ربما لم يدرك الكثير من شبابنا ذكرى يومنا هذا الحادي عشر من سبتمبر، فمعظم الشباب في ذلك الوقت، إما كان في سن الطفولة أو أنه لم يولد بعد، فمنذ واحد وعشرون عاما وفي مثل هذا اليوم من عام ٢٠٠١، وقع بركان هز العالم كله ولم تعد بعده الدنيا كما كانت، حيث وقعت أحداث يوم الحادي عشر من سبتمبر، حيث اختطفت أربع طائرات أمريكية من أربع فرق تابعة لتنظيم القاعدة، وتم توجيهها لتنفيذ هجوم انتحاري وضرب أهداف محددة هي برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاجون في العاصمة واشنطن، وقد أسفرت تلك الأحداث عن مقتل ٢٩٧٧، وإصابة تعدت ٢٥ ألف أصابة، وربما أهداف أخرى لم تتحقق بسقوط الطائرة الرابعة !
حتى يومنا هذا لم تنس ولن تنسى الولايات المتحدة تلك الكارثة الإنسانية، التي أودت بحياة آلاف من البشر، وأصابت عشرات الآلاف بإصابات جسمية ونفسية، وظل المجتمع الأمريكي بعدها لسنوات طويلة ربما تكون ممتدة حتى وقتنا هذا محاطا بمخاوف وفزع كبيرين، لم يستطع تجاوزهما، رغم قتل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري بعدها بعدة سنوات، والأخير قتل منذ أشهر قليلة في أفغانستان، فالحدث شنيع وأمريكا تم الغدر بها في قلب أكبر مدنها ورمز قوتها .
منذ اللحظات الأولى أشارت أصابع الاتهام إلى المتطرفين المسلمين، ولم يصرح أحد أو يتبنى تلك الأحداث، حتى اعترف أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في علم ٢٠٠٢، بتدبير تلك الأحداث البشعة بنشر ڤيديوهات وتسجيلات صوتية يعلن فيها أسباب تدبيره لهذا الهجوم . و منذ ذلك الحين وصورة الإسلام والمسلمين في الغرب تزداد تشويها يوما بعد يوم، وفورا تشير إليه أصابع الاتهام مع كل عمل إرهابي، ثم يزداد الطين بلة بجماعات وفرق وأفراد ينقلون صورة غير صحيحة عن الإسلام والمسلمين، وهو ما يعني أن تظل أجيال تعاني من ظلم نتج عن أفعال متطرفة مدفوعة بخيانة أو بعقليات إرهابية متطرفة، أو بأيادي خفية، والإسلام برىء في كل الحالات، ودفع المسلمون الثمن تماما مثل ضحايا هذا اليوم .
استطاعت الولايات المتحدة أن توظف أحداث هذا اليوم توظيفا سياسيا على أوسع نطاق، فهي من ناحية تغزو من تشاء من الدول وتدفع بجيوشها حيث تشاء، وتقتل وتعتقل من تشاء، كل هذا تحت ستار الثأر ومحاربة تنظيم القاعدة ومطاردة قادته، ومن ناحية أخرى ضيقت على المواطنين وعلى الدول وعلى كل العالم تحت زعم محاربة الإرهاب.
صحيح أن ما تعرض له المجتمع الأمريكي لا يصدقه عقل، ولا يمكن تخليه ولا يرضاه أي ضمير إنساني ولا سيما ضمير المسلم، لكن ما ارتكبته الولايات المتحدة فيما بعد من سياسات حادة وتدخلات سافرة في شئون الدول وسوء معاملة لمواطني الشعوب العربية والإسلامية - قد جعل الكثيرون ينسون هذا اليوم المؤلم، الذي لطخته دماء آلاف الضحايا الذين دفعوا حياتهم ثمنا لذنب لم يرتكبوه ولا يعرفون عنه شيئا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة