خلال حياته المهنية، التى امتدت أكثر من نصف القرن، أسس المخرج على عبدالخالق لنفسه أسلوبا إخراجيا مميزا فى كل أعماله، ولكنه فى سينما الجاسوسية كان له طعم وبصمة مختلفة، فقد عرفت السينما المصرية أفلام الجاسوسية منذ الستينيات، عندما قدم فريد شوقى فيلم «الجاسوس» للمخرج نيازى مصطفى، وبعدها كانت هناك محاولات لتقديم أفلام من هذه النوعية أو شبيهة لها، قدمت بحرفية أكثر وإحكام واهتمام بالتفاصيل.
كان على عبدالخالق، أحد نجوم الإخراج فى سينما الجاسوسية مع كمال الشيخ ونادر جلال، حيث قدم سلسلة من الأفلام فى هذا الإطار منها «إعدام ميت» عام 1985 تأليف إبراهيم مسعود، ثم «بئر الخيانة» عام 1987، وفيلم «الكافير» عام 1999، للمؤلف نفسه.
سينما الجاسوسية تتطلب دائما بناء دراميا متماسكا، ودوافع ومبررات واضحة وحقيقية بعيدا عن الاستسهال، بالإضافة لإيقاع منضبط، وعدم الاندفاع وراء مشاهد الإثارة أو «الأكشن »، وهذا ما نجح فيه المخرج على عبدالخالق، فهو مخرج واع لما يقدمه فى كل فيلم، من موضوع بمفرداته وصيغه، ففى أفلام الجاسوسية التى قدمها، كان يدرك جيدا معنى أن يقدم فيلما يدور فى عالم خفى عن عيون العامة، فاستطاع أن يقدم لنا نموذجا مصريا لأفلام الجاسوسية جيدة الصنع، وفيلميه «إعدام ميت » و «بئر الخيانة » أهم ما يميزهما أنهما حققا المعادلة الصعبة للغاية فى تقديم فيلم جاسوسية مقنع.
«بإيدى أطهرك من الخيانة يا ولدى»
فى الفيلم الأول «إعدام ميت »، ركز على الجانب البطولى لأبناء مصر قبل حرب أكتوبر، وعمليات الخداع الاستراتيجى وحرب المعلومات، من خلال إرسال ضابط مخابرات «محمود عبدالعزيز » تتشابه ملامحه مع عميل خائن لوطنه، فيتم تجنيد الضابط وإرساله للتأكد من المعلومات، التى وصلت جهاز المخابرات المصرية، وبرغم أن الفيلم يصنف من أفلام الجاسوسية ومن ملفات المخابرات المصرية، فإن أغلب أفلام على عبدالخالق تلمح فيها الحس الكوميدى ولا تخلو من الفكاهة، وهو ما نراه هنا فى عدة مشاهد تجمع محمود عبدالعزيز وفريد شوقى، ثم فى مشاهد أخرى تجمع محمود عبدالعزيز ويحيى الفخرانى، وفى هذا الفيلم جملة لا تنسى، جميعنا يحفظها عن ظهر قلب، يقولها الممثل الكبير إبراهيم الشامى «الشيخ مساعد الطوبى » لولده الخائن محمود عبدالعزيز «منصور مساعد الطوبى »: بإيدى أطهرك من الخيانة يا ولدى.
«عاش خاين ومات كافر»
أما الفيلم الثانى وهو «بئر الخيانة»، الذى قام ببطولته نور الشريف وعزت العلايلى، قدم خلاله على عبدالخالق صراع الأجهزة المخابراتية وانتصار العقيدة المصرية، من خلال الجاسوس «جابر»، الذى قرر خيانة وطنه مقابل المال، لكن رجال المخابرات المصرية كانوا له بالمرصاد، وحاولوا إبعاده عن تجنيد الموساد له، لكنه كان مصرا على الخيانة، والفيلم يدور فى فترة ما بعد هزيمة 67، وتدور بعض الأحداث فى ميناء الإسكندرية، الذى كان يعمل فيه «جابر» الذى اعتاد سرقة بعض الأغراض من الشحنات الموجودة فى الميناء، حتى تم القبض عليه وترحيله إلى الجيش، فهرب منه إلى إيطاليا، وبالمصادفة يخرج «جابر» باحثًا عن عمل، فيكتشف أنه فى مكتب السفارة الإسرائيلية دون قصد، لكنها كانت بداية تجنيده لصالح المخابرات الإسرائيلية.
فى هذا الفيلم، أظهر على عبدالخالق الصراع بين عبدالعزيز مخيون، رجل الموساد، وعزت العلايلى، رجل المخابرات المصرية، حيث دائما ما تنتصر لعقيدة المصرية، وأيضا فى هذا الفيلم جملة شهيرة أصبحت محفورة فى أذهاننا، جاءت على لسان رجل المخابرات المصرية عزت العلايلى بعد انتحار نور الشريف: «عاش خاين ومات كافر».
قدم أيضا على عبدالخالق فيلم «الكافير»، بطولة طارق علام وعزت العلايلى وعبير صبرى، الذى يحكى كيفية الحصول على حقيقة الطائرة الإسرائيلية «الكافير»، ومدى قدرتها على القتال أثناء الحرب، وحقيقة الضابط المهندس المصرى الذى ذهب إلى هناك، وحاولت إسرائيل تجنيده لتطوير عيوب تلك الطائرة، ولكن هذا الفيلم لم يحقق نفس نجاح الفيلمين السابقين، وفى عام 2004 قدم على عبدالخالق فيلم «يوم الكرامة»، وهو فيلم حربى عن قصة بطولية للقوات البحرية المصرية فى الفترة التى أعقبت حرب 1967، فعقب حرب الأيام الستة فى يونيو 1967 كانت الروح المعنوية فى أقل معدلاتها تماما، لكن بعد أسابيع قليلة، كانت معركة رأس العش، التى أعادت الأمل وروح البطولة لأبناء القوات المسلحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة