افتتح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، صباح اليوم، فعاليات الدورة الثانية لتدريب 50 إمامًا من وزارة الأوقاف في مجال اللغة العربية، وذلك بمركز المؤتمرات بالمدينة الجامعية، وتستمر لمدة 5 أيام، في إطار تنفيذ بروتوكول التعاون المشترك للإعداد الجيد والتدريب المستمر للنهوض بالأئمة والوعاظ في مختلف المجالات بما يساهم في دعم توجه الدولة نحو محاربة الأفكار الهدامة والسعي نحو تقديم خطاب ديني متزن خال من التعصب.
حضر فعاليات الافتتاح، الدكتور جمال الشاذلي نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، والدكتور عبد الله التطاوى مساعد رئيس الجامعة للشؤون الثقافية، والدكتور معتز عبد الله مساعد رئيس الجامعة لشؤون أعضاء هيئة التدريس، وقيادات وزارة الأوقاف.
وخلال كلمته، هنأ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، الدكتور محمد الخشت بالتقدم الكبير الذي حققته الجامعة في السنوات الأخيرة في التصنيفات الدولية، مشيدا بجهوده في إنجاح هذه الدورة وإمدادها بنخبة من العلماء والقامات والخبرات التي تساهم في تحقيق نتائج عظيمة للأئمة والوعاظ.
وذكر وزير الأوقاف، أن الدورة التدريبية للأئمة والوعاظ تتضمن العديد من المحاضرات والموضوعات المتنوعة حول آليات تجديد الخطاب الديني والأداء اللغوي، وتنمية قدراتهم العلمية وتثقيفهم في جميع المجالات، من خلال الاستعانة بخبرات وكفاءات من أعضاء هيئة التدريس المتميزين.
وأشار الدكتور محمد مختار جمعة، إلى التقارب بين كليات دار العلوم والشريعة وأقسام اللغة العربية بكليات الآداب، مؤكدًا أنها مدارس متعددة تثري بعضها بعضا وتتكامل، وكل خريجي هذه الأقسام يمكن أن يساهموا في العمل الدعوي المباشر.
وأوضح وزير الأوقاف، أن أخطر أنواع الاستعلاء هو الاستعلاء بالدين أو بالعبادة، مشيرا إلى أهمية أخذ الناس بالأيسر انطلاقا من منهج المسلمين يسروا ولا تعسروا، مؤكدا أن النشاط غير الصفي في الجامعات يسهم في تكوين شخصية الطالب أكثر من العمل الأكاديمي، وتوسيع مداركه الحياتية.
وأكد الوزير، أن الرسالة الأساسية التي يتم بثها للأئمة هي أننا نجمع ولا نفرق، ونتبنى الفكر الوسطي الذي يمثل اعتزازا بالهوية من خلال الاعتزاز باللغة العربية، مشيرًا إلى أن الوزارة أعدت كتابًا لأساسيات اللغة يشكل إضافة جديدة لتصويب الأخطاء.
كما أكد الدكتور محمد مختار جمعة، أهمية الخروج من دائرة الحفظ والتلقين إلى دائرة الفهم، موضحا أن الذائقة الأدبية والخطابية لايمكن أن تتم دون الذائقة اللغوية، لافتا إلى أن من يفهم معنى النص لا يمكن أن يلتبس عليه الحفظ، وأن كل كلمة أو حرف في القرآن تم حذفه أو ذكره أو تأخيره أو تقديمه تم في مكانه الصحيح بما يحقق المعنى الصحيح مستشهدا بعدد من الآيات القرآنية.
وأكد وزير الأوقاف، على عدم الجمود عند رأي واحد، وأن ما يكون مناسب لعصر قد لايتناسب مع عصر آخر، وأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والظروف، ولابد من إعمال العقل، لافتًا إلى ضرورة إعمال فقه المقاصد، مؤكدًا أنه قد يتم أخذ الصحيح مع وجود الأصح لحكمة تقتضي ذلك.
من جانبه، قال الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، إن هذه الدورة تأتي في إطار تلاقح العلوم في عقول الأئمة كضرورة من أجل تأسيس خطاب ديني جديد، كما أنها تعد ضرورة لأن تطوير اللغة العربية أحد أهم شروط تطوير الخطاب الديني.
وأوضح الدكتور محمد الخشت، أن تنظيم جامعة القاهرة للدورة التدريبية للأئمة والوعاظ يهدف إلى صياغة خطاب ديني جديد، والمساهمة في التأهيل والتدريب النوعي للأئمة والوعاظ.
وأوضح رئيس جامعة القاهرة، أن الجامعة بها العديد من أقسام التفسير والشريعة وأقسام الفلسفة واللغة العربية بكليات الآداب والحقوق ودار العلوم، مؤكدا أن العلوم الدينية جزء من الجامعة ومن علومها، مشيرًا إلى أهمية تبادل الخبرات بهدف تحسين وتطوير خطاب ديني يلائم العصر ويأخذ بيد المسلمين إلى الأمام.
وقال الدكتور الخشت، إنه لابد من توظيف مختلف العلوم في الخطاب الديني في مواجهة التطرف والإرهاب، موضحًا أن الدين يختلف عن الخطاب الديني، فالدين هو القرآن الكريم والسنة النبوية الثابتة، أما الخطاب الديني فهو كل ما نفهمه عن الدين ونكتبه ونعبر عنه، ولذا فإن الحديث عن تطوير وتجديد الخطاب الديني لايمس الثوابت والكتاب له معاني ثابتة وأخرى متغيرة.
وأكد رئيس الجامعة، أن كتاب الله يشتمل على ألفاظ أعجمية ليست في قاموس اللغة، وهنا لابد من تطوير لغتنا المعاصرة كجزء من تطوير فهم النص الديني، ولابد من إدخال مصطلحات جديدة إلى لغتنا بما يساهم في التعبير عن معاني جديدة بلغة جديدة بمفردات جديدة.
وأوضح الدكتور محمد الخشت، أننا في الخطاب الديني نحتاج مفردات جديدة تلائم العصر، لافتًا إلى ضرورة تطوير اللغة العربية وإدخال مفردات جديدة عليها بما يلائم العصر ويساهم في تجديد الخطاب الديني.
وفي ختام كلمته، أكد الدكتور الخشت على أنه لابد من تعددية الصواب والمعاني وهو ما نستطيع أن نقيس عليه الكثير، لافتا إلى أن تطوير الخطاب الديني يرتبط بتطوير اللغة العربية واتساع المعنى واحتمالية تعدد الصواب وبالتالي ضرب الفكر المتطرف في مقتل، موضحا أهمية التمييز بين المقدس الإلهي وبين التفسير وكلام الفقهاء الذي يحتمل الصواب والخطأ، لذا فإن فكرة الصواب المطلق خاطئة والفهم الجديد ليس خارجا عن قواعد اللغة أو عن السنة والنص القرآني.
وفي نهاية الدورة التدريبية تم توزيع كتابي "المدخل التأسيسي لمفوضية جامعة القاهرة للنهوض باللغة العربية"، و "أسس تحرير الكتابة العربية المعاصرة"، على الأئمة والوعاظ، وعدد من إصدارات وزارة الأوقاف المصرية.
جدير بالذكر، أن بروتوكول التعاون المشترك بين جامعة القاهرة ووزارة الأوقاف يتضمن تدريب الأئمة والوعاظ في اللغة العربية وآدابها، والإرشاد النفسي وعلم الاجتماع، ومهارات الإعلام وفنون الاتصال، بما يسهم في اتساع المدارك الحياتية للعاملين في الحقل الدعوي، ويسهم في التعرف عن قرب عن مدى الرؤية العصرية التي وصل إليها مستوى الأئمة والواعظات، وإبراز صوت وصورة الإسلام الوسطي السمح من خلال الفكر المتفتح المستنير الذي يتسلح به الأئمة والوعاظ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة