عندما تنظر إلى عبد الرحمن وحيد، ستنتابك للوهلة الأولى، حالة التعاطف التى تغمر مشاعر كل من يرى طفلا معاقا، خاصة إذا كان مثل: عبد الرحمن الذى فقد ذراعيه وتكسرت بعض اجزاء رأسه وقلبه فى الجانب الايمن، ولكن عندما تتحدث إليه ستتحول مشاعرك رغما عنك إلى إعجاب شديد، بهذه الكتلة المتحركة من الأمل المدفوع بمجموعة من المواهب والهوايات، نادرا ما تتفق على إنسان واحد.
ذكاء وإصرار وتميز، صفات اجتمعت به جعلته واحدا من أبطال الرياضة، لم يقف طويلا أمام إعاقته، فيداه المبتورتان وقلبه النادر المخلوق فى يمين صدره وأصابع قدميه غير المكتملة، لم تكن يوما عائقا أمام تحقيق طوحاته وأحلامه، فحقق البطولة تلو البطولة، وحصل على الميداليات الذهبية، وذاق طعم النجاح بشكل متكرر، حتى أصبح صفة مقترنة به دائما، فحين يذكر النجاح والتفوق يذكر بطل قصتنا عبد الرحمن.
وقال "عبد الرحمن" خلال لقاءه بكاميرا التلفزيون اليوم السابع، ولد بتشوه خلقى نتيجه تناول والدته بعض الادويه دون علم بحملها مما جعل يديه تنتهى عند مفصلى المرفق، فضلا عن تشخيص خاطئ لشرخ دماغى وتشنجات، فأجرى عدة جراحات فى رأسه للتخلص من التشنجات وقام الطبيب بتكسير بعض عظام رأسه، ولكن لم يمنعه ذلك من مواصلة حلمه بل أصبح بطل للجمهورية فى الجرى لثلاث سنوات وفاز بالميدالية الذهبية فى الجرى والوثب،وقاده شغفه مؤخرا للتمرين على تنس الطاولة.
وأشار " عبد الرحمن" لم أشعر "بفضل الله تعالى" أننى إنسان غير طبيعى أو عاجز تعلمت أن الإصرار والعزيمة بعد توفيق الله هى من تقودك للنجاح، واعتمد على نفسى فى كل شيء ولله الحمد فى الأكل والشرب والملبس والوضوء والصلاة دون مساعدة من أحد بل إننى أقدم للآخرين المساعدة.
أنا شايف نفسى مميز وبطل ومفيش حاجة اتكسف منها "، هذا ما قاله عبد الرحمن عن نفسه، فعلى الرغم من المشاكل الصحية العديدة التى يعانى منها إلا أن إيمانه القوى وثقته بنفسه كانتا سببين كافيين لتقبل شكله والشعور بالرضا والسعادة.
وأضاف، "أشعر بالفخر لكونى أفضل من بعض زملائى الذين يستخدمون أيديهم، واصلت تعليمى وأنا الآن فى الفرقه الاولى لكليه الحقوق التى كنت أحلم بها عازمًا بإذن الله على مواصلة تعليمى الجامعى بالتفوق".
لم يكتف عبد الرحمن بمواصلة تعليمه والاعتماد على ذاته بل جعل ممارسة الرياضة الأمل الذى يشعره بوجوده ونجاحه، على الرغم من خوف والديه من ممارسته أى نوع من أنواع الرياضة خوفا من سقوطه على رأسه الذى انتزعت العظام من إحدى جوانبها مما يعرض حياته للخطر، إلا أنه استطاع بحماسه وإصراره أن يقنع والديه، وتحقيق مراكز أولى لثلاث سنوات متتالية فى الجرى والوثب وحصوله على الميدالية الذهبية، ولكنه لم يكتف بذلك بل يتمرن حاليا على تعلم التنس ويساعده مدربه على ذلك بربط مرفقيه والمضرب بواسطة رباط ضاغط، وتعليمه طريقة مختلفة للجرى يحافظ بها على اتزانه.
وتابع: "بتمنى أكون بطل عالمى فى التنس وأشجع كل ذوى الإعاقة على مواصلة حلمهم وأقولهم إنهم يقدروا يحققوا كل حاجه وأن الإعاقة إعاقة فكر".
واختم لقاءه: "نظرات الشفقة كانت أكثر شيء يضايقني ولكن ردى عليهم دائما كان بالنجاح وأنى أثبت لهم أن مفيش فرق بينى وبينهم والحمد لله راضي بشكلي ومتقبله".