"ترددت كثيرًا قبل أن أشارك مشكلتي وأطلب المساعدة والدعم النفسي خاصة أن ثقافة اللجوء للطبيب النفسى من وجهة نظر المجتمع "عيب جدًا" ولكني فعلاً أبحث عن حل لمشكلتي، عمري 27 سنة. مشكلتي قد تبدو صغيرة، وهو ما كنت أعتقده قبل أن ألاحظ أنها تتفاقم.
أعاني من خوف ورعب بدون أى سبب، ففى وقت من أوقات حياتى كنت شخص خجول أتفادى التجمعات، ولكن ليس كثيرا فأنا شبه اجتماعى ولكني أميل للعزلة قليلاً.
هذا الخوف والرعب أثر على حياتي تمامًا، فعندما أتواجد بين الناس نبرة صوتي تتغير وأنا اسمع هذا التغيير بنفسى مما يؤجج مشاعر الرعب والخوف الذى أدى إلى ذلك أصلا، فإذا حاولت شرب كوب من الماء أمام الناس ارتعشت رقبتي، أما اذا ذهبت إلى تجمع ما واصبحت العين على لسبب ما اصبت بالرعب الشديد دون مبرر لذلك وتغيرت نبرة صوتى.
اتفادى النظر إلى عيون الناس بشكل غير مبرر أشعر أنى مجبر على ذلك. للحظات كنت اعتقد أن هناك مشكلة فى رقبتى، فعندما اوجه وجهى للناس اكون ناظرا للاسفل بعيد عن اعينهم واحتاج لرفع رقبتى الذى يجعلنى اشعر بمزيد من التوتر عندما اشعر أن من امامى يشعر بذلك. لا استطيع التحكم فى رعشة رقبتى . بل وصل الامر إلى اجبارى على ترك عملى خوفا من أن يرى الناس ما اعانيه فى صمت ولا استطيع أن اطلب يد العون او اكشف هذا الأمر.
تخرجت في كلية الحقوق فى العام 2018، وعملت بالمحاماه فوجدت أننى عندما اقف امام القاضى اتعرق بشدة وارتعش ولا استطيع نطق ما يجب نطقه.
وحدث ذلك أكثر من مرة حاولت أن امارس كل التمارين الخاصة بهدوء التنفس قبل الدخول لقاعة العمل فى المحكمة ولكن دون فائدة مما جعلنى اترك عملى وانا فى قمة حزنى فما كنت احب شئ كهذا فلطالما حلمت أن اكون محاميا او قاضيا، ولكن خوفى من فضح امرى امام الناس جعلنى افعل ذلك.
اليوم وعندما أخرج لأسير فى الطرقات بين الناس لازال شعور الرعب والخوف ينتابنى ليس دائما ولكن فى اغلب الوقت. فوت الكثير من فرص العمل خوفا من مواجهة المقابلات الشخصيه، على الرغم انه فى يوم ما كنت فخور بنفسى كيف يمكننى اقناع اى احد على ارض الواقع بلباقة لسانى وثقافتى التى تفوق سنى ربما. اتمنى لو احصل على دعم نفسى ومشوره تجعلنى احدد ما يمكن أن اعالج به نفسى".
****
القارئ العزيز، في غالبية الأحيان حين نركز بشدة على أن نبدو رائعين ومثاليين، ونخاف الفشل جدًا وأن نبدو بمظهر غير لائق أو نخفق في نطق كلمة ولا نتسامح مطلقًا مع فكرة أننا بشر نصيب ونخطئ ولا نتصرف جميعًا بطريقة واحدة فإن هذا يضع علينا ضغطًا كبيرًا يجعلنا نتوتر ويجعلنا نقترب أكثر من أسوأ ما نخافه، وهو تقريبًا ما يحدث معك.
يقول الدكتور مايكل فيكتور الاستشاري النفسي إن ما تعانيه يعرف بالقلق الاجتماعي أو فوبيا الاجتماعية، وهي مشكلة تتكون من شقين الأول قلق عام بنسبة عالية جدًا، والثاني ارتباط شرطي بين القلق وبين التواجد وسط الناس. لا إراديًا أصبح عقلك يترجم أن هذا القلق تعانيه دائمًا وسط الناس، فبدأ يركز أكثر حين تتواجد وسط الناس على ما تشعر به، وكيف يرونك وأنك متوتر وأن التوتر بلا شك يظهر عليك وأنك تتصرف بطريقة غريبة ثم يبدأ يتساءل عن حكم الناس عليك وكيف يرونك وكيف يرون تصرفاتك وهو ما يزيد من التوتر أكثر وأكثر، وهكذا تدور في حلقة مفرغة أصبحت أقرب إلى حفرة تزداد اتساعًا وعمقًا مع الوقت ومع ازدياد قلقك وأفكارك.
وينصحك الاستشاري النفسي باللجوء إلى طبيب نفسي، حيث يمكنه التعامل مع مشكلتك بطريقتين معًا، الأولى علاج دوائي لتقليل سرعة استجابة عقلك لتحفيز التوتر، ولتساعدك على الاسترخاء والهدوء وسط الناس، والثانية العلاج المعرفي السلوكي من خلال تدريبات تعودك على التعامل مع الناس بهدوء ودون توتر، حيث تبدأ التمرين بالاسترخاء في وجود عدد قليل من الناس وتعود عقلك على ألا يبالي كثيرًا بالطريقة التي ينظر بها الآخرون لك، وتقلل من أهمية رأيهم فيك، ثم يزيد العدد تدريجيًا حتى تعتاد على التواجد والتحدث بسلاسة وهدوء وسط الناس. ويؤكد أنه يمكنك أن تتعافى من هذا القلق الاجتماعي خلال ما يقرب من شهرين إلى ثلاثة إذا انتظمت على التدريبات السلوكية مع العلاج الدوائي، مشيرًا إلى أنه كلما تلاحظ تحسنًا في حالتك سيساعد هذا أكثر في تسريع استجابتك للعلاج.
خدمة وشوشة
فى إطار حرص "اليوم السابع" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "اليوم السابع" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس اب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة