مؤكد أن اتباع منهج الحفظ والتلقين في النظام التعليمى من أخطر ما تعرضت له المنظومة التعليمية خلال العقود الماضية، لترى الدولة ضرورة حتمية فى تغيير المنظومة بأكملها لتتحول من التعليم إلى التعلّم، وذلك لا يتأتى إلا من خلال إحداث ثورة تجعل أبناءنا على مسار التقدم المعرفي، وليس التعليم للحصول على الشهادات، وبالفعل قررت الدولة الاستثمار فى التعليم الرقمى بداية من 2016 ونجحت فى جلب المحتوى لبنك المعرفة، وبدأ التطبيق 2018 بداية من المرحلة الثانوية ومرحلة رياض الأطفال.
إلا أنه ما زال هناك ثقافة عامة لدى بعض أولياء الأمور وبعض المعلمين وأصحاب سبوبة الدروس الخصوصية بالتمسك بالأسلوب القديم في التعليم، والذى يتلخص في ثلاث كلمات وهم "احفظ - سمع - ارمى" وعقيدة هؤلاء الدرجات والشهادات لا الفهم ولا التعلّم، لذلك تجدهم يهاجمون ليل نهار المنظومة الجديدة، بل يصبح للغش مبررا؟ وأن نصل إلى أن يُقاتل بعض أولياء الأمور من أجل أن يغش أبناؤهم الطلاب؟
وننسى أن هذا الأسلوب القائم على الثلاث كلمات "احفظ - سمع- ارمى" هو من جلب لنا نظاما تعليميا يعترف بالشهادات فقط، فنكون أمام طبيب يتاجر بالمرضى، ومهندس تنهار على يديه العمارات، ومدرسا نصابا وغير كفء على أداء رسالته، وموظفا مزورا بلا ضمير، ومواطنا مخادعا غير مسؤول تجاه نفسه أو تجاه مجتمعه، فينتشر العنف وتنهار الأخلاق.
لذا.. لا داعى لهذا المنهج الذى كان سببا رئيسيا في انهيار المنظومة، ويجب منح الفرصة كاملة فى تطبيق ما تصبوا إليه الدولة، وننتظر النتيجة النهائية، فالأهم يا سادة، أن يكون لدينا خريج يصلح لسوق العمل متسلح بكل وسائل المعرفية التى تتناسب مع العصر الذى يعيش فيه، فيعود هذا بالنفع على أسرته أولا ثم على المجتمع ثانيا.
أخيرا.. لماذا لما نترك أبناءنا يسيرون فى المسار الطبيعى وفق قدراتهم، فمن يدخل الجامعة يدخل، ومن يقف عند التعليم المتوسط، فيكون هناك طبيب عالم رحيم ومهندس مبدع أمين ومدرس صادق رسول، وفلاح ناجح أو نجار أو كهربائيا، والأهم من هذا كله أن لا يشعر أحد فينا بظلم لأنه يعرف قدراته، ولا يشعر أحد فينا أنه أخذ مكان الآخر، فعندما نلتقى كل بمهنته نتعامل بحب ومودة واحترام، وإقرار بالواقع المُستحق، فابحثوا عن التعلّم لا عن الشهادات.. يرحمنا ويرحمكم الله..!