حالة من الجدل، أو بالأحرى استياء، انتابت العالم العربي والإسلامي، إثر الدعوات التي ثارت حول التهجير القسرى لسكان قطاع غزة، والحديث عن نقلهم إلى سيناء، وهو ما يحمل في طياته جريمة متكاملة الأركان، إثر ما تحمله تلك الدعوات من انتهاك للقانون الدولي العام، ناهيك عن تداعياتها الكبيرة، في تقويض حقوق الفلسطينيين التاريخية، والتي تقوم أساسا على تأسيس دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو، لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الاستياء العربي الكبير جراء الدعوات الإسرائيلية، تجلى في العديد من التصريحات الغاضبة، التي امتدت من المحيط إلى الخليج، دفاعا عن القضية من جانب، والأمن القومى العربي، في ظل ما تمثله هذه الدعوات من استباحة لأراضى الدول العربية، من جانب آخر، ناهيك عن كونها تتعارض مع الشرعية الدولية، والقانون الدولي، وحقوق الإنسان من جانب ثالث.
فمن جانبه، حذر العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى من خطورة الإجراءات التى تسعى إلى الدفع بموجة لجوء جديدة، مشددا على أنه لن يتم السماح بتهجير الفلسطينيين القسرى عن أراضيهم لأنها تنذر بآثار كارثية على دول المنطقة.
جاء ذلك خلال لقاء الملك عبدالله الثانى ببرلين اليوم الثلاثاء، مع رؤساء كتل ولجان برلمانية ورؤساء وممثلي مؤسسات ومراكز أبحاث ألمانية، والذي استضافته مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية.
وأكد العاهل الأردني - خلال اللقاء، وفقًا لبيان الديوان الملكي - أهمية وقف الحرب على غزة، التي حصدت أرواح العديد من المدنيين الأبرياء العزّل، محذرًا من إزهاق مزيد من الأرواح إذا لم يتحرك المجتمع الدولي والقوى الفاعلة عالميًا.
وأوضح ضرورة السماح بإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، وإعادة الخدمات من مياه وغذاء ودواء وكهرباء إلى أهالي القطاع لأن حجبها يمثل خرقًا فاضحًا للقانون الإنساني الدولي.
وأما السلطة الفلسطينية، فقد أكدت على لسان الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، الرفض القاطع لفكرة تهجير الفلسطينيين من أي مكان في أرض فلسطين، وهذا ما أبلغه أبو مازن لبايدن، ومصر تساندنا في ذلك، لأن التهجير هو أحد جرائم الحرب.
بينما أكد وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، رفض المملكة العربية السعودية القاطع لدعوات التهجير القسرى للشعب الفلسطينى من غزة، معرباً عن إدانته لاستهداف المدنيين بأى شكل.
وشدّد الوزير - خلال مباحثاته مع وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن - على مطالبة المملكة بالوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة ومحيطها، ورفع الحصار عن القطاع؛ تماشياً مع القانون الدولى، والعمل على ضمان دخول المساعدات الإنسانية الملحّة من غذاءٍ ودواء، والحاجة إلى بذل جهدٍ جماعى سريع لوقف دوامة العنف المستمرة، وكافة أشكال التصعيد العسكرى ضد المدنيين لمنع حدوث كارثة إنسانية.
وأكدت الجامعة العربية، على رصد عدد من الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، التي يمكن وصفها بـ"جرائم حرب" على غرار التهجير القسري، لافتًا إلى أن هناك مخططًا إسرائيليًا لتهجير أهالي قطاع غزة قسريًا.
ونوه زكي، خلال لقاء خاص على شاشة "القاهرة الإخبارية"، بأهمية التركيز على الوضع الإنساني ووقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال الوقت الراهن، مشددًا على أن الجامعة تهدف لحشد الدعم السياسي للموقف الفلسطيني الذي يؤيده العرب، وتتواصل بشكل دائم مع الأمم المتحدة بشأن الانتهاكات الإسرائيلية في غزة.
وذكر الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أنه خلال الأيام الأولى من الأزمة، كانت هناك حالة وصفها بـ"الجنون الجماعي" على مستوى الدوائر الغربية في تأييد إسرائيل، مضيفًا أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي لديها قدرة الضغط على إسرائيل.
في حين، أكد البرلمان العربي، على دعم الشعب الفلسطيني، وقضيته قضية العرب المركزية، مشددا على رفض مخطط الاحتلال للتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، ودعم الجهود العربية المبذولة لتهدئة الأوضاع بالأراضي المحتلة.
وفى السياق نفسه، وقال وزير الخارجية الكويتى الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح إن تلك الدعوات لتهجير الفلسطينيين ستؤدي إلى مزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني الذي يعاني من قصف وحصار أدى إلى سقوط مئات الضحايا الأبرياء"، مطالباً المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتدخل الفوري لإيقاف هذا التصعيد الخطير، ووضع حد لهذه الحرب الشعواء التي لا تفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية.
ودعا إلى إيقاف استهداف المدنيين، وأن يضطلع الجميع بمسؤولياته سياسياً وإنسانياً، وأن يقوم المجتمع الدولي وعلى الفور بالتحرّك نحو رفع الحصار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والطبية، وتوفير الغذاء والمياه للشعب الفلسطيني، من خلال الأمم المتحدة ووكالاتها التابعة والمنظمات غير الحكومية المعنية بالشؤون الإنسانية.