على مدى سنوات شغل ملف الطاقة مجالا واسعا من تركيز وخطط الدولة، حرصت على بناء قدراتها الصناعية والتنموية من خلال رسم سياسة لتأمين الطاقة والبنية الأساسية، باعتبار قضية الطاقة هى رأس القضايا التى تشغل العالم، والمحرك لأى خطط اقتصادية، ومع التغيرات المناخية الدرامية فإن المصادر الطبيعية كالنفط والفحم كمحرك للعصر الصناعى، واحتل الغاز مكانا مهما فى التحولات العالمية باعتباره طاقة أقل تلويثا واتخذ مكانه فى ظل المنافسة والصراع العالمى الحالى.
ومن هذا المنظور يمكن رؤية التحركات المصرية على مدى السنوات الأخيرة، حيث تحرص مصر على بناء قدراتها الصناعية والتنموية من خلال رسم سياسة لتأمين الطاقة، بدأت بإعادة بناء محطات الكهرباء العملاقة التى عالجت النقص فى الكهرباء مع فائض للتصدير، مع تكثيف الاستكشافات فى البترول والغاز، فضلا عن تحويل مصر إلى مركز لإسالة وتصدير الغاز فى الإقليم، وبجانب البترول والغاز تأتى محطات الطاقة المتجددة ضمن أكثر المشروعات التى توفر طاقة نظيفة وبتكلفة منخفضة مقارنة بالعائد، وقد وجه الرئيس السيسى مبكرا إلى هذا المجال.
ومن بين المشروعات الكبرى فى مجالات الطاقة المتجددة تأتى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وعلى رأس مشروعات الطاقة الشمسية مشروع بنبان بأسوان، إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية، ويصل إنتاجها تقريبا إلى ما يوازى نصف إنتاج السد العالى، وهى طاقة نظيفة وآمنة بشكل كبير، ومتجددة ساهمت فى رفع إنتاج البلاد من الطاقة الشمسية، وأيضا محطة طاقة الرياح بالزعفرانة، وأقامت مصر مصنعا لريش محطات توليد طاقة الرياح، لتصبح منتجا وموردا رئيسيا لأفريقيا والمنطقة العربية.
هذا بجانب مساع لتوطين صناعة محطات الطاقة الشمسية الكبيرة والصغيرة، والتى فى حال توفرها بأسعار مناسبة تشجع المواطنين على تنفيذها لتوفير تكاليف كثيرة، كما تنتج وفرا فى الكهرباء يمكن تصديره مع خفض استهلاك الكهرباء بنسب تتراوح بين 20 و30 % على الأقل، خاصة أن مصر تحظى بسطوع الشمس طوال أشهر العام.
وقطعت مصر بالفعل مساحة فى إنتاج ألواح وأجهزة الطاقة الشمسية، وانخفضت أسعارها نسبيا وفى حال التوسع فى إنتاجها يمكن أن تمثل إضافة مهمة وتحقق وفرا كبيرا بجانب كونها سهلة ولا تتطلب أكثر من مساحة على الأسطح أو فى الفراغات المشمسة.
وقد ارتفع إنتاج مصر من الطاقة المتجددة بأكثر من 22% على أساس سنوى خلال العام 2021/2020، ليصل إلى 5.4 ألف ميجاوات/ ساعة، وفق هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة فى أغسطس الماضى، وقال مسؤولون بالهيئة إن إجمالى قدرات الطاقة الجديدة والمتجددة يبلغ نحو 6 آلاف ميجاوات، وهى مساع بدأتها مصر مبكرا، ويحرص الرئيس السيسى على أن تستثمر الدولة المصرية فى ثروة الشمس والهواء.
وفى سياق التعديل الوزارى الأخير، والذى شمل ملفات التعليم العالى والصناعة وقطاع الأعمال بجانب التعليم والتعليم الفنى، بجانب ملفات أخرى خدمية، هناك فرصة للتوسع فى الصناعات المرتبطة بإنتاج وتوليد الطاقة المتجددة، من خلال إقامة مصانع لإنتاج الخلايا الضوئية والألواح والسخانات الشمسية، أو محطات الطاقة الشمسية الكبيرة والصغيرة، التى فى حال توافرها بأسعار مناسبة يمكن أن تشجع المواطنين على تركيبها، وهو ما يوفر تكاليف كثيرة على مستوى الاستهلاك المنزلى أو العام، كما تنتج وفرا فى الكهرباء يمكن تصديره أو توجيهه إلى مشروعات صناعية تكون فى حاجة إليه.
وإذا كانت الدولة تتوسع فى هذا المجال، فإن هناك فرصة أمام القطاع الخاص، والأعمال، للاستثمار فى خطط تصنيع وتسويق منتجات الطاقة الشمسية، والطاقة المتجددة، وأيضا تدعيم هذه التخصصات من خلال خطط التعليم العالى بالشكل الذى يعود فى صورة عوائد وفرص عمل وتنمية.