محمد أحمد طنطاوى

فكرة بـ 10 مليارات دولار

الثلاثاء، 23 أغسطس 2022 10:41 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الكل يعرف أن قرار المواطن المصري بشراء سيارة  ليس أمراً سهلاً، خاصة في ظل أزمة مزدوجة على المستوى العالمي، ترتبط بالتضخم وارتفاع أسعار الخامات ومكونات الإنتاج، ثم ما يتعلق بصناعة السيارات ومشكلة نقص الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، كأحد نتائج الحرب الاقتصادية الدائرة بين الصين وشقيقاتها من ناحية، وأمريكا والدول الأوروبية من الناحية الأخرى، الأمر الذى يجعل شراء سيارة، مغامرة غير محمودة العواقب، خاصة مع انتشار ظاهرة "الأوفر برايس"، وما يتم تحميله على المستهلك من ضرائب وجمارك قد تصل بسعر السيارة إلى الضعف ربما أكثر عن تكلفتها الفعلية في بلد المنشأ.
 
وصلني من بعض المصريين في الخارج اقتراحات تتعلق برغبتهم في شحن سياراتهم الخاصة التي يستخدمونها في البلاد العربية والأوروبية إلى مصر،  دون الحاجة إلى شراء سيارة من مصر، وفق ما ذكرته من صعوبات عديدة في الفقرة السابقة، وفى المقابل يتم عمل وديعة بقيمة 10 آلاف دولار في البنوك الوطنية بدون فوائد، لدعم الاحتياطي النقدي لمصر في الوقت الراهن، وتضمن في المقابل أن تدخل هذه السيارات دون أعباء جمركية أو ضريبية.
 
أعداد المصريين في الخارج تزيد عن 10 ملايين مواطن، منهم حوالي 7 ملايين بالدول العربية وحدها، وفق بيانات وزارة الهجرة، وهم أكثر المهتمين بقرار العودة بسياراتهم إلى مصر، ولو افترضنا أن مليون شخص فقط من إجمالي الـ 10 ملايين بإمكانهم الالتزام بوديعة الـ 10 آلاف دولار، سيتم جمع مبلغ 10 مليارات دولار، وستصبح في حوزة البنوك المصرية، وهذا المبلغ مرشح للزيادة، خاصة أن هناك آلاف الأسر تنتظر تفعيل مثل هذا الإجراء، لكن كما أن للقرار إيجابيات عديدة تساهم في دعم اقتصاد البلاد في الوقت الراهن، هناك العديد من المعوقات والسلبيات لهذه الفكرة.
 
الجانب السلبي الأول لفكرة ربط وديعة دولارية مقابل شحن سيارة المصري في الخارج ودخولها البلاد بدون جمارك أو ضرائب أن يتحول الموضوع لتجارة، فيصبح عدد لا بأس به من الموجودين في الخارج "تجار سيارات"، لذلك يجب أن يكون الأمر محكوم بضوابط محددة، أهمها أن الأسرة بالكامل تكون لها سيارة واحدة فقط، ما دون ذلك يتم احتساب الإجراءات الجمركية والضريبية العادية، حتى لا يتحول الموضوع إلى تجارة خلفية في السيارات الجديدة أو المستعملة.
 
الجانب السلبي الآخر المتعلق بفكرة شحن سيارة المصري في الخارج مرتبط  بقضية إغراق السوق المصرية والتأثير على الصناعة المحلية، حتى ولو كانت مجرد "التجميع"، بالإضافة إلى الخسائر غير المسبوقة التي سيتعرض لها تجار السيارات، وما يترتب على ذلك من خسائر طويلة المدى للتوكيلات والمستوردين وأصحاب المعارض، وهذا يجب أن يتم وضعه في الاعتبار، بالإضافة إلى ما يترتب على الأعداد الهائلة المنتظر دخولها من السيارات إلى مصر، وما قد تساهم فيه من زيادة استهلاك المواد البترولية، وزيادة معدلات التلوث، وزيادة حوادث الطرق، بالإضافة إلى سرعة إهلاك وتقادم البنية التحتية المتعلقة بالطرق والكباري.
 
لا يمكن أن نقلل من وجاهة طرح آلاف المصريين في الخارج برغبتهم في شحن سياراتهم ودخولها إلى مصر بدون جمارك أو ضرائب مقابل وديعة 10 دولار في البنوك المصرية بدون فوائد، لكن أيضا من الأمانة أن نعرض كل الجوانب المتعلقة بهذه القضية، وعلى الجهات المعنية أن تدرس الموضوع بالصورة التي تخدم مصلحة البلد في الوقت الراهن، وتطوير الفكرة بالصورة التي تراها مناسبة للتطبيق، وتضع الضوابط التي تضمن آليات التنفيذ، ووضع تصور بالإحصائيات والأرقام، يمكن البناء عليه والوصول إلى نتائج عملية واضحة.








الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة