حالة من الفرح الممتزج بالدموع تغمر أسرة الطالبة ميادة خالد الحاصلة على المركز الأول بين الطلاب المكفوفين بالثانوية الأزهرية على مستوى محافظة الفيوم، والتى تغلبت على الصعاب وكانت تنتقل يوميًا من قريتها النزلة بمركز يوسف الصديق إلى مدرستها بمدينة أبشواى وتعتمد على السمع فى الإنصات للمدرسين بالمدرسة وتسجل شرح الدروس بهاتفها، ثم تراجع مذاكرة هذه الدروس من خلال جهاز اللاب توب الذى قام والدها بشرائه لها رغم ضيق معيشتهم ومنزلهم البسيط إلا أنه رأى أن تعليم ابنته التى حرمت من نعمة الإبصار يأتى أولوية فى حياتهم ويسبق كل احتياجاتهم، ولم يكن تفوق ميادة مميزا لاجتهادها فى مدرستها فقط بل لأنها محفظة للقرآن الكريم بقريتهما ويتخذها جميع فتيات وأطفال القرية قدوة حسنة لهم.
وتقول ميادة إنها كان لديها طموح منذ صغرها أن تكون من أوائل الجمهورية بالثانوية العامة وأنها بعد إعلان أسماء الأوائل وعندما علمت أنها ليست بينهم بكت كثيرا ولكنها سرعان ما تذكرت كل تعب السنوات الماضية وتراجعت عن ذلك ومسحت دموعها ودعت الله كثيرا أن تكون الأول بالمحافظة وبالفعل اتصل بوالديها أحد مسئولى المنطقة الأزهرية بالفيوم ليخبره أن ميادة حصلت على المركز الأول على مستوى المحافظة.
وأكدت ميادة، أن هذا التفوق جاء بعد تعب لسنوات طويلة بدايتها فى السادسة من عمرها عندها احضر لها والدها شيخا بالمنزل لحفظ القرآن الكريم ثم التحقت بكتاب الجمعية الشرعية وختمت القرآن الكريم كاملا فى التاسعة من عمره وحفظته بعدة روايات حتى أصبحت محفظة بكتاب القرية وتخرج على يديها 9 من حفظة القرآن الكريم.
ولفتت الطالبة ميادة خالد إلى أنها كانت تستيقظ خلالها وقت صلاة الفجر وتصلى ثم تراجع وردها اليومى من القرآن بمقدار الجزء ونصف الجزء ثم تذهب إلى مدرستها وبعد العودة من المدرسة تذهب إلى عملها كمحفظة بكتاب القرية ثم تعود فى المساء لمراجعة دروسها على جهاز اللاب توب الذى اشتراه لها والدها.
وأشارت ميادة إلى أنها كانت الأولى على المحافظة فى الشهادتين الابتدائية والإعدادية، بالإضافة إلى مشاركتها فى عدد من مسابقات حفظ القرآن الكريم على مستوى المحافظة والجمهورية وحصلت فى المسابقات على المراكز الاولي.
ولفتت الطالبة إلى أن والديها بذلا معها جهودا مضنية، حيث كان والدها يصطحبها يوميا من قريتها إلى المدينة الموجودة بها مدرستها، ثم يعود بها فى نهاية اليوم ورغم ظروفهم المعيشة الصعبة واحتياج والدها لكل قرش فى راتبه الإنفاق عليها هى وباقى إخواتها إلا أنها فوجئت بشراء والدها جهاز لاب توب لها لتذاكر عليه دروسها واهتمامه فى تجميع كافة الدروس لها بأصوات المدرسين ومساعدتها فى المرحلة الثانوية بإلحاقها ببعض الدروس الخصوصية لدى عدد من المدرسين.
وأكدت ميادة خالد أنها تنوى الالتحاق بكلية الشريعة الإسلامية، لأنها تحب دراسة العلوم الإسلامية والتوسع فيها وتحلم أن تكون أستاذة بالجامعة.
وأشارت الطالبة الأولى على محافظة الفيوم إلى أنها تحلم أن يتم إجراء عملية جراحية لشقيقتها الصغرى ذات الخمس سنوات والتى تعانى من ضمور بالمخ وتحتاج إلى عملية عاجلة وحالتهم المادية لا تسمح بذلك.
وأشارت ميادة إلى أنها تتمنى مقابلة الإمام الأكبر الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لأنها تحبه وكانت تتمنى أن تكون من أوائل الجمهورية للتشرف بمقابلته.
ووسط دموعه عبر والد الطالبة ميادة عن سعادته بتفوقها مؤكدا أنها أقرب أبناءه إلى قلبه حيث إنها لم تولد كفيفة وفجأة فى الشهر الثامن من عمرها اكتشفوا أنها لا ترى وقاموا بالكشف الطبى عليها، وتبين أنها تعانى من ضمور فى العصب البصرى أفقدها بصرها، ومنذ ذلك الوقت عاهد الله على الوقوف بجانبها ودعمها ومساندتها حتى تحقق كل ما تتمناه فبدأ مشواره معها بحفظها للقرآن الكريم وختمته وهى فى التاسعة من عمرها ثم ألحقها بالأزهر الشريف خاصة أنه يعمل إداريا بأحد المعاهد الأزهرية، مؤكدا أن ميادة وجدت من معلمى الأزهر كل الدعم والمودة والحب وهو ما ساعدها على التفوق فهى بركة بيتنا وحياتنا قائلا: "لقد أسعدت قلبى بحصولها على المركز الأول على مستوى المحافظة وسأساندها لأخر يوم بعمرى حتى تحقق كل ما تتمنى وأتمنى أن يكون تكريمها بإجراء العملية الجراحية التى تحتاجها شقيقتها الصغرى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة