خبراء لـ أ ش أ: زيارة الرئيس السيسي للهند تعكس التوجه نحو أكبر اقتصادات العالم

الخميس، 26 يناير 2023 11:35 ص
خبراء لـ أ ش أ: زيارة الرئيس السيسي للهند تعكس التوجه نحو أكبر اقتصادات العالم الرئيس السيسى فى الهند
(أ ش أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عهدًا جديدًا تشهده العلاقات المصرية الهندية عقب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى نيودلهى، أبرزت التقارب بين مصر والهند وعكست التوجه الحكيم لدى القيادة السياسية المصرية لتوطيد العلاقات مع دول الشرق فى ظل انشغال الغرب بالحرب الدائرة فى أوروبا وبأمنهم واستقرارهم.

وقد أجمع دبلوماسيون وخبراء سياسيون واستراتيجيون، فى تصريحات - لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس، على الدلالات التى يحملها اختيار الهند للرئيس عبد الفتاح السيسى كضيف شرف فى احتفالات نيودلهى ب"يوم الجمهورية"، وما يعكسه ذلك من رغبة فى استعادة الروابط التاريخية مع القاهرة وإعطاء دفعة جديدة للعلاقات الثنائية والاستفادة من قوة مصر وتأثيرها فى محيطها العربى والأفريقى، فضلًا عن الحاجة الملحة لإعادة تفعيل "حركة عدم الانحياز" لمجابهة الاستقطابات الدولية الراهنة ولحاجة العالم إلى السلام.

الدكتور نصر سالم أستاذ العلوم الاستراتيجية، أكد أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الهند تعد من أفضل وأنجح الزيارات التى تمت خلال الفترات الأخيرة، حيث تنم عن وعى القيادة المصرية التى أخذت الاتجاه الصحيح وتوجهت نحو دولة من أكبر اقتصادات العالم وذلك فى ظل انغلاق الغرب وتركيزه على الحرب الروسية الأوكرانية بجانب حالة التضخم التى تشهدها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

وشدد على أهمية الاقتصاد الهندى "الواعد" بالنسبة لمصر، موضحًا أن الهند هى ثانى دولة من حيث عدد السكان فى العالم وهو ما يمثل فرصة لمصر لفتح أسواقا جديدة هناك بجانب جذب السياح الهنود لمصر، معتبرًا أن تأمين هذا الاتجاه الشرقى من العالم والانفتاح على تلك القوى الاقتصادية وزيادة التصدير والتركيز على الميزان التجارى بيننا وبينهم سيعود على مصر بالخير.

وذكر سالم بالعلاقات التاريخية والقوية التى جمعت البلدين فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر حيث كان هناك تعاون مشترك فى مجالات التصنيع، مبرزًا أيضًا أهمية انضمام مصر لمجموعة دول "بريكس" والتى تضم الهند، حيث سيساعد ذلك فى تحسن وتقدم الاقتصاد المصرى ومعالجة المشاكل الاقتصادية لاسيما تلك الناجمة عن تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

من جانبه، قال اللواء محمد إبراهيم الدويرى، نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن استضافة جمهورية الهند للرئيس عبد الفتاح السيسى فى الاحتفال بذكرى يوم الجمهورية باعتباره ضيف شرف، لم تكن مجرد دعوة أو زيارة بروتوكولية عادية بل يمكن إعتبارها زيارة تاريخية وشديدة الأهمية وذلك بالنظر إلى مجموعة المقابلات رفيعة المستوى التى عقدها الرئيس السيسى مع رئيس وزراء الهند ورئيسة الجمهورية ورجال الأعمال بالإضافة إلى النتائج الإيجابية التى حققتها هذه الزيارة خاصة فى المجال الاقتصادى والتجارى.

وأضاف أن زيارة الرئيس للهند والحفاوة التى أحاطت بالزيارة لم تكن وليدة اللحظة وإنما عبرت تعبيرًا صادقًا عن عمق العلاقات التاريخية والحضارية بين الدولتين التى بدأت منذ عقود مضت حتى وصلت هذه العلاقة إلى مرحلة كبيرة من التنسيق فى المواقف والتوافق التام على كيفية حل المشكلات الإقليمية والدولية وكذا التعاون الثنائى فى العديد من المجالات التى تمثل أهمية بالنسبة للجانبين.

وأوضح أن تلك الزيارة نقلت العلاقات الثنائية إلى مرحلة يمكن توصيفها بأنها مرحلة العلاقات الاستراتيجية التى تعنى أن التفاهم والتعاون بين الدولتين فى مختلف المجالات السيساية والاقتصادية والعسكرية وغيرها من المجالات قد وصل إلى مرحلة غير مسبوقة سوف تظهر نتائجها بشكل أكثر وضوحًا خلال الفترة المقبلة وبما يعود بالنفع على الدولتين لاسيما فى هذه المرحلة التى تتزايد فيها المشكلات الدولية والتى تظهر فيها الحاجة من جانب كل من مصر والهند إلى أن تتزايد قنوات التواصل الثنائى لمواجهة المتغيرات التى تؤثر تأثيرًا سلبيًا على إستقرار العالم.

ولفت إلى حرص الرئيس على استثمار هذه الزيارة فى الدفع فى إتجاه ضرورة تكثيف التعاون بين الدولتين خلال المرحلة المقبلة ولاسيما إمكانية زيادة الاستثمارات الهندية فى مصر والإستعداد لتقديم كل التسهيلات الممكنة من أجل إنجاح هذه الاستثمارات وأن تكون مصر مرتكزًا لانطلاق الهند نحو التعاون التجارى مع القارة الأفريقية، قائلًا:"وقد كان هناك تجاوبًا واضحًا من كافة المسئولين ورجال الأعمال الهنود وتوافقهم على أهمية التوجه نحو مزيد من دفع استثماراتهم فى مصر مستقبلًا."

ونوه اللواء الدويرى، فى نفس الوقت، بالإشادة الواضحة من المسئولين الهنود بما حققته مصر تحت قيادة الرئيس السيسى من تطور وتنمية ونهضة اقتصادية غير مسبوقة إضافة إلى التأكيد على مدى ماتقوم به مصر من جهود فى مكافحة الإرهاب وحل المشكلات الإقليمية من أجل تحقيق الأمن والإستقرار فى الشرق الأوسط وأفريقيا.

من ناحيته، رأى اللواء عادل العمدة، الخبير الاستراتيجى، أن دعوة رئيس جمهورية مصر العربية لزياره نيودلهى كضيف شرف فى احتفالات الهند بعيدها الوطنى، جاءت نظرًا للمكانة التى تتمتع بها مصر لدى دولة الهند بالإضافة إلى الدور الذى تلعبه القيادة السياسية المصرية المتمثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إقرار السلم والأمن العالميين ودوره الناجز فى محاولة حل القضايا الإقليمية والدولية العالقة والتى تسبب دائمًا تأثيرًا بما تفرزه من تحديات وتهديدات فى محيطنا الإقليمى.

وشدد اللواء عادل العمدة على أهمية تلك الزيارة للهند كون مصر هى النقطة الأساسية والرقم الأهم فى المعادلة بالإقليم؛ فمصر تلعب دورًا قويًا فى المرحلة الحالية فى دعم إجراءات الأمن والسلم العالميين، مؤكدًا أن دائمًا وأبدًا ما تتسم العلاقات المصرية الهندية بالتميز نظرًا لعراقة الدولتين على مستوى العالم والمشاركة المسبقة فى حركة عدم الانحياز، فضلًا عن العلاقات الممتدة وامتلاك البلدين لقيم ومبادئ وعقائد وطموحات كلها تتفق وتتسم بالصدق وعدم التدخل فى شئون الاخرين وهو ما يتناسب مع السياسة الخارجية المصرية عبر التاريخ.

ولفت إلى أهمية الهند كعضو بارز فى "مجموعة بريكس"، فى إشارة لإمكانية ضم مصر معها فى تلك المجموعة، واصفًا العلاقات الهنديه المصرية بالقوية والمتأصلة.

وشدد على أن القيادات السياسية بالبلدين تتفق فى الرؤى فيما يتعلق بالحلول التى تتناسب مع حجم المشاكل الإقليمية والدولية وللأزمات الراهنة التى لم يشهدها العالم من قبل وقد تقضى على الأخضر واليابس خصوصًا فى ظل تنامى الصراع الروسى الأوكرانى وما يترتب عليه من اثار وتداعيات سلبية على الأمن والاستقرار بالعالم.

فيما وصف السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، اختيار الهند للرئيس المصرى ليكون ضيف شرف احتفالات "يوم الجمهورية" بانه اختيار "مميز" ولابد من تسليط الضوء عليه وذلك بجانب دعوة مصر أيضًا فى اجتماعات مجموعة العشرين التى ستترأسها الهند العام الحالى، وهو ما يبرز الاهتمام الكبير الذى توليه نيودلهى للقاهرة ولدفع علاقات التعاون المشترك.

وذكر الدبلوماسى المخضرم بالروابط المصرية الهندية القديمة للغاية حيث كلا البلدين عانا من نفس الاستعمار ولهما تجربة مشابهة مع الاحتلال ومحاولات الاستقلال، كما جمعت بينهما صداقة قوية وعمل معًا على تأسيس "حركة عدم الانحياز" التى قدمت آفاقًا جديدة فى السياسية الدولية وحافظت على علاقات طيبة مع الجميع، فضلًا عن تأسيس مجموعة سبع وسبعين (تحالف مجموعة من الدول النامية ) قبل أن تتسع بعد ذلك وهى أكبر تجمع بالأمم المتحدة.

وشدد السفير جمال بيومى على أن مصر تستعيد صديقتها القديمة "الهند" وتعمل على دفع التعاون فى مختلف المجالات ولاسيما السياسى والاقتصادى والصناعى، مبرزًا أهمية القاهرة لنيودلهى التى تسعى إلى الاستثمار فى منطقة قناة السويس وإلى التعاون مع مصر فى العديد من المجالات من بينها البحث العلمى والتعليم.

من جهته، أكد السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للهند تعكس إرادة سياسية مصرية - هندية مشتركة لترسيخ العلاقات الثنائية من جانب، ومن جانب اخر تعزيز التعاون فيما بينهما فى شتى المجالات بما فى ذلك المجالات العسكرية والتصنيع العسكري.

وأضاف أن تلك الزيارة الهامة جاءت كذلك فى إطار رؤية استراتيجية واحدة بضرورة تعميق التعاون بين دول الجنوب دفاعًا عن المصالح فى زمن التحولات فى النظام الدولى، متحدثًا من ناحية أخرى، عن دعوة الحكومة الهندية لمصر للمشاركة فى قمة مجموعة ال٢٠ التى ستعقد فى سبتمبر القادم فى ظل الرئاسة الهندية هذا العام للمجموعة.

ولفت السفير حسين هريدى إلى أن القمة المصرية - الهندية قد تمخضت فى نيودلهى عن الاتفاق على إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين ستمثل إطارا جديدا وطموحا للعلاقات المصرية - الهندية.

بدوره، قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن دعوة الرئيس السيسى لحضور احتفالات الهند بعيدها الوطنى لا ترتبط فقط بمناسبة مرور 75 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة ونيودلهى، إنما تؤكد لاسيما على خصوصية العلاقة مع مصر باعتبارها أهم دولة محورية فى الإقليم.

وأضاف أن الهند ترى مشاركة رئيس جمهورية مصر العربية كضيف شرف باحتفالات "يوم الجمهورية " مرتبط بعلاقات تاريخية وممتدة وفى اطار حركة عدم الانحياز، وهو ما يسموه ب "الاحياء الثاني" للعلاقات الثنائية بعد سنوات من تأسيسها.

وتابع فى هذا الصدد أن "الاحياء الثانى" مرتبط بعقيدة الرئيس السيسى كما يرونها؛ وهى عقيدة مرتبطة برؤية الهند لهذه القيادة التى تقيم العلاقات على أساس الندية وتعمل على بناء مؤسسات الشراكة والتعاون فى ملفات متعددة على كافة المستويات.

وأوضح استاذ العلوم السياسية أن هذه الحفاوة الكبيرة فى دعوة واستقبال الهند للرئيس السيسى مرتبطة برؤية نيودلهى لما يحدث فى الإقليم، حيث يسعون لطرق باب أفريقيا والشرق الاوسط ويرون أن مصر هى البوابة الرئيسية لذلك، وأن القيادة السياسية المصرية نجحت بمهارة فى تحقيق معادلة صعبة فى إقليم مضطرب بكل ما فيه، ولذلك فمن المهم التنسيق مع مصر فى عدة مجالات لاسيما تلك المرتبطة بالسياسة المالية والنقدية.

وذكر بأن الهند دخلت فى مجالات جديدة وهى الهيدروجين الاخضر والاقتصاديات الخضراء وتسعى إلى الاستثمار فى هذا المجال من خلال المشروعات المرتقبة فى المنطقة الاقتصادية المصرية، بجانب المشروعات الاخرى المطروحة فى ملفات التكنولوجيا والزراعة ومبادلة القمح.

وشدد على أهمية لقاء الرئيس السيسى برجال المال والأعمال فى الهند ما يؤكد حضور واهتمام الدولة المصرية بشكل مباشر ودعم القيادة السياسة لمجتمع المال والأعمال، لافتًا كذلك إلى التعاون العسكرى المهم بين البلدين، فى إشارة إلى زيارة مؤخرا للهنود إلى مصر فضلًا عن وجود مجموعك مصرية تشارك فى تدريبات بمناسبة احتفلات الهند بعيدها الوطنى، مؤكدًا سعى نيودلهى لتطوير منظومة التعاون العسكرى والاستراتيجى بصورة كبيرة خلال الفترة المقبلة مع مصر

ورأى الدكتور طارق فهمى أن الفترة المقبلة ستشهد دفعة جديدة فى العلاقات المصرية الهندية لاسيما لدخول مصر بقوة فى قارتها الأفريقية وبفضل استراتيجية الرئيس السيسى القائمة على التوجه نحو دول الشرق حيث لا توجد خصومات أو عداءات مع تلك البلدان، بجانب السعى لبناء شراكات ممتدة وطويلة، والاستفادة بالعلاقات الطيبة مع الهند وكذلك روسيا والتعامل مع منظمة شنجهاى للتعاون ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والمجموعات الاقتصادية الاخرى.

ونوه إلى فكرة تاريخية العلاقات بين القاهرة ونيودلهى بالعودة إلى تأسيس "حركة عدم الانحياز" وفى حديث عن إعادة تقييم تلك الحركة ومحاولة بنائها مرة اخرى من خلال الهند ومصر فى هذا التوقيت الهام.

واختتم استاذ العلوم السياسية بأن زيارة الرئيس السيسى إلى الهند ستفتح أبواب مجالات استثمارات مشتركة وستدفع التعاون بين البلدين، وسيكون لها انعكاسات إيجابية كبيرة على مجمل السياسات المصرية فى منطقة جنوب شرق آسيا، كما ستحجز لمصر دورًا فى الترتيبات القادمة سواء كانت استراتيجية أو سياسية.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة