منذ بداية العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين فى غزة، لم تتوقف الدولة المصرية عن التحرك على كل الأصعدة، لم تتوقف الدولة المصرية منذ اللحظات الأولى عن بذل الجهود لوقف العدوان واستمرار إرسال المساعدات إلى غزة، لمواجهة آثار العدوان.
وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى استعداد مصر لاستضافة أطراف إقليمية ودولية لبحث الأحداث ومسارات السلام، وترأس الرئيس السيسى اجتماع مجلس الأمن القومى، الذى أكد مواصلة الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين، وتكثيف الاتصالات مع المنظمات الدولية الإغاثية والإقليمية، من أجل إيصال المساعدات المطلوبة، والتشديد على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا «حل الدولتين»، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، وإبراز استعداد مصر للقيام بأى جهد من أجل التهدئة وإطلاق واستئناف عملية حقيقية للسلام، وحرص الرئيس السيسى على التأكيد بأن هذه الحرب لا رابح فيها، وأن أى صراع لا ينتهى إلى تفاوض أو سلام لا يعوّل عليه، ويسبب حدوث خسائر فى الأرواح وكل شىء، وأكد الرئيس أن مصر لديها الاستعداد لتسخير كل إمكانياتها وقدراتها من أجل إنهاء هذه الأزمة.
وجهت مصر الدعوة لاستضافة قمة إقليمية دولية، من أجل تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية، وهو ما تحقق فى حجم الاستجابة الإقليمية والدولية لدعوة الرئيس السيسى لعقد "قمة القاهرة للسلام" مع استجابة واسعة النطاق بين العديد من دول العالم للمبادرة المصرية، والمشاركة بها، وهو ما يمثل امتدادا لحرص قادة العالم على التنسيق مع القاهرة، لوقف إطلاق النار، وتوصيل المساعدات إلى السكان المحاصرين تحت نيران الاحتلال الإسرائيلى، وانعكاسا للأهمية الكبيرة التى تحظى بها الدولة المصرية على المستوى الدولى والإقليمى، وكفاءتها فى إدارة العديد من الملفات، خلال السنوات الماضية، بدءا من الإرهاب، مرورا بالأبعاد التنموية والمناخية، وحتى قضية فلسطين، ونجاحها فى مناسبات سابقة فى احتواء العديد من الأزمات، بفضل دبلوماسية «الوساطة» التى اتسمت بنزاهتها، فى ضوء حرصها التام، على الحفاظ على سلامة المدنيين، وحقن الدماء، وهو ما ترجمته الثقة الكبيرة التى تحظى بها القاهرة، سواء من قبل أطراف الأزمة من جانب، أو المجتمع الدولى من جانب آخر، حسب التقرير الذى كتبه فى «اليوم السابع» زميلى « بيشوى رمزى»، ورصد فيه الاستجابات الدولية مع دعوة القاهرة.
هذه الخطوات التى تتخذها مصر، تسعى لاحتواء أى اتساع للحرب إقليميا، وهى احتمالات واردة فى ظل إصرار الاحتلال وحكومة نتنياهو المتطرفة على السير نحو مزيد من التدمير، ومنع وصول المساعدات، بل وقصف المستشفيات والمستوصفات والأماكن الآمنة، وهو ما حذرت منه المنظمات الإنسانية، وأصبح العالم أمام اختبار أخلاقى، يظهر فى اتساع رقعة الاحتجاجات فى أوروبا والتى سعت الحكومات الأوروبية لوقفها، اعتراضا على حرب إبادة ظاهرة تكشفها الصور والفيديوهات التى تفرض وجودها على العالم، ولا شك أن استمرار العدوان مع الحصار وحجم الدمار، من شأنه أن يمثل ضغطا إنسانيا من قبل المجتمعات الأوروبية التى تتحرك بشكل أكثر اتساعا تضامنا مع الفلسطينيين.
وتضع التحركات المصرية فى قمة القاهرة للسلام، الدول والمنظمات الكبرى أمام مسؤوليتها، وتعيد التأكيد على أصل القضية الفلسطينية والتوصل إلى «حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطينى، وإقامة دولته المستقلة، وفق المرجعيات الدولية».
وتمتلك مصر مفاتيح كثيرة، وتتواصل مع كل الأطراف فى فلسطين والإقليم وتدفع دائما نحو موقف عربى قوى ينطلق من الفعل، وإحياء مبادرة السلام العربية لتحقق الدولة الفلسطينية مقابل إحلال السلام، وهناك فرصة لتشكيل موقف عربى، بجانب أهمية المصالحة والالتحام الفلسطينى الذى يمثل عنصر قوة فى أى مسارات قادمة، وهنا فإن مصر تقدم مفتاحا يخرج الأطراف المتعددة من أزمة قد تهدد باتساع وتعقيد يصعب التعامل معه.