القصة الكاملة لأحدث الإنجازات الأثرية بالكرنك بأيد مصرية.. الأقصر تعيد "قائمة ملوك الكرنك" أمام السياح من جديد.. ومصطفى وزيرى: تضم 61 ملكا حكموا مصر والنسخة الأصلية نقلت لمتحف اللوفر فى باريس عام 1843.. صور

• مصطفى وزيرى: قررنا عمل المستنسخ الجديد للقائمة بأحدث التكنولوجيا.. صور

• مدير المعبد: القائمة أقامها الملك تحتمس الثالث للترحم على أجداده بتقديم مجموعة مختلفة من القرابين لأرواحهم بأسمائهم

نجاح جديد على يد مصرية خالصة تحقق فى أرض معابد الكرنك بوسط مدينة الأقصر، وذلك بنجاح رجال الآثار والترميم بالمجلس الأعلى للآثار بقيادة الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فى تلك الخطوة العامة بإعادة "قائمة ملوك الكرنك" أمام سياح العالم فى صالة معبد الأخ منو بالكرنك، عقب الانتهاء من ترميمها وصيانتها وتركيبها.

وفى هذا الصدد يقول الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أنه تم العمل على مستنسخ قائمة ملوك الكرنك منذ 3 شهور مضت، وتم العمل فيها بأيدى مصرية خالصة، بدعم كنوز للمستنسخات الأثرية والتاريخية، فهى أحد أهم القوائم الملكية التى تذكر وتسجل الترتيب التاريخى للملوك، وتعتبر من أهم المصادر التاريخية والتاريخية فى الحضارة المصرية، حيث تذكر القائمة الملوك من عهد الملك ( سنفرو ) مؤسس الأسرة الرابعة من عصر الدولة القديمة على أقل تقدير، حيث أنه يوجد خرطوش لإسم أقدم لعله الملك ( مينا ) أو ( زوسر ) من عصر الأسرة الثالثة، لكنه غير واضح تمامًا.

ويضيف الدكتور مصطفى وزيرى لـ"اليوم السابع"، أنه تستمر القائمة فى ذكر مجموعة من الملوك الذين حكموا مصر حتى عهد الملك ( تحتمس الثالث) فى عصر الدولة الحديثة، ووصل عدد أسماء الملوك لـ61 اسم لملك من الذين حكموا مصر، موضحًا أنه قد تم الاستيلاء على هذه القائمة الأصلية الهامة فى عام 1843 م بواسطة الفرنسى بريس دافين، وهى معروضة حاليًا فى متحف اللوفر فى باريس، وكان المركز المصرى الفرنسى لدراسة معابد الكرنك قد قام بعمل نسخة من الجص فى سبعينيات القرن الماضى على غرار القائمة الأصلية، ولكنها اهترأت وبدأت تتساقط، ولذلك تم التحرك نحو عمل نموذج جديد من هذه القائمة باستخدام الوسائل الحديثة.

وأكد أمين المجلس الأعلى للآثار، أنه تم التنسيق مع متحف اللوفر لعمل تخطيط لنموذج حديث باستخدام تقنية الثلاثى الأبعاد من القائمة الأصلية، وتم إرسالها للسفارة المصرية فى باريس، والتى أرسلتها للمجلس الأعلى للآثار الذى قام بعمل هذه القائمة الجديدة ( replica ) بالتنسيق مع المسئولين عن المستنسخات الحديثة لوضعها بدلًا من القائمة القديمة، والتى تم افتتاحها أمام الزائرين والسائحين بحضور عدد من قيادات والمسئولين فى وزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار.

فيما صرح الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، أنه يعتقد بعض الأثريين أن الهدف من هذه القائمة هو الترحم من الملك ( تحتمس الثالث) على أجداده أو أسلافه من الملوك الذين حكموا مصر قديما بتقديم مجموعة مختلفة من القرابين لأرواحهم واسماءهم، بينما يرى البعض الآخر أن الملك ( تحتمس الثالث) فى هذه القائمة يقوم بتقديم مجموعة من القرابين المختلفة لأرواح الملوك الذين حكموا مصر وساهموا فى تشييد وبناء مجموعة معابد الكرنك، وأخيرًا يؤخذ فقط على هذه القائمة أنها لم تذكر بعض الملوك ومثال ذلك عدم ذكر اسم الملكة (حتشبسوت) ولعل ذلك يرجع للعداء الذى حدث بينها وبين الملك ( تحتمس الثالث) بسبب الحكم فى تلك الفترة.

وأضاف الطيب غريب لـ"اليوم السابع"، أن لائحة ملوك الكرنك أو قائمة الملوك بالكرنك كما يطلق عليها الأثريين، هى قائمة منقوشة على جدران معبد آمون بالكرنك وتذكر أسماء الفراعنة الذين حكموا مصر منذ عهد الأسرة الأولى، حيث يرجع تاريخ القائمة إلى عهد الأسرة التاسعة عشر، حيث تبين القائمة تحتمس الثالث واقفًا يقدم قرابين على أرواح 61 فرعون جالسين أمامه، ويوجد بجانب كل ملك استمائه فى هيئة خراطيش، ويذكر النص الجملة التالية: «الملك من غبر رع - تحتمس الثالث - عسى أن يتمتع بالحياة والدوام والقوة والصحة مثل رع الأبدي"، كما يتواجد فى القائمة مشهد لتقديم قربان "حتب-دي-نسوت" - أى قربان يقدمه الملك - لملوك مصر العليا والسفلى - والقائمة منقوشة على جدران معبد أمون بالكرنك وتبين نقشا للملوك جالسين وجدهم تحتمس الثالث عند قيامه بتوسيع معبد أمون، فقام بنقلهم إلى أماكن أخرى، ولا تصف القائمة التتابع الزمنى للفراعنة، ولكن أهميتها تنبع من ذكرها لفراعنة الفترة الانتقالية الأولى والفترة الانتقالية الثانية.

أما الدكتور مصطفى الصغير مدير عام الكرنك وطريق الكباش، فقد أكد على توالى النجاحات فى الكرنك حيث تم افتتاح قائمة الملوك فى ما يعرف باسم غرفة الأجداد بمعبد الآخ منو بالكرنك بعد تركيب مستنسخ من النقوش الأصلية المعروضة حاليًا بمتحف اللوفر بفرنسا، عقب نقل قائمة الملوك الأصلية التى تم نقشها بداخل غرفة الأجداد لمتحف اللوفر فى فرنسا، موضحًا أنه تم بناء الغرفة حوالى عام 1445 قبل الميلاد على يد الملك تحتمس الثالث داخل معبد الآخ - منو حيث أصبحت مقصورة رئيسية لمعبد آمون فى الكرنك.

وعن وظيفة المقصورة، فيقول الدكتور مصطفى الصغير، أنه كانت جدران هذه المقصورة الصغيرة التى تضم بالتأكيد تمثالًا للملك تحتمس الثالث مغطاة فى الأصل بـ 61 تصويرًا لتماثيل ملكية لأسلافه، وكان الهدف منه أن يحل محل التماثيل العديدة التى تم إقامتها بالفعل فى جميع أنحاء المعبد وهو ما سمح بتركيز العبادة اليومية فى مكان واحد، وعن تكوين القائمة فتبدأ السلسلة فى عصر الدولة القديمة - على الرغم من عدم اكتشاف أى بقايا أثرية من هذا العصر فى الموقع – بتصوير ملكى لا يظهر به اسم الملك (من المحتمل أن يكون مينا أو زوسر)، وتبعه الملك العظيم سنفرو ثم ثمانية ملوك لم يتركوا أى أثر بالكرنك أبدًا. كما تم ذكر العديد من الملوك غير المعروفين بشكل استثنائي.

وأضاف الدكتور مصطفى الصغير، لـ"اليوم السابع"، أنه من المعروف أن جان فرانسوا شامبليون نسخ جزءًا من القائمة، ثم أكمل جى برتون بعض التفاصيل، كما قام علماء آخرون بعمل نسخ خاصة بهم مواكبة لتزايد الاهتمام من قبل العامة والمؤرخين بآثار الكرنك خاصة بعد اكتشاف رموز حجر رشيد، وقام الفرنسى بريس دافين كذلك بعمل نسخة خاصة به، وفى عام 1843، تم تفكيك الغرفة ووضع الكتل الحجرية الخاصة بها فى صناديق خشبية وتحميلها على متن قارب بريس دافين المتجهة إلى باريس، وعُرضت لأول مرة فى خزانة الميداليات، ثم انضمت إلى مجموعات اللوفر فى عام 1919.

أما عن الترميمات السابقة، فقد كشف مدير عام معابد الكرنك، أنه فى السبعينيات من القرن الماضى، صنع المركز المصرى الفرنسى لدراسة معابد الكرنك قوالب لاتكس للنقوش البارزة على النسخة الأصلية. بعد ذلك تم إنتاج قوالب بارزة مصنوعة من الجبس واستبدالها على الجدران المعاد بناؤها حديثًا. ومع ذلك، بعد مرور 50 عامًا تدهورت حالتها، وكان هناك حاجة إلى تنفيذ نسخة جديدة، نموذج التصوير ثلاثى الأبعاد لمتحف اللوفر RMN ونموذج شركة كنوز ثلاثى الأبعاد، أما فى يونيو 2023، وبناءً على طلب من المجلس الأعلى للآثار، قامت RMN ومتحف اللوفر بتنفيذ تصوير مساحى ثلاثى الأبعاد عالى الدقة، تم تسليمه فى منتصف يوليو، وتمت معالجته لإنشاء نسخة موثقة ثلاثية الأبعاد من النقوش البارزة بواسطة شركة كنوز، وتم تركيب النقوش وافتتاح المقصورة فى 16 أكتوبر 2023.