16 عامًا مرت على رحيل أديب نوبل العالمى نجيب محفوظ، الذى رحل فى 30 أغسطس عام 2006، بعدما وضع الرواية العربية فى مصاف العالمية، واستطاع أن يخلد اسمه فى سماء الأدب العالمى، ويصبح الأديب العربى الوحيد الحاصل جائزة نوبل فى الآداب ومن حينها لم ينال الجائزة أى عربى آخر.
فى "درب قرمز" أو حارة قرمز كما تسمى، بالتحديد على ناصية تلك الحارة الضيقة جدا، على بعد أمتار من قسم شرطة الجمالية كان العقار رقم 7 الكائن بالدرب، خرج إلى العالم طفلا أصبح جزءًا من تاريخ كبير، وإضافة إلى عالم واسع فى دنيا الرواية والأدب، فأصبح خالد الذكر والسيرة، وواحد من أهم الأدباء العرب في القرن العشرين، والعربى الوحيد الحاصل على جائزة نوبل فى الأدب، أنه الأديب العالمى نجيب محفوظ.
ولد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا، فى حى الجمالية بالقاهرة فى 11 ديسمبر عام 1911م، لأبٍ موظف وأمٍّ ربة منزل، تخرج فى كلية الآداب بجامعة القاهرة قسم الفلسفة، وقد أقدم على الحصول على الماجستير في الفلسفة الإسلامية، لكن لم يستطع الانتهاء منه لتوغله في البحث الأدبي؛ فآثر أن يتفرغ للأدب، فجاءت أعماله روائية حيلة فلسفية.
بدأ "محفوظ" رحلته فى عالم الأدب من بوابة القصة القصيرة، ونشر أولى قصصه فى مجلة الرسالة عام 1936، وكانت روايته الأولى "عبث الأقدار" التى نشرت عام 1939، ثم أتبعها بروايات: "كفاح طيبة" و"رادوبيس"، فتتناول فى تلك الثلاثية رؤيته التاريخية.
من التاريخ إلى الواقعية تحول أدب نجيب محفوظ، حيث بدأ التركيز على الأدب الواقعى فى عام 1945م، بروايات: "القاهرة الجديدة" و"خان الخليلى" و"زقاق المدق"، ثم جنح للروايات الرمزية كما في رواياته: "الشحاذ" و"الباقي من الزمن ساعة"، و"أولاد حارتنا"، والأخيرة كانت سببًا في جِدال طويل أدى إلى محاولة اغتياله بسبب تأويلات دينية للرواية لم تعجب المحافظين، حتى إنه قد تَمَّ منعها من النشر لفترة طويلة.
وقد تحول الروائى والكاتب "نجيب محفوظ" أثناء رحلته الأدبية الطويلة فى رصد الحياة عامة، ملامح الحياة داخل القاهرة خاصة؛ ليتحول هو نفسه إلى ملمح ثابت فى تاريخ الرواية العربية وتاريخ مصر الحديث؛ ولينتقل محفوظ خلال تلك الرحلة الطويلة من القصص والروايات ذات الطابع الفرعوني، والتاريخي، ورصد الأقدار، ومفارقات الحياة وعبثها وغموضها المبهم بطريقة أقرب للتساؤلات الفلسفية والتأملية في قالب قصصي؛ كما في: مصر القديمة (1932) همس الجنون (1938) عبث الأقدار رادوبيس (1943) كفاح طيبة (1944).
بعدها انتقل "محفوظ" للتأريخ الروائي، وصبغ رواياته الطويلة بالواقعية الجديدة، وهي مرحلة من أجمل مراحل محفوظ؛ حيث سيبدع في رسم شخصياته داخل أنساق اجتماعية مركبة وواقعية سحرية، تضيء شعلة الأمل لشخصياتها وقرائها، ثم تنطفئ في وجه رياح الواقع الشديدة ومأساويته، كالبرق ينير ويختفي؛ فتزيغ الأبصار وتحتار العقول، وبشكل عام جاءت أعمال نجيب محفوظ الأدبية كتحفة روائية يمكن تأويلها فلسفيا، فظهر وكأنه فيلسوفًا خسرته الفلسفة وكسبته الرواية العربية، حسبما وصفه النقاد.
نال "نجيب محفوظ" العديد من الجوائز والتكريمات، أهمها حصوله على جائزة "نوبل" العالمية في الأدب عام 1988م، ترجمت أعماله إلى جميع اللغات تقريبًا ويتم تدريسها في جامعات العالم المختلفة، ومع مرور الزمن أصبحت أعماله كالذهب كلما قدم أصبح أكثر قيمة، وكلما تعمقنا أكثر وجدنا أديبا وفيلسوفا نادر الوجود، دائم السيرة، أبدى الخلود.
جوائز أدبية عديدة حصل عليها نجيب محفوظ أديب نوبل خلال مسيرته الأدبية، نتذكرها معا، أولى الجوائز الأدبية التى حصل عليها نجيب محفوظ، كانت جائزة قوت القلوب الدمرداشية، عن رواية رادوبيس، 1943، وهى الرواية الثانية في ثلاثيته التاريخية التى كتبها فى مطلع حياته العملية مع روايتى "عبث الأقدار" و"كفاح طيبة".
أما الجائزة الثانية، فكانت جائزة وزارة المعارف عن رواية "كفاح طيبة" عام 1944، وبعدها على حصل على جائزة مجمع اللغة العربية عن رواية "خان الخليلي" 1946، وجائزة الدولة في الأدب، عن رواية "بين القصرين" 1957.
كما حصل نجيب محفوظ على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى وذلك عام 1962، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب 1968، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى 1972، وفى عام 1988 حصل على جائزة نوبل للآداب، وفى نفس العام حصل على قلادة النيل العظمى 1988، كما حصل على الوسام الرئاسي وشهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية فى القاهرة 1989.
أيضا حصل على جائزة مبارك في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 1999، والعضوية الفخرية للأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب 2002، بينما كانت آخر جائزة حصل عليها أديب نوبل هى جائزة كفافيس وذلك فى عام 2004.
رحل نجيب محفوظ يوم 30 أغسطس سنة 2006 عن 95 عاما، وقد بكاه المصريون جميعا اعترافا بقيمته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة