احتفل المصريون بميلاد المسيح، فى كل الكنائس دقت الأجراس، وأعلن القداس، وانطلقت الدعوات فى كل أرجاء أرض مصر تدعو بالسلام والمسرة والبركة لمصر والعالم، وارتفع شعور العالم بالسلام، وأن تتوقف الحرب.
حرصتُ على حضور ومتابعة قداس الميلاد فى كنائسنا المصرية، واكتشفت أن الدعوات التى تُرفع من الأرض إلى السماء، دعوات صادقة أن «الله معنا» وأن المجد لله وحده، وهى دعوات تنطلق بصدق ورغبة فى أن يحرس الله عالمنا وبلدنا، وينظر للبشر جميعا بلا تفرقة، وأن الله يحاسب البشر بما فى قلوبهم وهو وحده الذى يقدر أعمال البشر، فى هذه اللحظات نكتشف أن الله خلق العالم متنوعا ومتعددا، وأن الأديان نزلت لسعادة البشر، وليس لأحد دون آخر، وأن كل مؤمن يمكن أن يشعر بحق الآخرين فى السلام والتنوع والاعتقاد، بينما الحروب تشعلها الغرائز.
وعلى مدار السنوات الأخيرة، اتخذ قداس عيد الميلاد طعما خاصا، وشكلا خاصا، فمنذ عام 2015 اعتاد الرئيس عبدالفتاح السيسى حضور قداس عيد الميلاد فى الكاتدرائية بالعباسية، أو فى كاتدرائية السيد المسيح فى العاصمة الإدارية، وهى أكبر كنيسة فى الشرق الأوسط، والتى تم تدشينها ضمن إعادة بناء مفهوم المواطنة الشامل وإرساء قيم التعايش والمواطنة، وإعادة ترميم وإصلاح وتجديد الكنائس التى تضررت من الإرهاب، وبمشاركة المصريين ووحدتهم، أصبحت الكنائس فى كل مدينة جديدة، وتم تقنين مئات من الكنائس التى ظلت أوضاعها معلقة على مدار عقود، وعرضة لتداخلات غير ذات مضمون.
«البلد دى بلدنا كلنا، وما حدش ليه زيادة أو نقص»، تلك إحدى كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء زيارة للكنيسة المصرية، وهى تعبير عن سياسة الدولة فى التعامل الشامل مع ملف المواطنة، المصريون يحتفلون بأعياد الميلاد اليوم، بعد الكثير من الخطوات التى تقطعها الدولة فى ملف، ظل - على مدار عقود - عرضة للتداخلات والتقاطعات.
فى يناير ،2015 كانت أول زيارة رئاسية للكاتدرائية والرئيس السيسى هو أول رئيس يزور الكاتدرائية لتهنئة المصريين بأعياد الميلاد، وعلى مدار السنوات الأخيرة رسمت زيارات الرئيس إلى الكاتدرائية خطا مهما فى بناء المواطنة على أساس المساواة وتكافؤ الفرص، وإنهاء القضية التى ظلت بعيدة عن التناول بما تحمله من حساسيات تمت إزالتها، وتم التعامل معها بكل وضوح، حيث سُنّ تشريع قانون بناء دور العبادة، والذى أنهى مشكلات استمرت لعقود طوال، وفى الوقت ذاته أغلق الكثير من الأبواب التى كانت تنفذ منها التدخلات غير المرغوبة والتى أطاحت بمجتمعات ودول.
حضور الرئيس السيسى لاحتفالات القداس، أصبح جزءا من الاحتفالات، وينعكس بالفرح على وجوه المشاركين، ناهيك عن أن تلك الزيارات تحمل دائما رسالة الوحدة المصرية، وهى تقاليد ظلت جزءا من مصرية المصريين، تعكرت بفعل أفكار التطرف لكنها تعود بفضل المصريين الذين يقفزون على الكثير من الصعاب.
الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى تعامله مع الوحدة والتسامح أحيا تراث المصريين، وجينات الوحدة والتسامح والتنوع،و الذى واجه الطائفية والمذهبية وبطريقة خاصة، تختلط أعياد الشعب وتتوحد، فأعياد المسلمين والمسيحيين، هى أعياد المصريين، انطلاقا من تراث الأجداد الذى يعيش تحت الجلد، وفى القلب.
سياسيا، كان التمكين عنوانا عريضا شاملا للدولة، حيث تم تخصيص نِسب بمجلسى النواب والشيوخ لمعالجة عيوب النظام الانتخابى، الذى حرم المجالس من كفاءات، انطلاقا من ترتيب الحقوق والتكافؤ، واستنادا إلى وحدة شعب مصر،و التى ضمنت مواجهة تحديات وتهديدات أطاحت بدول ومجتمعات، مع إرساء قيم الاختلاف والتنوع باعتباره أمرا طبيعيا فى مواجهة أفكار متطرفة عرقية وطائفية، نجحت سياسة الدولة فى علاجها، ودائما ما يؤكد الرئيس السيسى هذه المفاهيم، باعتبار الاختلاف والتنوع فى الشكل والفكر والعقيدة أساس الحياة وضمان نجاح الشعوب، وهذه القيم هى التى حفظت مصر وتحفظها دائما، بفضل تراث وتاريخ، نجح فيه المصريون فى التعايش معا، لأنهم أول من أرسى قيم الإيمان، والسير معا نحو المستقبل.
فى عيد الميلاد المجيد، نتوجه بالتهنئة لكل المصريين، والله معنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة