تبقى قضية الرؤية واحدة من أهم قضايا الأسرة التي تمس كل المصريين ومستقبل الأمة المتعلق بتنشئة جيدة لأطفال معول عليهم أن يكونوا قادة المستقبل وبناة المستقبل القريب.
تزايد أعداد الطلاق بشكل مرعب خلال الفترة الماضية بسبب سرعة وتيرة الحياة، وضغوطها المتزايدة، تتسبب بطريقة سلبية في التأثير على مستقبل الأطفال الذين يعيشون في حضانة طرف يمنعهم عن الطرف الثاني بسبب ما بينهما من خلافات.
من آن لآخر يتصدر الموضوع الرأي العام، ومن هذا المنطلق يجتهد القانونيون والحقوقيون في إيجاد حل لإنقاذ الأطفال، الذين هم أصحاب الحق الرئيسي في هذه القضية، ولا حق لأحد يفوق حقهم في أن يستمتعوا برؤية والديهم ويتمكنوا من الحياة حياة طبيعية، وتنمو عندهم غريزة الأبوة والأمومة ويتم إشباعهم بشكل منطقي وطبيعي مثله مثل باقي أقرانهم، ويكون الطفل على علم أنه مسئول من والديه ويستطيع أن يعيش معهما ويستمتع معهما بمباهج الحياة، ويكونا قدوة له، ومن حق الطفل أن يشعر بالرقابة الوالدية السليمة، ويجب أن يكون لدى الطفل تعزيز مفهومه نحو ذاته، وأن له والدين حريصين عليه وعلى تربيته.
واحدة من الذين اجتهدوا في هذه القضية أميرة بهي الدين، الكاتبة والحقوقية، التي فتحت النقاش حول حق الرؤية عبر برنامجها "افتح باب قلبك" على قناة CBC، قالت إنه بسبب خطف أب لطفل من أمه كل الآباء والأمهات يدفعون ثمناً غالياً، متطرقة إلى قانون الرؤية الحالي، واصفة إياه بأنه غير عادل ويجب تعديله في مشروع القانون الجديد.
وقالت أميرة بهي الدين إن الرؤية في الوضع الحالي تحرم الأب والطفل من حقوق كثيرة، منها على سبيل المثال حق الاتصال بابنه بالتليفون، فالطفل ليس من حقه أن يذهب مع والده لمباراة كرة قدم، ولا ان يسافرا لأي مكان سوياً، مؤكدة أن الرؤية ليست حكرًا على الأم والأب فقط، لكن هي حق الطفل، ليكون لديه علاقة شبه سوية مع والديه وجميع أفراد عائلته، مشيرة إلى أن الرؤية يجب أن تتم بطريقة متحضرة، ويجب أن تكون العلاقة بين الأم والأب منضبطة ومتحضرة.
وتابعت: «القانون بيقول إن الرؤية حق للأب والأم ولكن في الحقيقة هي من حق الطفل، من حق الطفل أن يكون لديه علاقة شبه سوية مع والده ووالدته، من حق الطفل أن يكون لديه علاقة سوية بين أهله».
تقول أميرة: «على الأب والأم بعد الانفصال، أن يكون الاتفاق بينهما بالرضا عن رؤية الأطفال، فالأهم هي نفسية الطفل والحفاظ عليها، ما نراه في الواقع مختلف تماما لفشل الأب والأم، في الاتفاق للكثير من الأسباب بينهم التي أدت إلى الطلاق»، محذرة من تأثير هذه المشكلات التي لا تنصب سوى على الأطفال، كما ذكرت أن الطلاق مستحيل أن يجعل العلاقة سوية مثل أي بيت مستقر.
تتابع: «كل الغضب والخلافات بين الأب والأم، ينعكس بالسلب على الأبناء، هل القانون يتيح لابن عم ابنك أن يلعب معه في قانون الرؤية؟.. لا يسمح، هل من حق الأب أن يأخذ شقيقه ليرى ابنه لا فالقانون لا يعطى لشقيقك هذا الحق»، موضحة أن هناك بعض الحالات يكون فيها الأب والأم يفشلان في التوصل إلى اتفاق، لعدة أسباب، من بينها غضب الزوج من طلب زوجته الطلاق والوصول لدرجة الخلع، أو غضب الزوجة بإنهاء علاقة الزواج.
علماء النفس يتفقون مع ما ذكرته أميرة بهي الدين، ويؤكدون على أن حق الرؤية في المقام الأول حق للطفل، وليس مجرد رؤية فقط، ويعد استضافة الطفل في منزل أحد الوالدين لمدة 10 ساعات أمر هام جدا، لأن الطفل لديه مجموعة من الاشباعات النفسية والوجدانية التي لا يرويها الرؤية لمدة ساعة من الزمن، وفي ظل معطيات العصر الحديث لايكتفي جلوس الأب أو الأم مع ابنهم في مكان عام فقط، خاصة في هذا العصر المتقدم من التكنولوجيا.
ويرى علماء النفس أن رؤية الآباء لأبنائهم تكون حسب احتياج الطفل إليهم، ولا يجب أن تكون على حسب الرؤية، وعلى سبيل المثال إذا كان الطفل يذهب لأداء امتحان الثانوية العامة، فلا بأس أنه يتواصل مع والده أو والدته عبر الفيديو كونفرانس ليحد من توتره وقلقه، ومن الممكن أن نوسع أماكن الرؤية من الحدائق إلى المسارح والسينما والمصايف.
ليس علماء النفس فقط من يتفق رؤيتهم مع رؤية الحقوقية أميرة بهي الدين، بل يتفق حديثها تماما مع المبدأ الذى أقرته المحكمة الدستورية العليا من ضرورة ألا يترتب على حق الرؤية أي ضرر بالصغير أو الصغيرة.
المستشار عبد الله الباجا، رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس محكمة الأسرة السابق، يؤكد أن الرؤية فى القانون حق أصيل لجميع الأطراف، سواء الصغار أو الآباء أو الأجداد، ولكن الأساس فيها مصلحة الطفل، فطبًقا للقانون فالمادة 20 فى حكم المحكمة الدستورية للآباء والأجـداد رؤية الصغار، ثم جاء قرار وزير العدل السابق برقم 1086 لسنة 2000 نظم الرؤية، بحيث لا تقل المدة عن 3 ساعات مرة واحدة فى الأسبوع فى مكان عام لا يضر مصلحة الصغير، لكن المادة 96 من القانون رقم 126 لسنة 2008 اعتبرت حرمان من له الحق فى رؤية الصغار جريمة تعريض طفل للخطر وإن كـان استثناء من العقاب، لكن هى تعتبر جريمة أدبية وليست جريمة معاقب عليها، بمعنى أنها مخالفة أدبية، كل هذا سند الرؤية فى القانون.
وأوضح «الباجا» أن المادة 10 من قانون رقم 10 لسنة 2004 قالت إنه على المحكمة أن تراعى المصلحة الفضلى للصغير عند صدور أحكامها المتعلقة بالأطراف، إذن ما يتعلق بالرؤية القانون نظمه، والأصل هو التراضى بين الأطراف (الأب - والأم)، وبالتالى الرؤية مشتركة بين كل الأطراف، والقانون ألزم الجميع بحق الرؤية ولا خلاف على هذا قانونيًا، بمعنى أن الرؤية حق مشترك للطفل والأب والأم، والهدف أنها تخدم المصلحة الفضلى للطفل، مشيراً إلى أن اقتراح تعديل الرؤية يختلف باختلاف وجهات النظر، فالبعض يرى أنها بهذا الشكل تحقق المصلحة الفضلى للطفل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة