كان تشارلز داروين، بكل المقاييس، رجلاً وديعًا ونفورًا من الصراع. كان يميل في عمله المكتوب إلى عدم مهاجمة خصومه شخصيًا ونادرًا ما كان يلقي محاضرات عامة ولم يشارك أبدًا مرة واحدة في النقاشات وجهاً لوجه والتي كانت بمثابة أرضية إثبات عامة للأفكار العلمية في إنجلترا الفيكتورية.
لحسن الحظ، كان لمؤلف كتاب"أصل الأنواع" أتباع للقيام بكل ذلك من أجله وأشهرهم العالم الإنجليزى توماس هنري هكسلي والذي أطلق على نفسه اسم "بولدوج" الداروينية، كان هكسلي مسرورًا بتراجع الأرثوذكسية القديمة، سواء كانت علمية أو دينية، باسم التطور، عندما ذهب في جولة محاضرة في أمريكا الشمالية، وهي قارة لم يزرها داروين أبدًا، ظهر عبر صحيفة New York Daily Graphic في الصفحة الأولى.
كان جوليان هكسلي، حفيد توماس هنرى هكسلي، أقل شهرة خارج الأوساط العلمية، لكنه كان أيضًا عالم أحياء، وناشرًا دؤوبًا لنظريات داروين في القرن العشرين بأكثر من 30 كتابًا، وبصفته رئيسًا لمؤسسات عامة مثل حديقة حيوانات لندن ولاحقًا اليونسكو، فقد كان مسؤولا جزئيًا عن فكرة أن منطق التطور يملأ الحياة العصرية، من أجسادنا وعقولنا إلى السياسة والمجتمع نفسه.
وهنا في كتاب أليسون باشفورد "عائلة هكسلى..تاريخ التطور" تقدم الكاتبة هجينا مثيرا للاهتمام، عبر سيرة ذاتية مدروسة بعمق لمروج الداروينية الأشهر توماس هنري هكسلى وحفيده جوليان وعائلة هكسلي نتيجة الفحص الدقيق لكتاباتهم ومراسلاتهم كما أن الكتاب يعتبر بمثابة تاريخ فكري لبريطانيا من خلال عرضه التحولات الجذرية في العلم والمجتمع التي ولدت الحداثة.
ولد توماس هنري هكسلى عام 1825، وتوفي عام 1895 عندما كان جوليان في الثامنة من عمره، توفي جوليان نفسه في عام 1975، وترى أليسون باشفورد أن العلماء كانوا يسجلون بدقة هذا العصر، وأنه "مثل جانوس" تحول توماس هنري هكسلى إلى العلوم الطبيعية لفهم الماضي في أواخر العصر الفيكتوري.
تغطى أليسون باشفورد سيرة الأب وحفيده عبر أكثر من قرن مع الحفاظ على الاستمرارية مقتربة من نموذج للمجتمع الإنجليزي الليبرالي في وقتهما مقدمة توماس هنري كمناضل من الطبقة الدنيا يتسلق سلم الجدارة المبني حديثًا للعلوم المهنية، وهو الذى يحمل في قلبه إيمانا كبير بمشروعه لإزالة الغموض عن العالم.
كما تشرح أليسون باشفورد كيفية نقل توماس هنرى هكسلى وحفيده للعالم نظرية التطور عن طريق الانتقاء الطبيعي، وسط التحولات الهائلة في تاريخ العالم من عصر الإبحار إلى عصر الفضاء، ومن الحروب الاستعمارية للحروب العالمية للحرب الباردة.
يذكر أن توماس هنري هكسلي، كان عضوا بالمجلس الخاص للمملكة المتحدة وهو عالم أحياء إنجليزي وعالم أنثروبولوجيا متخصص في علم التشريح المقارن، وعُرِف باسم «بولدوج داروين» لدفاعه عن نظرية التطور لتشارلز داروين.
أما المؤلفة أليسون باشفورد فهى كاتبة ومؤرخة من استراليا تخصصت في كتب التاريخ والسيرة الذاتية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة