جهود الدولة لتنمية الثروة الحيوانية.. دراسة للمركز المصرى تكشف كيف نجحت مصر فى إحداث طفرة على صعيد الأمن الغذائى.. وكيف ساعدت المشروعات الزراعية على توفير فرص عمل وحياة كريمة لصغار المربين

الأحد، 21 أغسطس 2022 04:00 ص
جهود الدولة لتنمية الثروة الحيوانية.. دراسة للمركز المصرى تكشف كيف نجحت مصر فى إحداث طفرة على صعيد الأمن الغذائى.. وكيف ساعدت المشروعات الزراعية على توفير فرص عمل وحياة كريمة لصغار المربين مشروعات الامن الغذائى
كتب محمود العمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يعد قطاع الثروة الحيوانية أحد أهم القطاعات الأسرع نموًا بين قطاعات الاقتصاد الزراعى العالمي؛ إذ يسهم بنسبة تتراوح ما بين 20- 40% من إجمالى الناتج الزراعى فى أى دولة، وتتمثل أهمية الثروة الحيوانية فى توفير فرص مهمة للتنمية الزراعية المستدامة وتحقيق مكاسب على صعيد الأمن الغذائى وتحسين تغذية الإنسان، وأيضًا تحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية مع زيادة قدرة الأسر على الصمود فى مواجهة التغيرات المناخية، وتوفير فرص عمل وحياة كريمة لصغار المربين مع زيادة تمكين المرأة والشباب فى الريف.

وذكرت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات أعدتها الباحثة هبة زين أنه كان لمصر خطى استباقية فى هذا الأمر، فخلال السنوات الأخيرة سعت الدولة المصرية إلى سد أو تقليل الفجوة الغذائية التى نعانى منها منذ عقود طويلة، نتيجة لتآكل الرقعة الزراعية من جهة وزيادة معدلات النمو السكانى من جهة أخرى. وذلك لتحقيق أمنها الغذائى وتحقيق فائض قابل للتصدير على مستوى كافة السلع الغذائية والإنتاج الحيوانى على وجه التحديد، بتعظيم مواردها من خلال مشروعات زراعية وحيوانية وسمكية، فاللحوم ومنتجات الألبان تعد واحدة من بين أهم السلع الغذائية المتوقع تأثرها كالقمح على خلفية الأزمة الأخيرة، وذلك ليس لاستيراد اللحوم من روسيا أو أوكرانيا كالقمح لكن لاستيراد غالبية الأعلاف من الخارج. وهو ما ألقى بظلاله بالضرورة على الأسعار وحجم المعروض.

وتابعت الدراسة يوجد بمصر نحو 100 مصنع أعلاف، بمتوسط إنتاج سنوى نحو 3000 طن. وتستورد مصر على مدار العام الذرة الصفراء من الخارج لتلبية احتياجات صناعة الأعلاف والتى يتم الاعتماد عليها فى إنتاج الأعلاف بنسبة تتراوح ما من 50 إلى %60.

 

خطة الدولة

وبالفعل خلال الـ8 سنوات الماضية، شهد القطاع الزراعى دعمًا من القيادة السياسية، ونهضة لتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة، وذلك إيمانًا من الرئيس السيسى بأن لكل مواطن على أرض هذا الوطن العظيم الحق فى الحصول على احتياجاته من الغذاء الآمن والصحى والمستدام.

وقد كلف الرئيس السيسى وزارة الزراعة بوضع خطة لتعزيز وتنمية الثروة الحيوانية، لتحسين سلالات قطعان الأبقار والجاموس المحلية، وتمصير السلالات المتخصصة فى إنتاج الألبان واللحوم ذات الإنتاجية العالية والمتأقلمة مع الظروف المصرية، مع زيادة الإنتاجية من الألبان واللحوم؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل فجوات الاستيراد، وتدعيم ورفع مستوى معيشة صغار المربين والمزارعين.

وفى سبيل ذلك، تم إنشاء قاعدة بيانات، وتحسين سلالات رؤوس الماشية المحلية، والاهتمام بالصحة والرعاية البيطرية، ودعم المشروع القومى للبتلو، وتطوير مراكز تجميع الألبان، وتنفيذ مجموعة من الإجراءات الداعمة للخطة.

ومن أجل إعداد قاعدة بيانات مدققة، تم التوجيه بإجراء حصر شامل للثروة الحيوانية فى كل أنحاء الجمهورية؛ بهدف التخطيط وتحديد الاحتياجات من اللحوم وإدارة ملف الاستيراد، من خلال تحديد أعداد العجول الذكور وحساب الناتج المحلى منها وتحديد الكميات المسموح باستيرادها بما يحقق التوازن المطلوب.

كذلك تحديد وتخطيط كميات الألبان المنتجة، من خلال تحديد أعداد الإناث وأعمارها وسلالاتها وأماكن تمركزها؛ لربطها بسلاسل القيمة ومراكز تجميع الألبان. ورسم خريطة توزيع الثروة الحيوانية؛ بهدف تحديد أماكن تمركز السلالات المحلية والمستوردة، وتحديد احتياجاتها، ورسم خريطة الاحتياجات من الرعاية البيطرية ومن الأمصال واللقاحات، بما يسهم فى توزيعها على أماكن تمركز الثروة الحيوانية، وبما يساعد فى تخطيط توزيع الأمصال واللقاحات اللازمة للتحصين قبل المواعيد بوقت مناسب، وتحديد احتياجات صغار المربيين الأولى بالرعاية فى القرى وتوابعها من الخدمات التمويلية والتأمينية وأساليب التربية والرعاية؛ بهدف مساعدتهم على زيادة الإنتاجية وتحسين مستوى دخولهم استهدافًا لحياة كريمة لهم.

وكذلك تم رفع كفاءة بعض الوحدات البيطرية وتدعيمها بالأجهزة اللازمة، وتطوير مراكز التلقيح الاصطناعى التابعة لوزارة الزراعة (وتشمل عدد 4 مراكز في: العباسية – العامرية – سخا – بنى سويف)، وتوفير احتياجاتها من الأجهزة. كذلك تجهيز أكثر من 630 نقطة تلقيح اصطناعى جديدة بالقرى؛ بهدف الوصول إلى صغار المربين وتدريب وإعداد ملقحين اصطناعيين وإكسابهم الخبرات اللازمة لنشر الوعى والإسراع فى تنفيذ الخطة وتدريب صغار المربين على برامج التغذية والرعاية للقطعان، بما يتناسب مع نوعية السلالات والغرض من التربية.

وبلغ عدد الحالات التى تم تنفيذ هذا البرنامج عليها حوالى 2.6 مليون جرعة أعطت نتائج إيجابية لأكثر من مليون رأس خلال الفترة من 2020 حتى الآن. وأكدت نتائج المتابعة من جانب المختصين بوزارة الزراعة أنه قد حدث بالفعل تغير فى صفات الولادات من السلالات المحلية، وزيادة فى معدل تحويل تسمين الذكور المولودة (من 0.8 – 1 كجم) لتصل إلى (1.2 كجم /يوم)، وزيادة فى كميات الألبان من 5-7 كجم لبن/يوم لتصل إلى 10 كجم لبن يوميًا.

وبالنسبة لاستيراد سلالات عالية الإنتاجية، فقد قامت وزارة الزراعة بتشجيع صغار المزارعين على إحلال سلالات الأبقار عالية الإنتاجية من الألبان واللحوم محل السلالات المحلية، فقد تم الترخيص باستيراد الرؤوس ذات الإنتاجية العالية (عجلات عشار وتحت العشار) سواء للمزارع النظامية أو لتوزيعها على صغار المربين لإحلالها محل الرؤوس المحلية، بإجراءات تمويلية ميسرة بتصديق من الرئيس على مبلغ 10 مليارات جنيه كقروض ميسرة وأسعار فائدة منخفضة تصل إلى 5% وفترات سداد تصل إلى 5 سنوات تتناسب مع الإيرادات من الرؤوس (لحوم وألبان)؛ وذلك لدعم محاور تنمية الثروة الحيوانية وتحسين مستوى معيشة هؤلاء المربين وزيادة دخولهم.

وفى هذا الصدد، تم التنسيق مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وجهات التمويل ومنظمات المجتمع المدنى وكبرى شركات استيراد رؤوس الماشية ذات الإنتاجية العالية، والاتفاق على أسس ومعايير ومواصفات السلالات التى يتم استيرادها لتحقيق هذا الهدف. فتم توقيع عدة بروتوكولات مع الجهات ذات الصلة للقيام بتوفير الرؤوس ذات المواصفات المطلوبة مثل: (مؤسسة مصر الخير – وزارة الأوقاف – وزارة التضامن – وأيضًا بعض مستثمرى القطاع الخاص لتدعيم شراكة القطاع الخاص فى هذا المحور).

وقامت الشركة الوطنية للإنتاج الحيوانى بـ: أولًا المساهمة فى تدبير رؤوس الماشية وتوزيعها على صغار المربين من خلال المشروع القومى للبتلو، ثانيًا إبرام عقود مع كبرى شركات القطاع الخاص فى العديد من المحافظات بتوريد عدد 60 ألف رأس تسمين لعدد 2 مجمع للإنتاج الحيوانى بمحافظة البحيرة، وإدارة وتشغيل كل من المجمع المتكامل للإنتاج الحيوانى والألبان بمدينة السادات بمحافظة المنوفية، ومصنع الجبن الجاف والنصف جاف ببرج العرب بمحافظة الإسكندرية.

وثالثًا توقيع بروتوكول تعاون مع أكاديمية البحث العلمى للاستغلال الأمثل للمراكز العلمية والبحثية وكافة إمكانيات الشركة من خلال مشروعات بحثية؛ بهدف توطين السلالات عالية الإنتاج من اللحوم والألبان، ورابعا قامت الشركة بالاتفاق مع الشركة المصرية السودانية على توريد 10 آلاف رأس للذبيح الفورى من دولة السودان الشقيق، وتم توريد ألف رأس للذبيح الفورى بمجزر سفاجا ويجرى استلام باقى الشحنات على دفعات.

ولتكامل المنظومة، يأتى دور منظومة المحاجر البيطرية والرقابة عليهاـ وخاصة المحاجر الحدودية -والتى تم تجهيزها بمعامل الصحة الحيوانية، والبالغ عددها 28 محجرًا- للحفاظ على الصحة الحيوانية ومنع انتقال أى أمراض عابرة للحدود.

واختتمت الدراسة أن الدولة اتخذت العديد من الخطوات لتأمين أمنها الغذائي، وكان افتتاح مجمع الإنتاج الحيوانى والألبان والمجازر الآلية فى مدينة السادات بالمنوفية آخر حبات هذا العقد، لكن ما زال أمامها الكثير لتنفيذه لتحقيق الاكتفاء الذاتى بكثير من السلع التى مازالت تعانى من فجوة إنتاجية، كالتوسع فى استصلاح وزراعة الأراضى الجديدة بمشروع المليون ونصف مليون فدان والدلتا الجديدة وتوشكى وشرق العوينات، لإنتاج المزيد من محاصيل الاستهلاك البشري، أو المحاصيل العلفية (مثل السورجم أو الذرة الرفيعة والذرة والصويا وعباد الشمس) لتغطية العجز فى مصر الذى لا يقل عن 80%، مع التوسع الأفقى فى المحاصيل باللجوء للأصناف والهجن عالية الإنتاجية التى تنتج 40 إردبًا للفدان، وهو ما يؤدى إلى انخفاض تكاليف إنتاج الثروة الحيوانية، وتشجيع المستثمرين على الاستثمار فى صناعة الإنتاج الحيواني.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة