فى العاصمة الأردنية عمان، ومنذ اللحظة الأولى تجد نفسك فى عاصمة عربية تفتح قلبها وعقلها، ولا تتوقف عن الحركة والعمل، أنت فى مركز تأثير يتقاطع مع كل خطوط القضايا الإقليمية والدولية، تحديث وتنمية وسياسة فى كل مكان، وبالرغم من أن الأردن محاط بأحزمة التوتر خلف حدوده، فإنه يحتفظ بقدرة هائلة على حفظ استقراره، بسياسة تنفتح على الجميع، وتعالج الأزمات بحكمة ودقة.
كنت وعدد من الزملاء الإعلاميين فى زيارة للعاصمة الأردنية عمان ضمن وفد إعلامى مصرى من رؤساء التحرير والكتاب، بدعوة من وزارة الدولة للإعلام، وبجانب كرم الاستقبال فقد فتحت لنا الدولة الأردنية قلبها وعقلها، وأتاحت لنا لقاءات متعددة مع كل المسؤولين فى الحكومة الأردنية برئاسة بشر الخصاونة وهو سياسى أردنى صاحب تاريخ متسع فى مصر سفيرا، وكان كدأب سفراء المملكة الأردنية نشيطا منفتحا على الصحافة والدوائر المصرية، يفعل ذلك بحب لمصر، والمصريين، ضمن سياسة أردنية يتبعها الملك عبدالله الثانى، وتقوم على التفاعل والتفاهم والدعم المتبادل.
هناك ما يشبه التطابق فى وجهات النظر بين الأردن ومصر، وأيد ممتدة، الملك عبدالله الثانى كان أول زعيم عربى يزور القاهرة بعد ثورة 30 يونيو، ويلتقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهناك الكثير من المشتركات بين مصر والأردن من حيث التحديات والسياسة الخارجية التى تقوم على التوازن وحفظ الاستقرار والدفع نحول السياسة وخفض التوترات.
فى الأردن تجد ارتباطا وتقديرا لمصر والمصريين، والأردنيون ودودون مقبلون بترحاب حقيقى ودفء، وهو أمر لمسناه من المسؤولين والأشقاء فى المملكة.
منذ اللحظة الأولى لترتيب الزيارة، تم تقديم كل التسهيلات من القاهرة بجهد مقدر من السفير الأردنى بالقاهرة الصديق أمجد العضايلة الدبلوماسى النشط المثقف وخير ممثل للمملكة الأردنية ومصالحها بقدرة دبلوماسية محترفة.
على مدى أربعة أيام استمعنا لرئيس الحكومة لمدة ساعة وأكثر، بمقر مجلس الوزراء، وقبلها التقينا فيصل الشبول وزير الدولة للإعلام، الذى كان وراء تنسيق الزيارة وحرص على مرافقتنا فى كل اللقاءات التى تلت لقاء رئيس الحكومة، وكلها لقاءات تعلقت بالقضايا العربية والإقليمية والدولية وكيفية التعامل معها، التقينا أيضا نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية أيمن الصفدى، بحضور سفيرنا فى عمان محمد سمير، وفى المساء بترتيب وزير الدولة للإعلام فيصل الشبول التقينا وزراء الداخلية والصحة والتخطيط والاقتصاد الرقمى والعمل والشؤون القانونية وكبار المسؤولين فى الحكومة الأردنية، وهو لقاء تضمن استعراضا لأنشطة الحكومة فى كل المجالات، وفى اليوم التالى زرنا بعض المؤسسات المهمة مثل الهيئة المستقلة للانتخابات ثم مركز تطوير المناهج الدراسية، وهيئة الانتخابات، التى تمثل تجربة سياسية ثرية وحديثة، تدعم التنوع الحزبى والسياسى وتستوعب الأفكار، والمشاركة السياسية للمواطنين، وهو سياق أطلقه الملك عبدالله، بناء على حوار وطنى واسع قبل سنوات، وتمت ترجمته دستوريا ليتيح توسيع الأحزاب ودعم نسب تمثيلها فى المجالس النيابية والبلدية، والهيئة المستقلة للانتخابات إحدى أدوات ونتاج التصور السياسى الحديث.
وأكثر ما يلفت النظر فى كل اللقاءات هى النشاط والجهد المستمر فى المملكة الأردنية، هناك حركة تحديث وتنمية متواصلة لا تتوقف فى الأردن، وتجربة سياسية لافتة ونشطة بالداخل، بجانب مواجهة تحديات كبيرة بحكم الموقع والدور، جهود التحديث تتم من خلال كوادر لديها كفاءة وهناك حوار مستمر مع الرأى العام وإدراك كامل لمصالح الأردن يقف خلفها الملك عبدالله الثانى، بقيادة منفتحة على المجتمع والعالم والإقليم، وسياسة تتم بميزان الذهب.
كل خطوة ترى فيها بصمات الملك المطلع الذى لا يتوقف عن العمل والتحديث ، وحماية مصالح شعبه من خلال سياسة متوازنة وبقلب مفتوح وعقل متوقد.
الأردن بحكم الجغرافيا له حدود وتقاطعات وسط إقليم يغلى بالأحداث على مدى عقود، وعلى مدى 23 عاما لم تتوقف التفاعلات السياسية حول الأردن، الذى يرتبط بحدود مع العراق وسوريا وفلسطين المحتلة ولبنان، وهى نقاط ساخنة وحدود مع المملكة العربية السعودية والخليج، الأردن يتأثر ويؤثر بانعكاسات الأحداث فى المنطقة والعالم، ويحمل الأردن مسؤولية كبيرة تجاه فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية، فضلا عن جهود ضمان مسارات الاستقرار ومواجهة تداعيات الأزمة، بالكثير من السياسة، ومن خلال كوادر محترفة تتميز بكفاءة ووطنية.
استقبل الأردن 1.5 مليون سورى، وقبلها عراقيين وجنسيات عربية من كل الدول التى تشهد غليانا سياسيا، بجانب ما يواجهه من تحديات الإرهاب وتهريب المخدرات، عبر حدوده التى تمتد إلى أكثر من 380 كيلومترا، كل هذا يفرض على أجهزة الأمن والقوات المسلحة جهدا ضخما.
ومع الأمن، هناك التعامل السياسى مع نقاط غليان وتوتر وحروب، حيث تعاملت المملكة مع هذا بسياسة تجمع بين المعالجة والحكمة، والتوازن لحماية مصالح الأردن، وعدم التدخل فى شؤون الآخرين، مع السعى للدفع نحو الحل السياسى للأزمات وخفض التوتر، وهى سياسة ناجحة وتلتقى مع السياسة المصرية، وهو ما ضاعف من قوة العلاقات المصرية الاردنية باتجاه سياسات البناء والسلام وخفض التوترات.
فى حديثه معنا، تحدث رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة فى قضايا كثيرة أردنية وعربية وإقليمية، وكشف عن اطلاع مفصل على تجربة التنمية فى مصر، وأبدى إعجابه بالتجربة الاقتصادية والتنموية، مشيرا إلى تفكير الأردن فى الاستفادة من تجربة العاصمة الإدارية بمصر، فى إنشاء عاصمة تستوعب احتياجات الدولة والمجتمع الأردنى.
تفاصيل كثيرة تحدث فيها رئيس الوزراء والوزراء فى الأردن، سوف أتناولها بالتفصيل، خاصة القضايا الإقليمية والدولية التى تفرض نفسها على مصر والأردن، وزير خارجية الأردن أيمن الصفدى، أكد تطابق الرؤى بين القاهرة وعمان، حيث مراكز التأثير ومطبخ السياسة الإقليمية، ونقاط التأثير فى تفاعلات وتقاطعات لا تتوقف على مدى أكثر من عقد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة