تعد مبادرة حياة كريمة المشروع الأكبر الذي تتبناه الدولة؛ لتغيير واقع حياة قرابة 60 مليون مصري يعيشون بالريف المصري، وانتشالهم من مغبة الفقر والجهل والفساد وانعدام التنمية لعقود.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، أُطلقت مبادرة "حياة كريمة" في 2 يناير 2019 ـ وهى أحد مكونات برنامج التنمية المحلية لتطوير القرى المصرية لتحسين مستوى الحياة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا على مستوى الدولة، في مبادرة هي الأكبر عالميًا في العصر الحديث، فالمشروع يمكن اعتباره مشروع القرن للألفية الجديدة، وأيقونة مصرية للجمهورية الجديدة.
وتهدف المبادرة إلى:
التخفيف عن كاهل المواطنين بالتجمعات الأكثر احتياجًا في الريف والمناطق العشوائية في الحضر.
التنمية الشاملة للتجمعات الريفية الأكثر احتياجًا؛ بهدف القضاء على الفقر متعدد الأبعاد لتوفير حياة كريمة مستدامة للمواطنين على مستوى الجمهورية.
الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي والبيئي للأسر المستهدفة وتحسين مستوى معيشتهم.
توفير فرص عمل لتدعين استقلالية المواطنين وتحفيزهم للنهوض بمستوى المعيشة لأسرهم وتجمعاتهم المحلية.
الاستثمار في تنمية الإنسان المصري.
سد الفجوات التنموية بين المراكز والقرى وتوابعها.
إحياء قيم المسؤولية المشتركة بين كافة الجهات الشريكة لتوحيد التدخلات التنموية في المراكز والقرى وتوابعها.
مستهدفات المبادرة
لطالما حلمت القيادة السياسية بتغيير واقع حياة المواطنين بالريف بشكل جذري، بما يتضمن تحسين الأحوال السكنية والمعيشية والثقافية للمواطنين، وألا يقتصر الأمر على بعض مشروعات لتطوير المرافق والطرق بعواصم المحافظات فقط، وترك المواطن يئن من ضيق ذات اليد وانخفاض الرواتب، وتدهور حالة المسكن.
واختارت الدولة الخيار الأصعب بالتغيير الجذري للأوضاع المعيشية للسكان ومساكنهم، هذا إلى جانب تحسين البنية التحتية بالريف، لذا تم انشاء مؤسسة حياة كريمة بتاريخ 22 أكتوبر 2019 من شباب متطوع لتجتمع أكثر من ٢٠ وزارة وهيئة و٢٣ منظمة مجتمع مدني لتنفيذ هذا المشروع، بتكلفة مقدرة تقدر بحوالي 700 مليار جنيه وقت تدشين المبادرة، إلا إنه من المحتمل زيادة تكلفة تنفيذ المشروع إلى تريليون جنيه نتيجة ارتفاع الأسعار المتزايد.
ـ تقسيم العمل وفق 3 مراحل:
المرحلة الأولى
تشمل القرى ذات نسب الفقر أكثر من 70%، وهي القرى الأكثر احتياجًا وتحتاج إلى تدخلات عاجلة وتشمل 377 قرية بـ 11محافظة.
وكان تركيز المبادرة في المرحلة الأولى على قرى محافظات الصعيد، حيث تمثل مراكز محافظات الصعيد 65% من إجمالي مراكز المرحلة الأولى بالمبادرة الرئاسية، فيما تمثل قرى محافظات الصعيد 63% من إجمالي قرى المرحلة الأولى من المبادرة.
ومن بين الـ 18 مليون مواطن الذين سيستفيدون من المرحلة الأولى، يوجد 10 ملايين مواطن من محافظات الصعيد. ووفرت المشروعات المقامة من خلال المبادرة أكثر من 600 ألف فرصة عمل للشباب في محافظات الصعيد، وأدت إلى زيادة معدلات الاستثمارات العامة بنسبة 500% وزيادة في نمو الاستثمارات الخاصة بنسبة 55%.
المرحلة الثانية
القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70 %، وهي القرى الفقيرة التي تحتاج إلى تدخل ولكنها أقل صعوبة من المجموعة الأولى.
المرحلة الثالثة
القرى ذات نسب الفقر أقل من 50%، والتي تواجه تحديات أقل لتجاوز الفقر.
وارتكزت المبادرة على 4 تدخلات رئيسة بكافة قرى المشروع (تحسين مستوى خدمات البنية الأساسية، بناء الإنسان المصري، التدخلات الاجتماعية وسكن كريم، التنمية الاقتصادية والتشغيل)، وفقًا لما تم الإعلان عنه وقت تدشين المبادرة، وهى تفصيلا كالتالي:
تحسين مستوى خدمات البنية الأساسية
من المتوقع بنهاية المشروع تحقيق تغطية خدمات الصرف الصحي بكافة القرى المحرومة، فمن المستهدف زيادة نسبة التغطية إلى 100%، وهي بالمناسبة تمثل 82% من قرى المرحلة الأولى. فيوجد بعض التغطية بـ 217 قرية، إلا إنه لا يوجد تغطية بعدد كبير من توابع هذه القرى وبالشوارع والامتدادات المستجدة نتيجة البناء المخالف والتعدي على الأراضي الزراعية. هذا في حين أن هناك 1143 قرية محرومة من خدمات الصرف الصحي، بالإضافة إلى أكثر من 10 آلاف تابع سيتم مد شبكات غير تقليدية لها. وهو ما يستلزم إقامة 130 محطة معالجة جديدة (منها 25 محطة معالجة ثلاثية) بطاقة أكثر من 2 مليون م3 / يوم لمعالجة مياه الصرف لجميع المناطق المحرومة، وتحسين جودة مياه المصارف الزراعية، وهو ما يتطلب تنفيذ 1361 مشروع صرف صحي متكامل.
أما عن مجال مياه الشرب، فعلى الرغم من أن شبكة تغطية مياه الشرب أصبحت 100%، فإن هناك مشكلة باستدامة المياه، فغالبًا ما يتم اعتماد طريقة “المناوبات” بالريف. ويستهدف المشروع استدامة المياه بشكل كامل، وهو ما يتطلب إنشاء 51 محطة تنقية مياه الشرب، بطاقة 1 مليون م3 / يوم، وسيتم رفع كفاءة عدد من المحطات الصغيرة القائمة بعدد 421 مشروع، هذا بالإضافة إلى إحلال وتجديد 3 آلاف كم مواسير متهالكة، يستفيد من هذه المشروعات 4 مليون أسرة مستهدفة.
ومن المستهدف توصيل الغاز الطبيعي للقرى، فمن بين 1337 قرية محرومة من الخدمة يوجد 59 قرية فقط مخدومة بالغاز، والمستهدف توصيل الغاز الطبيعي لنحو 4 ملايين وحدة سكنية بـ 1227 قرية، وتنفيذ مواسير بأطوال 16 ألف كم طولي، وذلك لرفع العبء عن المواطنين في الوصول للطاقة، وتسهيل فرص الاستثمار في بناء المصانع والمنشآت التجارية، وتقليل الانبعاثات الضارة والتوسع في الطاقة النظيفة.
أما عن الاتصالات ومكاتب البريد، فلأول مرة سيتم إدخال خدمة الانترنت فائق السرعة للريف المصري، كذلك تحسين تغطية شبكات المحمول داخل القرى، وتعديل وتطوير أماكن البريد المصري للتوائم مع الاعداد السكانية. وعلى الرغم من أن تغطية الكهرباء 100%، فإن المبادرة تستهدف تأمين واستقرار التغذية الكهربائية بكافة القرى، وتغيير نظام التغذية من مصدر واحد إلى مصدرين، لضمان استقرار التيار الكهربائي، وتقليل فترات الانقطاع، واستيعاب الاحتياجات الحالية والمستقبلية.
وعن الزراعة، فمن المستهدف استخدام الري الحديث في زمام 3.7 ملايين فدان من الأراضي القديمة، وزيادة الإنتاجية الزراعية من 10% إلى 20%، كذلك التسهيل على الفلاح الحصول على جميع الخدمات الزراعية بمكان واحد بشكل لائق، فمن المقرر إنشاء 333 مجمعًا زراعيًا، هذا إلى جانب التوسع في منظومة مراكز تجميع الألبان. ومن المقرر إنشاء مجمعات حكومية تضم كافة الخدمات الحكومية المقدمة من قبل الوزارات الحكومية، وتم الانتهاء من عدد كبير من الهياكل الخرسانية الخاصة بالمجمعات الحكومية، وسيتم تنفيذ أعمال التشطيب خلال الفترة القادمة.
وعن الطرق الداخلية والكباري، فقد تم رصف وتثبيت جميع الشوارع بالقرية بما يتناسب مع البيئة الريفية بإجمالي أطوال 14.5 ألف كم، بعدد 2047 طريق. ومن المقرر إنشاء 617 مشروع كوبري تنقسم إلى (470 كوبري سيارات، و147 كوبري مشاه)، هذا بالإضافة إلى تنفيذ 2700 كم طرق للربط بين القرى والمراكز. هذا إلى جانب تحديث أكثر من 80 عبارة للمساهمة في سهول نقل المواطنين.
بناء الانسان المصري
وفيما يخص البنية التعليمية، فمن المستهدف خلال المرحلة الأولى إنشاء أكثر من 14 ألف فصل جديد، بالإضافة إلى صيانة ورفع كفاءة 25% من المدارس القائمة بواقع أكثر من 1250 مبنى مدرسيًا قائمًا، وذلك لإتاحة التعليم الأساسي، والعمل على حل مشكلات زيادة معدلات الكثافات داخل الفصول، وتعدد الفترات الدراسية، إلى جانب العمل على خدمة المناطق المحرومة من الخدمات التعليمية، وزيادة نسبة استيعاب رياض الأطفال، من خلال إقامة المزيد من الحضانات وتوفيرها للأطفال الأقل من أربع أو خمس سنوات.
وفى مجال الصحة، فهذا المشروع العملاق سيسهم في تجهيز البنية الأساسية والعمرانية بكافة القرى المستهدفة في المرحلة الأولى من المشروع لتعجيل تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، وذلك من خلال رفع كفاءة كافة المنشآت الصحية الموجودة في الريف المصري، فمن المقرر خلال المرحلة الأولى فقط إنشاء 24 مستشفى مركزي جديد، و1374 مركزًا ووحدة صحية، إلى جانب توفير نقاط إسعاف جديدة، وقافلة علاجية تصل إلى 1000 قافلة، بالإضافة إلى توفير 40 سيارة قافلة أشعة مقطعية متنقلة مجهزة بأحدث التقنيات العالمية في هذا المجال، وذلك لأول مرة؛ سعيًا إلى تلبية متطلبات توفير خدمات صحية متكاملة لقاطني تلك القرى المستهدفة.
أما في مجال الشباب والرياضة، فمن المستهدف إنشاء وتطوير ما يقرب من 1000 مركز شباب، منها 271 مركزًا إنشاء جديد، وذلك لرعاية النشء والشباب بقرى الريف المصري. وفى مجال الثقافة، فهناك العديد من التدخلات التي تستهدف العمل على إحياء وتعزيز الهوية المصرية ونشر الوعي الثقافي، وإعادة ثقافة القراءة والكتابة لكافة قرى الريف المصري، من خلال تنفيذ العديد من المبادرات والأنشطة والفعاليات من خلال وزارة الثقافة.
التدخلات الاجتماعية وسكن كريم
في إطار المشروع القومي لتطوير الريف المصري، فهذه التدخلات تستهدف العمل على توفير مظلة حماية اجتماعية وتمكين المرأة اقتصاديًا وجعلها شريكًا رئيسًا في تنمية الريف. وفي هذا الصدد، فمشروع “سكن كريم” يأتي على رأس هذه التدخلات الاجتماعية، فمن المخطط أن يصل عدد المنازل للمستحقين لـ “سكن كريم” إلى 120 ألف منزل في 52 مركزًا بـ 20 محافظة بإجمالي تكلفة مقدرة حوالي 72 مليار جنيه. واتساقًا مع مبدأ التوسع الرأسي كبديل عن التوسع الافقي الذي يتسبب في التعدي على الأراضي الزراعية، فمن الممكن مضاعفة أعداد الوحدات السكنية المقرر بناؤها لتصل إلى 360 ألف وحدة سكنية بدلًا من 120ألف منزل، وهو ما سيضاعف التكلفة المقررة لتصل إلى 216 مليار جنيه، لكنه سيحافظ في النهاية على الرقعة الزراعية.
