يتفاعل تغير المناخ مع المخاطر ونقاط الضعف الموجودة في المجتمعات الأفريقية ويؤدي إلى تفاقمها، وهذا بدوره يؤثر بشكل متزايد على سبل العيش والأمن في جميع أنحاء القارة، حيث كشفت دراسة لمركز فاروس للدراسات الأفريقية أنه يعد حوض بحيرة تشاد أحد الأماكن التي أدت لتغير المناخ، فقد أسهمت التغيرات المناخية في تأجيج انعدام الأمن في المجتمعات المحلية التي تعتمد سبل عيشها الاقتصادية على البحيرة، ما أدى إلى أزمة إنسانية في جميع أنحاء البلاد.
وأوضحت الدراسة تأثير تغير المناخ على الموارد المتناقصة في حوض بحيرة تشاد، فضلاً عن انعكاساته على الاستقرار والأمن في المنطقة، حيث تعد منطقة حوض بحيرة تشاد من أكثر مناطق العالم التي شهدت تغيرات مناخية حادة وعميقة الأثر في العقود الخمسة الماضية، خاصة مع تنامي معدلات جفاف بحيرة تشاد والذي مثل مصدرًا لتغيرات بيئية متعددة أخرى.
واشتهرت بحيرة تشاد بكونها إحدى أكبر البحيرات في العالم من حيث مساحتها واحتوائها على الماء بمساحة تقدر بـ 2.5 مليون كم2 تقريبًا، ويطل على البحيرة كل من تشاد والنيجر ونيجيريا والكاميرون، ورغم أن كلا من الجزائر وليبيا والسودان بالإضافة إلى أفريقيا الوسطى، ليست دولًا مشاطئة لها، إلا أنها مرتبطة بها بشكل غير مباشر، وتتوسط المنطقة بحيرة تشاد والتي تعد بحيرة للمياه العذبة تتشاركها كل من تشاد والكاميرون والنيجر ونيجيريا.
وتمثل بحيرة تشاد المصدر الرئيس لحياة أكثر من 30 مليون شخص، وتعد مصدرًا اقتصاديًا مهمًا، إذ أسهمت في زيادة معدلات الإنتاج الزراعي، والثروة الحيوانية، وكانت موردًا مهمًا لصيد الأسماك وزراعة المحاصيل، وموردًا مائيًا لسكان تلك المجتمعات، يستفيدون من مياهها في الشرب، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
وأثرت التغيرات المناخية بشكل كبير على حجم البحيرة ومواردها، وفي الستينيات، كانت مساحة بحيرة تشاد تزيد عن 26 ألف كيلومتر مربع، وبحلول عام 1997 تقلصت إلى أقل من 1500 كيلومتر مربع، وتضاءلت أكثر إلى 1350 كيلو مترا مربعا بحلول عام 2014، كما انخفض متوسط هطول الأمطار السنوي في المنطقة من 320 ملم إلى 210 ملم، ويرجع أسباب تقلص مساحة بحيرة تشاد إلى سببين أولهما التغيرات المناخية الطبيعية؛ تتمثل في تناقص معدلات هطول الأمطار، وموجات الجفاف الطويلة والمتعددة التي حلّت على منطقة الساحل الأفريقي، وزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري، والسبب الثاني هو الاستخدام البشري الذي يتمثل في الاستغلال المفرط لمياه البحيرة في الري الجائر، والانفجار السكاني؛ ففي ستينيات القرن العشرين قُدر حجم السكان على ضفاف البحيرة بنحو 13 مليون نسمة، وهو الرقم الذي تضاعف بحلول عام 2013 ليبلغ 47 مليون نسمة، والذي يُتوقع أن يبلغ 80 مليون نسمة بحلول العام 2030.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة