أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: الحقيقة والمعلومات أقرب طريق لمواجهة الشائعات.. أرشيف التشكيك يرد على نفسه للمواطن وليس لماكينات الدعاية السوداء

الأربعاء، 14 سبتمبر 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هو عصر المعلومات بالفعل، لكنه ليس عصر المعرفة الصعبة، وإذا كان الاستناد للمعلومات الحقيقية أول خطوات التحليل الصحيح، فإن هذه القاعدة البسيطة تبدو صعبة التحقيق فى زحام البث والنشر، خاصة من خلال الأخبار المغسولة والتقارير الموجهة.
 
وعلى مدى 9 سنوات تعرضت الدولة المصرية لكمية من الشائعات تتجاوز الملايين، ويوميا هناك كم من الشائعات يتعلق بالاقتصاد والسياسة والأسعار والتعليم والصحة، وحتى الأزمة الاقتصادية العالمية التى يشاهدها العالم على الهواء، لم تخل من شائعات أو أخبار مغسولة يتم بثها باحترافية، اعتمادا على أنصاف المختصين، استغلالا لزحام البث. 
 
ودور الإعلام توضيح وتبسيط الأفكار والمعلومات للمواطنين غير المتخصصين وعدم تركهم لماكينة التشكيك، أو وضع المجتمع بموقع الدفاع، عن مشروعات ومبادرات تمثل قفزات فى التنمية، حيث إن الطرق والمحاور التى وفرت الوقت والطاقة والكثير من فرص العمل، أولوية ملحة من أجل بناء الدولة، وأيضا القضاء على الأماكن الخطرة والعشوائيات من خلال إنشاء 5 مدن جديدة، وإسكان اجتماعى، وإطلاق مبادرات التقسيط، حتى يجد المواطن البديل الآمن والآدمى.
 

مجالات الحوار

 
ولا مانع من فتح مجالات الحوار حول التفاصيل، انطلاقا من مرحلة البناء، والاستماع إلى آراء تنطلق من محاولة الفهم، ومراجعة الآراء التى صدرت من قبل والتوقعات، التى أصبحت نوعا من الكوميديا.
 
ومراجعة بسيطة لأرشيف البث من منصات فضائية ولجان إلكترونية ومواقع التواصل، يمكن أن تكشف ما طرحته منصات العداء، وما تحقق، فى كل خطوة وكل قرار، سواء ما يتعلق بالمشروعات الكبرى فى الطرق والنقل والعشوائيات والطاقة والإسكان، أو جائحة كورونا، وصولا إلى مبادرة حياة كريمة.
 
عندما بدأت جائحة كورونا، سارعت الدول الكبرى باتخاذ إجراءات إغلاق تام، وتوقفت أنشطة صناعية وزراعية بجانب شلل فى السفر، الدولة المصرية اتبعت إجراءات مرنة، بين الإغلاق والفتح، مع إجراءات وقائية وصحية، وتم توفير مستشفيات العزل والأدوية، مع إعلان الأرقام للإصابات والوفيات بشكل مستمر، وتقديم دعم نقدى لفئات من العمالة غير المنتظمة، وإذا رجعنا لأرشيف المنصات الفضائية والاجتماعية نجد كم التهجم والانتقادات والتقليل من قدرة الدولة المصرية على المواجهة، ومبالغات فى الأرقام وشائعات، ولوم لعدم الإغلاق على غرار ما اتبعته أوروبا والدول الكبرى، وتعرضت الأنظمة الطبية الأوروبية لهزات، وارتباكات، ونقص فى مواد الوقاية، وارتفعت الوفيات والإصابات بشكل كبير، وحتى بروتوكولات العلاج نفسها ظلت محل شك وتضارب. 
 
فى التقييم النهائى، فإن مصر نجحت - دون دول العالم - فى تخطى الجائحة بخسائر أقل، وتقدمت على دول ذات إمكانيات أكبر، وأى منصف يفترض أن يرى الأمر من زاوية نجاح، واعترفت منظمة الصحة العالمية نفسها، بأن الإغلاق التام كان خطأ، وأن الفزع ضاعف من حجم الخسائر والأخطاء فى التعامل مع كورونا. مصر حققت نجاحا بفضل التعامل بمرونة وثقة، مع جائحة أربكت دولا أكبر فى الإمكانيات والاقتصادات، ويمكننا مراجعة تجارب الدول مقارنة بتجربتنا، حتى يمكننا التوصل لتقييم عادل، من دون تهوين أو تجاهل. 
 

الحوار الوطنى

 
وهو نفس ما يفترض أن نتعامل به أثناء الأزمة الحالية، التى تجرى علنا، ولا يمكن إخفاؤها أو تجاهلها، وتستلزم اتخاذ إجراءات لتقليل آثارها، تكاد أزمة الطاقة تعصف بأوروبا والعالم، وتضطر هذه الدول إلى إجراءات تقشف وترشيد، وإجراءات مصرفية ومالية، لمعالجة التداعيات المتسارعة، توقف الإنتاج، ونقص السلع، مع ارتفاع غير مسبوق فى الأسعار يدفع فئات كثيرة إلى مستويات اجتماعية أقل، والأسعار فى أوروبا تتجاوز حواجز الإمكان لبعض الأسر، وفى مصر هناك إجراءات اجتماعية ودعم للأسر لمدد تصل إلى 6 أشهر أو أكثر، والحفاظ على أسعار الخبز والمواد الأساسية لملايين الأسر، تمثل معالجة، بجانب إجراءات أخرى واستمرار العمل فى المشروعات مثل مبادرة «حياة كريمة»، أو المشروعات الزراعية التى أسهمت فى تأمين نسبة من المحاصيل ومنها القمح، وهذه المشروعات كانت محل تشكيك، وشائعات عن عدم القدرة على إنجازها، ووصل الأمر إلى أن تصبح شبكات الطرق، ومحطات الكهرباء، أو المدن السكنية ومصانع النسيج والمواد الغذائية والأدوية محل تساؤلات وشائعات.
 
ولم تخل مبادرة إطلاق الحوار الوطنى من نفس الطريقة فى التعامل، حيث تتعامل منصات العداء بنفس الطريقة السابقة التى اعتادتها وروجتها على مدى سنوات، وزعموا أن المبادرة لاستهلاك الوقت، وأنها لم تتح لكل الآراء مجالها، أو التراجع عن تفعيل لجنة العفو الرئاسى، لكن التجربة أثبتت مدى جدية الدولة فى الحوار وإتاحة الفرصة لكل الآراء بتنوعاتها، انطلاقا من الرغبة فى إنجاح الحوار باعتبار أن  الدولة بلغت درجة من اللياقة، تضاعف من حجم الثقة والاطمئنان، وأن الشعب لديه حواس قادرة على الفرز والتفاعل، خاصة مع الآراء الجادة، بعد 9 سنوات، شهدت تحولات كبيرة، وتجارب أنتجت سياقا تختلف فيه الآراء عن الواقع، أو القدرة على طرح برامج وبدائل، وأن الحوار الوطنى يعكس حالة من الحيوية بين الدولة والمجتمع، تسمح بالمزيد من إدارة التنوع سياسيا ومجتمعيا، بعد أن قطعت شوطا فى ملفات كثيرة، ربما تكون بحاجة لتركيز الأضواء عليها ومناقشتها.
 

خبراء متنوعون

 
الحوارات تفتح المجال لسياسيين أو خبراء متنوعين، لتقديم وجهات نظرهم فى المشروعات الكبرى، مثل تأمين الطاقة، أو ما نشأ من صناعات أو مشروعات زراعية، أو تقديم آراء للتعامل مع قضايا مطروحة، مثل القضية السكانية التى تمثل أحد الموضوعات المهمة التى تحتاج إلى حلول توقف الانفجار السكانى، خلال سنوات، حتى يمكن الشعور بحجم أى نسبة نمو، فضلا عن تطوير الخدمات والإجراءات الاجتماعية، والصحة، والتعليم، بما يتناسب مع حجم السكان. 
 
الحوار يتيح للتيارات والخبراء فرصة قراءة الملفات والتعامل مع الأرقام والقضايا الاقتصادية والاجتماعية، بناء على دراسة، وليس من خلال طرح آراء فردية.
الدولة تطرح فرصة النقاش حول المستقبل وتوسيع المجال العام، بما يضاعف من بناء جسور الثقة وآفاق التفاهم، ويرتب مسؤولية على أطراف الحوار، يدفعها للاستعداد بشكل يجعلها قادرة على الإقناع.
 
ولا يترك الرئيس عبدالفتاح السيسى فرصة من دون التأكيد على أهمية إعلان الحقائق والمعلومات، ويوجه الحكومة لكشف القرارات والخطوات والخطط، حتى تكون قاعدة التحليل متاحة للجميع، بمن فيهم الآراء المختلفة والمعارضة، بل إنه وجه الحكومة بعقد مؤتمر عالمى لإعلان خطوات التعامل مع الأزمة العالمية، والخطوات التى تمت، مثلما كان الأمر مع كورونا،  وأثناء افتتاح عدد من المشروعات بهيئة قناة السويس، أعاد الرئيس التذكير بما طرحته منصات العداء فى مشروع القناة الجديدة، وكيف أثرت بالإيجاب فى عوائد القناة بالرغم من تأثر حركة التجارة العالمية.
 
لم يكن حديث الرئيس شعورا بالقلق، بقدر ما كان محاولة لكسب الثقة بالنفس وطرد الطاقة السلبية، فى التعامل مع أزمة اقتصادية عالمية، وكساد يجتاح العالم بشكل كاسح، وإن استمرار المشروعات القومية يعنى استمرار دوران ماكينة الاقتصاد وتوفير فرص عمل.
 
الرئيس وجه الحكومة لعقد مؤتمر اقتصادى يتيح لكل خبراء الاقتصاد إعلان آرائهم، وتحليلاتهم، وتوصياتهم، من كل المدارس والتيارات، بالشكل الذى يصب لصالح الحوار الوطنى، بمحور الاقتصاد، وهو سياق عام يضاعف من بناء جسور الثقة، ويوسع إدارة التنوع.  
 
الشاهد فى كل هذا أن الحقيقة تدحض الشائعات، وأننا فى عصر لا يمكن فيه إخفاء المعلومات، لكن الأمر بحاجة لتعاون من كل الجهات لطرح وجهات النظر المتعددة، وهو أمر تتيحه الدولة من خلال مؤتمر اقتصادى، وحوار وطنى شامل للجميع.
 

 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة