زيارة ربما تكون الأخيرة ، أجراها رئيس وزراء بريطانيا المنتهية ولايته بوريس جونسون إلى أوكرانيا ، وذلك بالتزامن مع دخول الحرب الروسية في الشرق الأوكراني شهرها السابع، حيث يغادر جونسون منصبه في 6 سبتمبر المقبل بعد سلسلة من الفضائح والأزمات التي دفعته للاستقالة من رئاسة حزب المحافظين، والتخلي عن منصبه في داونينج ستريت.
وفى زيارته التي تأتي قبل أسابيع من رحيله عن السلطة ، حرص رئيس الوزراء البريطاني علي توجيه عدة رسائل عكست امتداد للدعم الذي اظهره للإدارة الأوكرانية في حربها ضد روسيا التي وصفت جونسون نفسه بـ"أسوأ الأعداء" في الغرب.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة تليجراف، قال جونسون إن الغرب يجب أن "يواصل المسار" بشأن أوكرانيا على الرغم من ارتفاع تكاليف المعيشة بسبب الحرب، وأضاف إنه في حين أن فواتير الطاقة مرتفعة فإن شعب أوكرانيا يدفع بدمائه ثمن شرور روسيا.
وزعم جونسون أن الوحدة الغربية بشأن أوكرانيا "تنمو"، وذلك على الرغم من التقارير التي تفيد بتراجع الدعم بين الدول الأوروبية فيما يشل ارتفاع أسعار الطاقة الاقتصاد العالمي.
مناورات جونسون في الخارج ، طالما كانت محل انتقاد في الداخل البريطاني ، حيث سعي خصومه لاتهامه بمحاولة استغلال الحرب الأوكرانية للتعتيم علي المشكلات التي يعاني منها المواطن البريطاني، ففي المملكة المتحدة، من المتوقع أن يصل معدل التضخم هذا العام إلى أعلى مستوى له منذ 42 عاماً وهو 13.3% في حين من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد لأكثر من عام.
وقال البنك المركزي البريطاني - بنك إنجلترا - إن السبب الرئيسي في ارتفاع التضخم وانخفاض النمو هو ارتفاع فواتير الطاقة التي تسببت بها الحرب الروسية.
وخلال الزيارة ، حرص جونسون علي توجيه رسائل عدة ، حيث أقر بأن الدول الغربية دفعت ثمناً باهظاً، بما في ذلك المملكة المتحدة، إذ أدت الحرب المدمرة التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ارتفاع فواتير الطاقة، وقال جونسون: "نعلم أن الشتاء المقبل سيكون صعباً وأن بوتين سيتلاعب بإمدادات الطاقة الروسية في محاولة لتعذيب الأسر في جميع أنحاء أوروبا أول اختبار لنا كأصدقاء لأوكرانيا سيكون مواجهة هذا الضغط وتحمله".
وخلال الرحلة، قال بوريس جونسون الذي يقضي أيامه الأخيرة في منصب رئيس وزراء بريطانيا أن أوكرانيا "يمكنها وستكسب هذه الحرب" ضد "غازٍ بربري وغير شرعي" في إشارة الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كما أعلن جونسون عن حزمة دعم عسكري أخرى بقيمة 54 مليون جنيه إسترليني لأوكرانيا، ويشمل ذلك ألفي طائرة من دون طيار وذخائر قالت الحكومة البريطانية إنها تساعد أوكرانيا على "تتبع القوات الروسية واستهدافها بشكل أفضل".
وتعد المملكة المتحدة واحدة من الجهات المانحة الرئيسية للمساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا، وقد فرضت عقوبات شاملة على أهداف روسية ملاحقة أو مرتبطة بالحرب.
وقال جونسون إن المساعدات العسكرية البريطانية "ستمنح القوات المسلحة الأوكرانية الشُجاعة والصامدة دعما إضافيا لقدراتها، ما يسمح لها بمواصلة دفع القوات الروسية والقتال من أجل حريتها".
ورغم اضطرار بوريس جونسون لتقديم استقالته، قالت صحيفة الجارديان إنه مع اقتراب حسم السباق على زعامة حزب المحافظين ورئاسة وزراء بريطانيا بحلول 5 سبتمبر المقبل، يبدو أن أعضاء حزب المحافظين لديهم حنين لرئيس الوزراء المستقيل، فى الوقت الذى يفقدون فيه حماسهم تجاه المرشحين على خلافته.
واظهر استطلاع لصحيفة الاوبزرفر شمل 570 عضو من المحافظين بوادر أسف على "الزوال السياسي" لبوريس جونسون بسبب فضيحة "بارتي جيت" أو حفلات داونينج ستريت التي نظمت وقت إغلاق وباء كورونا، بالإضافة إلى نقص واضح في الحماس لأي من خلفائه المحتملين، كما أظهر الاستطلاع أيضا أنه في حال إقامة منافسة وجها لوجه بين جونسون وتروس، سيختار 63 % من أعضاء حزب المحافظين جونسون، مقارنة بدعم 22 % لتروس.
من جانبه عبر الرئيس الاوكراني عن تقديره لجونسون الذي كان يزور كييف للمرة الثالثة منذ بدء الحرب حيث قلده وسام الحرية اعلى تقدير في أوكرانيا يمكن منحه للمواطنين الأجانب، واثناء ظهوره في العاصمة كييف كشف زيلينسكي النقاب عن رقعة تذكارية تحمل اسم رئيس الوزراء البريطاني في "ممشى الشجاعة" خارج البرلمان.
وفي منشور على فيس بوك، قال زيلينسكي إنه "سعيد بالترحيب" بجونسون الذي وصفه بأنه "صديق عظيم لأوكرانيا"، وشكر رئيس الوزراء البريطاني على "الدعم الذي لا هوادة فيه لبلدنا منذ الأيام الأولى للعدوان الروسي الشامل، وعلى الدفاع الثابت عن مصالح أوكرانيا على الساحة الدولية"، وأضاف "بلدنا محظوظ لأن لديه مثل هذا الصديق".
كما أشاد زعماء عالميون آخرون بأوكرانيا في الوقت الذي تحتفل البلاد بمرور 31 عاماً على استقلالها عن روسيا وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الأوكرانيين "ألهموا العالم بشجاعتهم الاستثنائية وتفانيهم من أجل الحرية".
وأكد بايدن أيضاً تقديم دعم عسكري أمريكي جديد لأوكرانيا بقيمة 3 مليارات دولار - وهي أكبر حزمة أمريكية حتى الآن - ما سيساعد أوكرانيا على الحصول على أسلحة ومعدات.
وقال زيلينسكي إنه ممتن للولايات المتحدة على "دعمها الثابت"، وتعهد الرئيس الأوكراني "بتحرير" جميع أراضي بلاده التي تحتلها روسيا من دون "أي تنازل أو تسوية".