وفيما يتعلق بتنمية الأسرة المصرية والارتقاء بالخصائص السكانية وضبط النمو السكاني، فمن المستهدف خلال تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع القومي لتطوير الريف المصري أن يتم رفع كفاءة 125 مستشفى تكامل بالمراكز المستهدفة، وهي المستشفيات التي تم بناؤها على مدار السنوات الماضية ولم تستغل لتصبح مراكز تنمية متكاملة، تشمل تقديم الخدمات الصحية وخدمات الأسرة، وتشغيل 200 مشغل خياطة ملحق بتلك المستشفيات، إلى جانب تشغيل20 مركز تنمية أسرة، وتمويل 350 ألف مشروع متناهي الصغر، فضلًا عن توفير وإتاحة خدمات ووسائل تنظيم الأسرة، وميكنة تلك الخدمات وربط قواعد البيانات الخاصة بها.
وحول التدخلات الاجتماعية لذوى الهمم، فمن المخطط إنشاء 20 مركز خدمة جديد لذوى الاحتياجات الخاصة، وذلك بالشراكة مع وزارة الصحة والسكان، لتقديم مختلف الخدمات المطلوبة لهم. ونوه رئيس الوزراء إلى التدخلات الخاصة بتطوير وحدات التضامن الاجتماعي، والتي من المقرر أن تشمل تطوير 64 وحدة تضامن خلال المرحلة الأولى من تنفيذ المشروع القومي لتطوير الريف المصري؛ وذلك لتقديم مختلف الخدمات الاجتماعية لقاطني تلك القرى.
التنمية الاقتصادية والتشغيل
كافة أوجه التنمية التي يتم تنفيذها في الريف المصري لابد أن تصحبها توفير فرص عمل لأهالينا في القرى، فعدم توفير فرص العمل يجعل التنمية تنمية منقوصة، وهو ما يدفع إلى استمرار الهجرة إلى المدن أو خارج مصر، فالهدف من هذا المشروع الضخم هو توفير فرص عمل دائمة ومؤقتة أثناء تنفيذ عملية التنمية والتطوير، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من برامج التدريب المهني للشباب والسيدات بهذه القرى.
فيما يخص التشغيل الدائم، هناك العديد من المبادرات يتم تنفيذها سواء من خلال جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أو غيره، حيث من المستهدف ضخ 1.4 مليار جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بقرى المرحلة الأولى، أو تلك التي يتم تنفيذها من جانب وزارتي التنمية المحلية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، وكذا البنوك المصرية، لإقامة مشروعات تستهدف تشغيل الشباب ومحدودي الدخل. ومن المستهدف أيضًا إقامة 333 مجمعًا حرفيًا صغيرًا بكل وحدة محلية قروية على مساحة تقترب من فدان يحتوي على ورش ومعارض تعتمد على الحرف والفرص التي تتميز بها كل قرية، على أن تدار من خلال القطاع الخاص ويقوم بتسويق منتجات تلك المشروعات.
هذا إلى جانب توفير مئات الآلاف بل ملايين فرص العمل للشباب من خلال التشغيل المؤقت، مما يتطلب توفير تدريب لهم، وتم بالفعل توفير برامج تدريب متعددة لتعليمهم الحرف الأساسية، وتدريبهم على التقنيات الحديثة في ظل ما يشهده العالم حاليًا من تحول رقمي، وما فرضته جائحة كورونا من ضرورة إسراع الخطى في هذا المجال. وفيما يتعلق بالشمول المالي، وبمبادرة من البنك المركزي والبنوك المصرية بالإضافة إلى هيئة البريد، يتم إتاحة ماكينات الصراف الآليATM في كل القرى المصرية، وتطوير فروع البنك الزراعي المصري، وفتح حسابات للفلاحين يستطيعون من خلالها إجراء كافة معاملاتهم المالية. وتستوعب مبادرة حياة كريمة كافة المبادرات الرئاسية السابقة كمبادرات: تكافل وكرامة، ومصر بلا غارمات، وخفض كثافة الفصول، ودعم صحة الطفل، وتنمية الأسرة المصرية، ومبادرة 100 مليون صحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة