق من هذا الشهر، قال المحافظ أندرو بيلى أن زيادة سعر الفائدة بمقدار 0.5 نقطة مئوية ستكون "على الطاولة" عندما تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك الأسبوع المقبل.
وسيكون هذا أكبر ارتفاع منذ عام 1995 وسيرفع المعدلات إلى 1.75 فى المائة، وهو أعلى ارتفاع منذ ديسمبر 2008.
وأدى ارتفاع التضخم، الذى تفاقم بسبب الحرب فى أوكرانيا وقضايا سلسلة التوريد العالمية، إلى ارتفاع تكلفة كل شيء من اللحوم والخضروات والقهوة إلى الطاقة المنزلية والبنزين.
وأجبر حجم الزيادات فى الأسعار العديد من العائلات على شد أحزمتهم، مما أثار مخاوف من أن نقص الإنفاق الاستهلاكى قد يدفع الاقتصاد إلى الركود.
وفى الوقت نفسه، أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى ارتفاع تكاليف الرهن العقارى لملايين من أصحاب المنازل.
ووصلت مدفوعات الفائدة على الديون الحكومية فى المملكة المتحدة أيضًا إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق فى يونيو حيث توقع مكتب مسئولية الميزانية أن تصل المدفوعات إلى 87 مليار جنيه إسترلينى فى هذه السنة المالية.
بدورها، نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن مكتب الإحصاء الوطني، قوله أن التضخم المتصاعد والأسواق المالية المتقلبة وارتفاع تكاليف المعيشة فى المملكة المتحدة يؤدى إلى موجة من "الرجوع من التقاعد"، حيث تشير الأبحاث إلى عودة المتقاعدين إلى أماكن العمل.
وأوضحت الصحيفة أنه يوجد الآن عدد أكبر من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عامًا أو أكبر فى العمل أو يبحثون عن عمل مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الوباء مباشرة، وفقًا لبيانات من مكتب الإحصاء.
ويُظهر التحليل أن هناك زيادة فى النشاط الاقتصادى (الأشخاص الذين يعملون أو يبحثون عن عمل) بمقدار 116000 أشخاص بين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا فى العام الماضي.
وأوضح التحليل أن أكثر من نصف الزيادة الإجمالية بين الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا حيث زادت مستويات نشاطهم الاقتصادى بنسبة 8.5 %، فى عام واحد أما النسبة بين النساء اللائى تزيد أعمارهن عن 65 عامًا أو يبحثن عن عمل فوصلت إلى 6.8 %.
ويقول الخبراء إن الأبحاث المتعمقة تشير إلى أن الزيادة مدفوعة بعودة الأشخاص من التقاعد إلى العمل، بدلاً من الأشخاص الذين يعملون لفترة أطول.