الكل في واحد والواحد للوطن.. هذا ما عكسه المؤتمر الأول للتحالف الوطني للعمل الأهلى التنموى، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي وكبار قيادات الدولة، فالتحالف الذي انطلق في مارس الماضي – أي منذ أقل من عام- بمشاركة كبرى مؤسسات العمل الأهلي والتنموي، ويضم أكثر من 30 جمعية ومؤسسة أهلية وكيانا خدميا وتنمويا و27 اتحاد إقليمي، تعمل فى مختلف مجالات التنمية حققت على واقع الأرض نجاحات ملموسة، وأطلقت مبادرات تستحق الدعم والتشجيع والاستمرارية مثل مبادرة "ازرع" لدعم المزارع المصري بكافة الوسائل، بهدف زيادة الرقعة الزراعية والتركيز على المحاصيل الزراعية الاستراتيجية.
سبب النجاح معروف – وكان معروفا من زمن طويل ولكنه غاب عن العقل السياسي القديم- وهو التخلص من القوانين القديمة والبالية والتى لم تعد تتناسب وطبيعة المرحلة التي يمر بها المجتمع المصري، وتتطلب توحيد كافة الجهود والتنسيق فيما بينها عبر قاعدة بيانات واضحة لدعم خطة التنمية ورؤية الدولة للعام 2030 للتنمية المستدامة
النجاح الذي بدأنا نلمسه منذ انطلاق التحالف الوطني للعمل الأهلي – ومازال أمامه مشوار طويل- جاء بعد توحيد الجهود وتجسير الثقة بين منظمات العمل الأهلي والحكومة بدلا من علاقة الشك والارتياب بين الطرفين. وجاء ذلك بعد صدور القانون، قانون تنظيم الجمعيات الأهلية عام 2019.
القانون الجديد نص أنه "على جميع الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات والمنظمات الإقليمية والأجنبية غير الحكومية والكيانات، التي تمارس العمل الأهلي وفق التعريف المنصوص عليه في قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي الصادر بالقانون رقم 149 لسنة 2019، التي لم توفق أوضاعها، أن تقوم بتوفيق أوضاعها خلال مدة لا تتجاوز 6 أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون"، وأجاز القانون مد هذه المدة لمرة واحدة مماثلة بقرار يصدر من الوزير المختص بشؤون الجمعيات والعمل الأهلي بعد موافقة مجلس الوزراء.
التحرك التشريعي جاء في وقت تتجه فيه الحكومة المصرية لمزيد من التعاون مع الجمعيات الأهلية ودعم الجمعيات الأهلية، حيث أعلن الرئيس السيسي، خلال منتدى شباب العالم بشرم الشيخ في يناير الماضي، اعتبار 2022 عاماً للمجتمع المدني، الذي وصفه بـ"الشريك الأساسي"، كما تسعى الحكومة إلى العمل الأهلي بشكل أكبر في تمويل وتنفيذ خطة التنمية الاقتصادية، بينما تطالب المؤسسات الأهلية بأن تترك لها الحكومة مساحة أكبر في حرية الحركة والعمل.
وعلى أرض الواقع، الحكومة تقدم أيضا تسهيلات فعلية وتحل جميع العراقيل أمام منظمات المجتمع المدني لتسهيل عملها في مصر، وإعادة بناء جسور الثقة بينهم، والتوجه الى حل نقاط الخلاف المترسبة من سنوات سابقة مثل النقاط الخاصة بملفات الحريات وحقوق الإنسان، الكن في المقابل ستجد المنظمات الأهلية المختصة بملفات التنمية تسهيلات كبيرة.
وحسب بيانات وزارة التضامن فقد بلغ عدد الجمعيات الأهلية العاملة في مصر 55 ألف جمعية، تقدم 32 ألفاً منها بأوراق لتوفيق أوضاعها قبل نهاية المهلة القانونية، وتبقى 20 ألف جمعية طالبت الحكومة بمد المهلة قبل أن تتم الاستجابة لها.
وبالفعل صدق الرئيس السيسي في بداية مايو الماضي على القانون رقم 23 لسنة 2022، الذي يقضي بمد فترة توفيق أوضاع منظمات المجتمع المدني لعام آخر، ينتهي في 11 يناير 2023، بعدما انتهت المهلة القانونية في يناير الماضي.
الوزارة تؤكد أن جميع المنظمات الدولية العاملة في مصر تقدمت بملفات توفيق أوضاعها. وهو ما يؤكد يؤكد على ثقة هذه المنظمات في زيادة مساحة وحرية العمل الأهلي، وفقاً لما تم النص عليه في القانون، إضافة إلى الرغبة في عمل شراكات طويلة الأمد مع المنظمات المصرية بما يعني أن الحكومة تدخلت لتعديل الأوضاع الخاصة بجمعيات المجتمع المدني من خلال تشريعات تكفل لها حرية العمل والحركة، بعد تعديل قانون الجمعيات الأهلية وصدوره في نسخته الحالية لسنة 2019،
أما بالنسبة لمسألة التمويل فالبيانات الرسمية تكشف أن تمويل الجمعيات الأهلية في مصر خلال عام العامين الماضيين أصبح أكثر اعتماداً على التمويل المحلي بعكس السنوات الماضية، وبلغ إجمالي تمويل الجمعيات الأهلية في مصر 2.5 مليار جنيه من التمويل الأجنبي، و5 مليارات من التمويل المحلى.
لم تعد هناك أزمة في التمويل والرئيس قال بأن الدعم مستمر طالما أن الكل يعمل من خلال مظلة واحدة لدعم جهود التنمية.
الدور الآن على الجمعيات أو منظمات العمل الأهلي لتعمل تحت مظلة التحالف الوطني، فلنتصور وجود 55 ألف جمعية بتمويلاتها المعروفة تعمل على قلب رجل واحد و"كل ميسر لما تأسس من أجله".. فهذا العدد الكبير يمكن توظيفه بصورة أفضل لخدمة جهود التنمية، حسب تخصص المئات بل الألاف من الجمعيات في مجال معين.
فتوزيع جهود هذه الجمعيات سواء في الارشاد والتوعية والتثقيف والتعليم الأهلي والدعم والمساندة سوف يساهم في تحقيق نجاحات أكبر وفي وقت أقل وهو ما نحتاجه في الوقت الراهن في ظل الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها مصر والعالم حاليا.
فالعمل الأهلي والتطوع هو أحد الحلول المهمة للإسراع بخطط التنمية ودمج الفئات الأولى بالرعاية والأكثر استحقاقا في تلك الخطط من خلال برامج التشغيل والعمل والانتقال خلال فترة وجيزة من مرحلة "الاحتياج" إلى مرحلة "الإنتاج".