أشارت صحيفة التايم في بحث بيئي إلى الظروف المناخية الجديدة التي يعيشها الكوكب والتي قد تجعل مناطق شاسعة من العالم غير قابلة للعيش فيها بينما ستكون الهجرة إلى الشمال الحل الأمثل.
ووفقا لما ذكره موقع "RT"، كتبت الصحفية المختصة بالشؤون البيئية جايا فينيس في صحيفة التايم: "بينما تتجمع الدول لتقليل انبعاثات الكربون، وتحاول تكييف الأماكن المعرضة للخطر مع الظروف الأكثر حرارة، هناك شيء أكبر يحدث بالنسبة لأجزاء كبيرة من العالم، إذ أصبحت الظروف المحلية شديدة التطرف ولا توجد طريقة للتكيف، سيتعين على الناس التحرك من أجل البقاء".
وهربا من المناطق الاستوائية والسواحل والأراضي الصالحة للزراعة سابقا، سيحتاج عدد كبير من السكان إلى البحث عن منازل جديدة.
وبحسب التايم، بدأت هذه الهجرة بالفعل، حيث انتقل من المناطق التي ضربها الجفاف في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا الكثير من الأشخاص، بسبب استحالة الزراعة وسبل العيش الريفية الأخرى.
تقول فينيس: "لقد تضاعف عدد المهاجرين على مستوى العالم خلال العقد الماضي، وستصبح مسألة ما يجب فعله حيال الزيادة السريعة في عدد السكان النازحين أكبر وأكثر إلحاحا مع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض".
ويتضمن تطوير الخطة الجذرية للبشرية للبقاء على قيد الحياة في عالم أكثر سخونة، بناء مدن جديدة شاسعة في أقصى الشمال الذي يمكن تحمله مع التخلي عن مناطق شاسعة من المناطق المدارية التي لا يمكن تحملها، إنه ينطوي على تكييف طعامنا وطاقتنا وبنيتنا التحتية مع بيئة وديموغرافيا متغيرة مع نزوح مليارات الأشخاص والبحث عن منازل جديدة.
تضيف فينيس: "يكمن أفضل أمل لنا في التعاون كما لم يحدث من قبل: فصل الخريطة السياسية عن الجغرافيا، على الرغم من أن ذلك يبدو غير واقعي، فنحن بحاجة إلى النظر إلى العالم من جديد وتطوير خطط جديدة تعتمد على الجيولوجيا والجغرافيا والبيئة.
وتتابع: "بعبارة أخرى، حدد مكان موارد المياه العذبة، وأين توجد درجات الحرارة الآمنة، وأين تحصل على أكبر قدر من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، ثم قم بتخطيط السكان والغذاء وإنتاج الطاقة حول ذلك، والخبر السار هو أن هناك متسعا كبيرا على الأرض".
وتشرح الباحثة الصحفية: "إذا سمحنا بمساحة تبلغ 20 مترا مربعا للفرد، حوالي ضعف الحد الأدنى لحجم السكن المسموح به لمنزل بموجب قانون السكن الدولي، فإن 11 مليار شخص سيحتاجون إلى 220 ألف كيلومتر مربع من الأرض للعيش فيها، وسيكون هناك متسع كبير لإيواء كل شخص على وجه الأرض في بلد واحد، تبلغ مساحة كندا وحدها 9.9 مليون كيلومتر مربع، بالطبع، أنا لا أقترح أي شيء على أنه سخيف، ولكن هذا شيء يجب التفكير فيه عندما يُزعم أن البلد "ممتلئ جدا" لعدد أكبر من الناس".
واعتبرت فينيس أن النبأ السيئ هو أنه لن يتأثر أي مكان على وجه الأرض بتغير المناخ، إذ سيخضع كل مكان لنوع من التحول استجابة للتغيرات في المناخ، سواء من خلال التأثيرات المباشرة أو النتيجة غير المباشرة لكونه جزءا من نظام بيوفيزيائي واجتماعي اقتصادي مترابط عالميا.
وتقول فينيس: "الأحداث المتطرفة تحدث بالفعل في جميع أنحاء العالم وستستمر في ضرب الأماكن "الآمنة"، ومع ذلك ستكون بعض الأماكن أكثر قابلية للتكيف مع هذه التغييرات بينما ستصبح أماكن أخرى غير صالحة للسكن تماما بسرعة إلى حد ما".
ووفقا لدراسة أجريت عام 2020، يعمل الاحتباس الحراري على تغيير الموقع الجغرافي لدرجة حرارة جنسنا البشري باتجاه الشمال، وسيتبعه الناس، تبين أن المناخ الأمثل للإنتاجية البشرية، أفضل الظروف لكل من الإنتاج الزراعي وغير الزراعي، هو متوسط درجة حرارة من 11 درجة مئوية إلى 15 درجة مئوية.
أظهر الباحثون أنه اعتمادا على سيناريوهات النمو السكاني والاحترار، من المتوقع أن يترك ما بين 1 إلى 3 مليارات شخص خارج الظروف المناخية التي خدمت البشرية بشكل جيد على مدى 6000 سنة الماضية، الهجرة ، ومن المتوقع أن يعاني ثلث سكان العالم من متوسط درجات الحرارة [التي توجد حاليا في الغالب] في الصحراء.
وكقاعدة عامة سيحتاج الناس إلى الابتعاد عن خط الاستواء وعن السواحل والجزر الصغيرة (التي ستتقلص في الحجم) والمناطق القاحلة أو الصحراوية، الغابات المطيرة والغابات هي أيضا أماكن يجب تجنبها، بسبب مخاطر الحريق، السكان سوف يتحولون إلى الداخل، نحو البحيرات، والمرتفعات وخطوط العرض الشمالية.
وبحسب الخبراء بالنظر إلى الكرة الأرضية، يتضح على الفور أن الأرض موزعة بشكل أساسي في الشمال، أقل من ثلث أراضي الأرض تقع في نصف الكرة الجنوبي ومعظمها إما في المناطق الاستوائية أو القارة القطبية الجنوبية، لذا فإن نطاق مهاجري المناخ للبحث عن ملجأ في الجنوب محدود.
ومن المناطق التي طرح اسمها، باتاجونيا وهي الخيار الرئيسي، على الرغم من أنها تعاني بالفعل من الجفاف، لكن الزراعة والاستيطان هناك سيظلان ممكنين مع ارتفاع درجة الحرارة العالمية، ومع ذلك فإن الأراضي الرئيسية للفرص بالنسبة للمهاجرين تقع في الشمال.
وبحسب الأبحاث سترتفع درجات الحرارة في هذه المناطق الأكثر أمانا، وسترتفع بشكل أسرع في خطوط العرض الأعلى منها عند خط الاستواء، لكن متوسط درجة الحرارة المطلقة سيظل أقل بكثير مما هو عليه في المناطق المدارية، بطبيعة الحال، يؤدي الاضطراب المناخي إلى حدوث طقس قاس، ولن يسلم أي مكان من هذه الأحداث الشائعة بشكل متزايد، ووصلت كندا إلى درجات حرارة 50 درجة مئوية في عام 2021، مما جعل كولومبيا البريطانية أكثر سخونة من الصحراء الكبرى، وبعد ذلك ببضعة أشهر، تعرضت للفيضانات القاتلة والانهيارات الأرضية التي شردت الآلاف، واشتعلت الحرائق عبر التندرا في سيبيريا ، وذوبان التربة الصقيعية يمثل أرضية متغيرة وغير مستقرة يمكن بناء البنية التحتية عليها.
وبحسب الدراسات تعد خطوط العرض الشمالية موطن للدول الأكثر ثراء التي لديها عموما مؤسسات قوية وحكومات مستقرة والتي تعد من بين أفضل الأماكن لبناء المرونة الاجتماعية والتكنولوجية لتحديات هذا القرن.
تقول فينيس في بحثها، ستشهد أنظمة البحيرات الداخلية مثل منطقة البحيرات العظمى في كندا والولايات المتحدة ، تدفقا هائلا للمهاجرين، مما يعكس الهجرة الجماعية السابقة من هذه المناطق، حيث يجب أن تحافظ المسطحات المائية الشاسعة على المنطقة معتدلة إلى حد ما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة