بيشوى رمزى

وداعا علام عبد الغفار.. الصحفي المهنى والإنسان

الثلاثاء، 24 يناير 2023 12:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ملامح هادئة وبشوشة.. ربما أكثر ما يلفت انتباهك للوهلة الأولى، عندما تلتقيه، فتشعر تجاهه بحالة من الود، دون سابق معرفة، هكذا كان علام عبد الغفار، فكانت ابتسامته "سرا" ربما لا يدركه أحد، فكانت كفيلة لتخلق حالة من الثقة بينه وبين المحيطين به، فكانت نقطة الانطلاق نحو قلوبهم، قبل أن تكون أحد أكبر مؤهلاته لتحقيق النجاح في مجال عمله، ويتحول إلى أحد أهم الأعمدة، في مؤسسة "اليوم السابع"، بالانفرادات المميزة التي قدمها منذ انطلاقته، والتي تزامنت مع ميلادها، فأصبح أحد أهم الصحفيين في قسم "المحافظات"، في مصر، ليتدرج بعدها في المناصب، وصولا إلى منصبه الأخير في مقعد رئيس القسم، باعتباره كفاءة، ربما يجب اقتناصها والاستفادة منها، ليس فقط كمحرر، وإنما كصاحب رؤية عميقة في تطوير أداء العمل داخل القسم.
 
وقسم المحافظات، لمن لا يعلم، يبدو أحد أكثر الأقسام حساسية، في العمل الصحفي، فهو يغطي رقعة جغرافية واسعة، تمتد إلى مختلف أنحاء الجمهورية، وهو ما يعد أمرا معقدا للغاية، في ظل طبيعة تبدو مختلفة إلى حد كبير عن باقى الأقسام، فالمراسل الذى يعمل في هذا القسم، يمثل، إلى جانب كونه محررا خبريا ينقل أخبار المحافظة المكلف بتغطيتها، فهو في واقع الأمر يبقى "حلقة وصل" بين المواطن، والمسؤول، وبالتالي تبقى الحاجة إلى مراسلين يعملون على الأرض، يمكنهم التواصل مع المسؤولين، في المحافظات ومدنها وقراها، بينما يتواصلون في الوقت نفسه مع المواطنين، يرصدون الشكاوى، والهموم، حتى يتمكنوا من القيام بدورهم على الوجه الأكمل.
 
وهنا كانت طبيعة الوظيفة التي تولاها الزميل الراحل، الذى وافته المنية في الساعات الأولى من صباح اليوم، فهي ذات وجهين، أحدهما يحمل الطبيعة الصحفية التقليدية، بما تتضمنه من تغطية خبرية، تحمل وقعا سريعا، بينما في الوقت نفسه لا تخلو من طبيعة إنسانية، في ظل ارتباطها في جزء كبير منها بهموم المواطنين، خاصة الذين يقطنون مناطق بعيدة عن العاصمة، وبالتالي هم في حاجة إلى من يحمل رسائلهم، وينقل أصواتهم واستغاثتهم إلى المسؤولين، وهو ما يعني أنها تحتاج إلى شخصيات تحظى بطبيعة شخصية مختلفة تجمع بين المهارة والإنسانية.
 
وربما كان علام أكثر من استطاع أن يجمع بين المهارة المهنية، التي تؤهله للقيام بدوره الصحفي، ناهيك عن قدرته الكبيرة على قيادة فريق من الصحفيين، المتناثرين هنا وهناك، في كل مناطق الجمهورية، وهو ما يحتاج شخصية لديها قدرا من الصرامة الإدارية، لتحقيق الهدف الذي تتطلع إليه صحيفته، والاحتواء بينما كان يمثل بطبيعته الشخصية، نموذجا للإنسان، الذي يؤمن برسالته في الحياة أولا، ثم الرسالة السامية التي تحملها مهنته، والتي تقوم، ليس فقط على نقل الخبر للمواطن، وإنما أيضا نقل صوته للمسؤولين.
 
هكذا سطر علام اسمه الصحفي، بكفاءته وإنسانيته، التي ربما لمسناها في العديد من المواقف الشخصية، التي لا يمكن أن تحدها سطور محدودة، دون أن يتخلى عن أي منهما، فكانت الكفاءة مفتاحا مهما لاعتلاء "عرش" المهنة، بينما الإنسانية طريقه نحو "عروش" القلوب التي أحبته وتبكيه اليوم، بعدما ترك الدنيا، في ريعان شبابه، تاركا وراءه محمد وحليمة، واللذان سيفخرا يوما ما بإرث عريض تركه والدهما، رغم سنه الصغير.. وداعا الزميل الغالي والصديق علام عبد الغفار.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة