نؤمن جميعًا بعدالة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب التاريخية الثابتة في الوجدان العربي بأسره، ولا يستطيع أحد أن يُنكر محاولات إسرائيل المتكررة تجاه تصفية القضية؛ بتعضيد الاستيطان، وتعددية أنماط القمع والقهر، التي تستهدف التفكيك والعزل والتهميش، وإيجاد حالةٍ من العوز تساعد في التهجير وتكريس التواجد الإسرائيلي بالمزيد من المستوطنات المؤمنة لقاطنيها.
ودلالات التصفية للقضية الفلسطينية تبدو جليةً في إضعاف موارد الدولة وإخضاعها للتمويل من قبل أمريكا، والتحكم التام في مواردها وطرائق الإمداد الغذائي والطاقة وغيرها من سُبل المعيشة، بما يؤدي إلى تهميش دور الدولة الفلسطينية وضعف مقدرتها على إدارة شئون مواطنيها؛ ليصبح الفلسطينيون تحت وطأت التحكم الأمريكي الإسرائيلي، ومن ثم يتقبلون ما يُملى عليهم من قراراتٍ وتحكماتٍ وصور هيمنة الاحتلال بكل أنماطها.
إن ما جاء في خطابات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه القضية الفلسطينية يؤكد على الحل السلمي بعيدًا عن براثن العنف والاقتتال التي تؤدي حتمًا لتضحيات شعبٍ أعزلٍ لا يمتلك مقومات الحياة الأساسية، ومن ثم فلا مناص عن حل الدولتين بناءً على حدود عام (1967)، للتمكن من إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ عاصمتها القدس الشرقية، وهذا يتسق مع المعيار القيمي والأخلاقي والسياسي للحفاظ على سلامة الإنسانية والعيش تحت راية السلام.
وقد أكد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضرورة وأهمية وحتمية الصمود للشعب الفلسطيني وألا ينساق وراء دعواتٍ مغرضةٍ تتبناها جماعات الظلام بالخروج من الديار لدولٍ الجوار؛ كي تتمكن إسرائيل وبسهولةٍ من تصفية القضية الفلسطينية في غياب صمودٍ شعبيٍ يسجل التاريخ له موقفه ورسوخه؛ ففي خضم مخططات صفقة القرن ومشاريع التهويد والاستيطان المستمرة، وصد عودة اللاجئين لأرضهم تحقق إسرائيل غايتها الكبرى وتتنامى أحلامها لتنال من أمن وأمان واستقرار الشرق الأوسط.
ولقد كان موقف جمهورية مصر العربية ثابتاً إزاء القضية الفلسطينية، ولم يتغير بتغير أنظمتها السياسية؛ إيمانًا راسخًا بحق الشعب الفلسطيني ببناء دولته واستقلاله على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ ليستطيع أن ينهض ويصمد داخليًا، ومن ثم يعزز من قدراته ومكانته بين الشعوب، وفي المقابل ترفض مصر السياسات الإسرائيلية التي تحض على ممارسة العنصرية والتباغض وتأجيج الصراع بأشكاله المختلفة.
ولا بد أن تعي المجتمعات الذي تُساند إسرائيل وتغض الطرف عن ممارساتها غير الشرعية أن الضغط يولد الإنفجار الذي يضار من الجميع وخاصة منطقة الشرق الأوسط؛ لذا بات على العقلاء الإنصات لصوت مصر الحر من خلال قيادتها السياسية التي تبذل من الجهود المضنية ما يُسهم في وقف عمليات العنف التي تودي بأرواح المدنيين دون وجه حقٍ؛ فدومًا شعب مصر يساند قضية الوجود الإسرائيلي ويقدم لهم الدماء الذكية التي تنقذ الأرواح والمساعدات الغذائية والدوائية التي تبقيهم صامدين متحملين.
وينبغي أن تعي الشعوب العربية وفي مقدمتها الشعب المصري الأصيل مآرب تصفية القضية الفلسطينية التي تزيد بعد تحققها من شدة الصراع والنزاع بصورةٍ متتاليةٍ تهدد أمن الشعوب؛ فما تسعى إليه الدولة المستعمرة هو فرض حالة الهيمنة التي أضحت فكرةً باليةً لا تتسق مع قيم ومعتقدات وممارسات الشعوب الحرة على وجه الكرة الأرضية.
ولا مناص من أن تتولى القيادة الفلسطينية استراتيجية تقوم فلسفتها على توظيف قدراتها البشرية والمادية وفق خططٍ إجرائيةٍ تقوم على انتزاع الحرية والمقدرة على قناعة القرار وانتهاج سياسةٍ دوليةٍ تحقق غايات الدولة الفلسطينية؛ حيث لا يكفي تعاطف الدول العربية ومشاركتهم وتقديم المساعدات الإعانات المتواترة؛ لكن ثمت أهميةٌ في تشكيل وجدانٍ عالميٍ يمثل قوةً ضاغطةً تحقق السلم والسلام وتركن لحل القيادة السياسية المصرية الرشيدة المتمثلة مرة أخرى في حل الدولتين؛ بغية إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ عاصمتها القدس الشرقية.
ونؤكد دومًا بأن الشعوب قادرةٌ على إحداث التغيير بالصمود والعمل؛ لأنه العامل الرئيس في المعادلة على أرض الواقع؛ فبواسطته تشيع الإيجابية ويعم التفاؤل نحو التغيير المنشود، وبدونه لا قضايا على الساحة يتم الدفاع عنها؛ إضافةً للفكر الإرهابي الذي يستهدف نقل نقاط الصراع في العديد من المناطق ودحر غايات النهضة والتنمية فيها بصورةٍ مقصودةٍ.
وهناك رسالة طمأنةٍ تجاه تلك القضية؛ تتمثل في الاتفاق العربي الذي لا يفرط في أمنه القومي، والمنصفين من دول العالم تجاه الحق الفلسطيني التاريخي؛ فلا ضياع لحقٍ وراءه مطالبٌ.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.