تمثل مدينة سوهاج الجديدة نموذجًا مثاليًا للمجتمعات الجديدة المتكاملة، حيث حرصت الدولة عند تخطيط المدينة على تنويع أوجه النشاط الاقتصادي القائم بها، لتوفير أغلب معايير الاستدامة للمجتمع الحضري الناشئ، علاوة على توفير فرص العمل التي تساعد في تحقيق الاستقرار الاقتصادي لقاطنيه، بما يضمن نمو وتوسع المدينة على مدار العقود القادمة.
تتميز مدينة سوهاج الجديدة بوجود عدد من كبير من الأنشطة الاقتصادية القائمة بها مثل النشاط الصناعي والنشاط التجاري والنشاط الخدمي بالإضافة إلى النشاط السكني والعقاري، وتعتبر الثروة العقارية السكنية في هذا الإطار هي أبرز الأصول المملوكة للقطاعين العام والخاص في مدينة سوهاج الجديدة وأكثرها عددًا، حيث قارب العدد الإجمالي للوحدات السكنية تامة التشييد أوائل العام المنصرم 2022 على 40 الف وحدة، ولقد استحوذ القطاع الخاص على أكثر 80% من جملة الاستثمار في العقار السكني، في حين لم تجاوز نسب مشاركة القطاعين الحكومي والعام اكثر من 17% بواقع 8340 وحدة فقط.
وأكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، أن للكيانات الاستثمارية الخاصة دور فاعل في تنمية الملف الإسكاني بالمدينة، حيث تم حتى عام 2021 تخصيص 14 قطعة قطع أرض بمساحات تتراوح ما بين 12 و250 فدانًا لتطوير مشروعات عمرانية متكاملة سكنية، كما كان للكيانات الاستثمارية الصغيرة والمواطن العادي دور مهم في دعم عملية تطوير المدينة، حيث استحوذت هاتان الفئتان على أكثر من 20 ألف قطعة أرض فضاء صغيرة الحجم وذلك لبناء المباني السكنية، سواء كانت إسكانًا عائليًا أو إسكانًا بمشروع ابني بيتك أو إسكان متميز وفاخر.
وأوضحت الدراسة، أنه يتوفر بالمدينة العديد من الأنشطة الخدمية التي يعتبر وجودها ضروريًا لتسهيل حياة المواطنين، وتأتي من بينها الخدمات العلاجية والصحية، لذلك نجد بمدينة سوهاج الجديدة مستشفى جامعي يسع 200 سرير طبي ويخدم مختلف التخصصات الطبية، وأيضًا مستشفى لعلاج أورام الأطفال تم تشييدها بالتعاون مع إحدى الجمعيات الخيرية لتسع 263 سريرًا، ليتخصص ذلك في تقديم الخدمات الخاصة بالغسيل الكلوي، والكشف بالمناظير، والعلاج الكيميائي، فضلًا عن تقديم خدمات العناية المركزة وإجراء العمليات الجراحية، وتشييد بالمدينة أيضًا 4 وحدات صحية ونقطة إسعاف ومركز صحي حضري، كما توجد مفاوضات مع عدد من الكيانات الاستثمارية لتشييد منشآت طبية خاصة، وذلك لزيادة تعزيز حالة الخدمات الطبية بالمدينة.
ولفتت الدراسة أن الأنشطة التجارية أخذت حيزًا مناسبًا من اهتمام إدارة المدينة، حيث جرى تشييد سوق حضاري لتجارة الحاصلات الزراعية بالجملة على مساحة 43 فدانًا بلغت قيمته التعاقدية قرابة 100 مليون جنيه، ويضم السوق 351 محلًا تجاريًا، تتنوع بين دكاكين لبيع الخضراوات والفاكهة وثلاجات وشوادر بالإضافة إلى مجموعة من المباني الخدمية الملحقة، كما عززت المدينة خدماتها التجارية من خلال تشييد عدد من المولات التجارية الموزعة بأنحاء المدينة وذلك بالتعاون مع مستثمري القطاع الخاص.
وأوضحت الدراسة كذلك حصل ملف التعليم على نصيب جيد من الرعاية، حيث قامت الدولة بتشييد جامعة سوهاج الجديدة، بالإضافة إلى التصريح للقطاع الخاص بتشييد جامعتين آخرتين جرى تشغيل واحدة منها بالفعل، بخلاف تشييد 17 مدرسة للتعليم ما قبل الجامعي، منها ثلاث مدارس حكومية للتعليم الأساسي، وثلاث مدارس خاصة لمختلف المراحل، كما ظهر اهتمام واضح بملف الأنشطة الترفيهية ومنها المنشآت الرياضية والاجتماعية، والتي كان من بينها ستة نوادٍ اجتماعية وخمسة ملاعب ثلاثية وأربع حدائق عامة.
بنية تحتية متطورة
تتميز مدينة سوهاج الجديدة بوجود شبكة من البنية التحتية الخادمة لها والداعمة لحركة تطورها المتصاعدة، ومن تلك البنى التحتية نجد مشروعات الطرق ومرافق المياه وخطوط الصرف الصحي ومحطات إنتاج الكهرباء علاوة مرافق النقل الحديث سواء جوية أو برية.
ومثل موقع المدينة في قلب المخطط الاستراتيجي الجغرافي لمحافظة سوهاج، سببًا في إيلاء قدر كبير من العناية لمشروعات الطرق الرابطة بين مدينة سوهاج الجديدة ونظيرتها القديمة من جهة، وبين مدينة سوهاج الجديدة والطريق الصحراوي الغربي من جهة أخرى، لذلك شيدت الجهات المختصة طريق سوهاج العاصمة – سوهاج الجديدة بطول 8.3 كيلومتر، وطريق سوهاج الجديدة – مطار سوهاج الدولي بطول 7.5 كيلومتر، والطريق المار أمام حتى الصحراوي الغربي ” القاهرة – أسوان” بطول 14 كم، وطريق شمال جامعة سوهاج الجديدة بطول 2.7 كم.
وفيما يخص قطاع المرافق، فلقد حرصت الجهات المختصة على تنفيذ 6 آبار جوفية بطاقة 200م3/ساعة لإمداد المدينة بمياه الشرب، بالإضافة لخط طرد لتلك المياه بقطر 1000 مم وبطول 18.5 كم، وأيضًا محطة تنقية لمياه الشرب بطاقة 70 ألفا م3، وشبكات لتوزيع المياه بأطوال جاوزت 330 كم.
وفيما يخص خدمات استقبال ومعالجة مياه الصرف الصحي، فلقد قامت الجهات المختصة بربط المدينة بمحطة معالجة سوهاج غرب مرورًا بمحطة الرفع الخاصة بالمدينة، كما تستعد المدينة لافتتاح محطة معالجة مياه صرف صحي ثلاثية خاصة بها بطاقة 36 ألفا م3/ يوم. ولقد سعت الجهات المختصة أيضًا إلى تطوير خدمات الكهرباء بالمدينة من خلال ربطها بمحطة محولات الكوامل بقدرة 53 ميجاوات، وذلك من عن طريق شبكة طولها 1160 كم، تقوم على إدارتها خمسة موزعات للكهرباء.
وترتبط بالمدينة من ناحية الجنوب بميناء سوهاج الدولي الجوي، الذي يعتبر نافذة إقليمية على العالم الخارجي، ويمتلك هذا المطار مدرجًا بطول ثلاثة كيلو مترات، وهو ما يتناسب مع هبوط وإقلاع الطائرات ذات الحجم الكبير، ويتضمن صالتين للمغادرة والواصلين تقدر سعتها الاستيعابية بحوالي 400 راكب في الساعة، وبعد المطار عن مدينة سوهاج الجديدة بفترة زمنية لا تتجاوز نصف ساعة، كما يبعد المطار عن مدينة سوهاج العاصمة بمسافة 40 دقيقة فقط.
واختتمت يمكن القول إن مدينة سوهاج الجديدة تعد نموذج واعد للتجمعات العمرانية الجديدة بمنطقة الصعيد، فكافة الإمكانات المتوفرة بها تؤهلها لكي مكان جاذب للسكان، وتعكس ذلك بكل جلاء مستهدفات التعداد السكاني حتى العام 2050، والتي تتوقع أن يقطن بالمدينة 1.5 مليون نسمة، وهو ما يمثل تقريبًا 30% من التعداد الحالي لمحافظة سوهاج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة