تنخرط عدة دول أوروبية في الصراع الراهن في ليبيا لعدة عوامل أبرزها الحفاظ على نفوذها الاقتصادي أو السياسي في البلاد، لكن يعد ملف الهجرة غير الشرعية أحد أبرز النقاط التي تدفع دول القارة العجوز للاهتمام بليبيا، حيث تنطلق قوارب الموت التي تحمل المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا هربا من الفقر والحروب في بلدانهم الأصلية.
أعلنت منظمة الهجرة الدولية خلال الأسابيع الماضية وفاة 114 مهاجرًا غير شرعيين وفقدان 436 آخرين، خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط من ليبيا إلى الشواطئ الأوروبية، وذلك خلال الفترة من الأول من يناير وحتى 30 أبريل الماضيين، فضلا عن إعادة أربعة آلاف و461 مهاجرًا إلى ليبيا خلال الفترة نفسها.
تُمثّل ليبيا نقطة الانطلاق الأساسية للعابرين نحو شمال المتوسط، حيث يغادر 90% من المهاجرين المتوجّهين إلى أوروبا عبر سواحلها، ويحاول الاتحاد الأوروبي دعم قدرات خفر السواحل الليبي ضمن خطته الرامية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ورصد خطوط إمداد المهربين، إضافة إلى مساعدة ليبيا على حماية حدودها الجنوبية من خلال تنشيط التعاون الأمني الإقليمي في منطقة الساحل.
وتلجأ الدول الأوروبية للتنسيق مع البلديات الليبية والمنظمات الدولية، خاصة المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة، من أجل تطوير برامج العودة وإعادة القبول لإعادة المهاجرين الذين لا يحتاجون للحماية إلى بلدانهم.
يقول الرائد على الخفيفي الضابط بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا لـ"اليوم السابع" أن عصابات الهجرة غير الشرعية على حدود دول شمال افريقيا بات لها حضور كبير بسبب امتلاكهم إمكانيات مثل سيارات الدفع الرباعي وهواتف ثريا وأسلحة، وهو ما ساعدهم في زيادة نشاطهم خلال الفترة الأخيرة.
وتكثف السلطات المصرية من جهودها لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية ومنع انتقال المهاجرين إلى أوروبا، وذلك في إطار التفاهمات بين القاهرة والاتحاد الأوروبى للتعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر.
يقول الرائد على الخفيفي إن منطقة "المثلث" على جنوبي شرق ليبيا نقطة التقاء للمهاجرين حيث يتم نقلهم إلى مدينة الكفرة ( الجنوب الشرقي لليبيا) وبعدها يتم نقلهم إلى المدن الساحلية تمهيدا لتهريبهم إلى أوروبا.
الرائد على الخفيفي
وأكد "الخفيفي" أن ليبيا تحتاج لدعم لوجيستي يتمثل في سيارات الدفع الرباعي والمعدات الحديثة ومراكز إيواء وغيرها من الأمور كي تتمكن من مكافحة الهجرة غير الشرعية، مشددا على أهمية التعاون للمساعدة في تأمين الحدود الليبية بأجهزة حديثة ومتطورة نظرا لطول الحدود المشتركة بين ليبيا ودول الجوار.
وأشار إلى وجود انتشار كبير لعصابات الهجرة غير الشرعية على الحدود الجنوبية لليبيا حيث أضحت تلك المنطقة ممر للمهاجرين، موضحا أن عدم دعم الدول الأوروبية لليبيا سيتدفق المهاجرين بشكل كبير إلى دول القارة العجوز مما سيتسبب في مشكلات اجتماعية في هذه الدول منها انتشار ظواهر انتشار السلاح والمخدرات والدعارة.
لفت "الخفيفي" إلى أن الحل الوحيد لظاهرة الهجرة غير الشرعية هي دول المصدر من خلال تنمية ومساعدة هذه الدول على التطوير وتوفير الخدمات لمواطنيها، وإيجاد فرص عمل في الدول المصدرة للمهاجرين كي لا يغامر المهاجر بحياته بحثا عن عمل في القارة الأوروبية التي تعد المتضرر الأول من ظاهرة الهجرة، مشددا على ضرورة تحرك دول أوروبا لمساعدة الدول المصدرة للمهاجرين بتوفير العيش الكريم في هذه الدول والمساعدة في بناء المستشفيات والمدارس والجامعات في الدول المصدرة للمهاجرين والتي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة.
ودشن الاتحاد الأوروبي قبل سنوات "الصندوق الائتماني الأوروبي للطّوارئ من أجل أفريقيا" لمحاربة الهجرة غير الشرعية وعودة المهاجرين وإعادة دمجهم في بلدانهم، وكانت أهداف الصندوق والتي قُدمت في وثائق إنشائه تنص على معالجة الأسباب الأساسية للهجرة غير النظامية ومنع ومكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بهم وتعزيز حماية النازحين والفارين من بلادهم وتعزيز التعاون بشأن عودة المهاجرين وإعادة إدماجهم في بلادهم وتعزيز سبل الهجرة النظامية.