الأزمة العالمية .. لم تكن بريطانيا بمعزل عن الأزمة الاقتصادية العالمية التي اجتاحت دول العالم، وعلى ما يبدو أن تأثرها بالأزمة كان أكثر من غيرها، ما كشف عن هشاشة اقتصادية كبيرة تعاني منها بريطانيا على عكس ما تدعيه، وتروج له بأنها صاحبة الاقتصاد القوى، على النقيض تمامًا هناك دول من تلك التي وصفتها بريطانيا بالنامية نجحت أكثر منها في تجاوز الأزمة والتخفيف على مواطنيها من أثارها الاقتصادية بحزمة من البرامج والمبادرات المجتمعية .
الوضع في بريطانيا على الأرض يبدو وكأنه خرج عن السيطرة، وذلك بعدما أقترب حجم التضخم إلى 11%، وهي النسبة الأعلى منذ أزمة الحرب العالمية الثانية، والتي قابلها قيام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة أكثر من مرة لاحتواء أزمة التضخم، وزاد الدين العام بقيمة 285 مليار جنية إسترليني منذ 2021، وارتفعت توقعات منظمة ريزولوشن الخيرية بزيادة اعداد الفقراء في بريطانيا خلال العام الحالي 2023 إلى 1.3 مليون بريطاني، ليصل بذلك عدد الفقراء في البلاد إلى 16.5 مليون أي نحو 22% من سكان بريطانية، فيما أشار استطلاع رأي أجرته منظمة نيو لوكال البحثية في مايو الماضي أن 66% من البريطانيين لا يثقون بالحكومة لحل أزمة المعيشة.
وأثار فشل الحكومة البريطانية في التعاطي مع الأزمة الاقتصادية العالمية لم تتوقف فحسب على ما سبق، بل اجتاحت البلاد موجه من الإضرابات، والاعتصامات التي تشهدها حاليا المصالح الحكومية والقطاعات الخدمية منذ الشهر الماضي أبرزها ( الصحة، والاسعاف، والبريد، والنقل المواصلات، والسكة الحديد)، فضلاً عن تزايد طلبات البريطانيين المتقدمين للتنازل عن الجنسية، والتي بلغت 900 مواطن من المتقدمين خلال العام الماضي، بحسب تقرير نشرته صحيفة إندبندنت البريطانية كل ذلك وسط صمت تام وتجاهل حكومي للمطالب الشعبية التي تتزايد حدتها يومًا تلو الأخر.
العائلات البريطانية أبدت عدم ثقتها في حكومة ريشي سوناك، وحملوها الفشل في تجاوز الأزمة العالمية، وعبروا عبر حساباتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المختلفة عن عدم قدرتهم على دفع الضرائب، وفواتير الكهرباء والغاز، وسط الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة، والتي لم يقابلها أي زيادة في الأجور والمرتبات، مطالبين الحكومة بتخصيص ميزانية إضافية للعائلات الفقيرة.
منتصف العام الماضي كانت الحكومة البريطانية على موعد مع صيف ساخن، وتخوفات من شبح الانفلات الأمني تأثرًا بالأزمة الاقتصادية، وارتفاع معدل الجرائم خاصة السرقات بالإكراه، والسطو المسلح على المنازل، والمحال التجارية، الأمر الذي دفع الشرطة البريطانية رفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة تلك الجرائم بالقمع الأمني في البلاد، رغم تصريحات أندي كوك المفتش العام للشرطة البريطانية، لصحيفة الجارديان بإن تأثير الفقر وتراجع فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة سوف يؤدي إلى ارتفاع الجريمة، مما يعني المزيد من الضغط على رجال الشرطة الذين سيكون عليهم تطبيق صلاحياتهم لكن دون تشدد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة