تحول تاريخي للدور المصري فى القضية الفلسطينية، من وسيط تهدئة بين أطراف النزاع فى فلسطين إلى راع وصانع سلام، فعلى مدار عقود ماضية، نجحت الدولة المصرية، فى وقف اطلاق النار وإعادة القطاع إلى الهدوء الأمنى فى جميع الحروب الإسرائيلة الخمسة فى قطاع غزة (2008، 2012، 2014، 2021، 2022)، هو نفسه الدور المعهود الذى تلعبه القاهرة منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" قبل نحو أسبوعين وما تبعها من هجوم إسرائيلى غاشم على مدنى غزة.
لم يهدأ للقاهرة بال فقد أجرت على مدار نحو أسبوعين اتصالاتها المكثفة للحيلولة دون مزيد من التصعيد الذى يشهده القطاع، فى وقت يترقب فيه العالم، هددت فيه إسرائيل بتنفيذ عملية هجوم بري على القطاع، بعد أن قطعت عن غزة أدنى سبل الحياة، الكهرباء والمياه وقامت بتهجير قسري لهم نحو الجنوب.
وقامت بدورها التاريخى لحماية المدنيين، وتواصلت مع كافة الأطراف الدولية الفاعلة وغيرها، بحسب ما جاء فى رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل أيام، قائلا: "إننا نتواصل مع جميع القوى الدولية وجميع الأطراف الإقليمية المؤثرة من أجل التوصل لوقف فوري للعنف، وتحقيق تهدئة تحقن دماء المدنيين من الجانبين".
وفى داخل أروقة الخارجية المصرية، أجري وزير الخارجية اتصالات مكثفة مع وزراء خارجية السعودية والأردن وكندا لمتابعة الوضع فى قطاع غزة، وتنسيق الجهود للتعامل مع الأزمة الإنسانية الطاحنة فى القطاع، وبحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد أبو زيد، هناك إدراك مشترك لضرورة بذل كافة المساعي لوضع حد لتعريض المدنيين للمخاطر.
وتنظر مصر للقضية الفلسطينية ليس باعتبارها دائرة من دوائر سياساتها الخارجية فحسب، بل قضية تدخل فى حسابات أمنها القومى المباشر، لذلك أفردت الإدارة المصرية جهدا نشطا متعدد المستويات والأبعاد، لحدمة ملفات القضية الفلسطينية، للوصول إلى الهدف النهائى هو إقرار تسوية عادلة للصراع الإسرائيليى - الفلسطيني من خلال مبدأ حل الدولتين على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
وتحرص الجهود المصرية على تغطية كافة مراحل القضية الفلسطينية، وهى مرحلة الصراع والوصول إلى تسوية سياسية سلمية، ثم مرحلة ما بعد إقامة الدولة الفلسطينية، وتتعدد الجهود المصرية على كافة الأصعدة، أى الصعيد السياسى والاقتصادى التنموى والأمنى وكذلك المجتمعى - الإنسانى.
ولسنوات أشرفت على مسار المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية، بهدف بدء مسار المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين. ووقعت الفصائل الفلسطينية ميثاق شرف تأكيدا على سير العملية الانتخابية بكافة مراحلها بشفافية ونزاهة وفى ظل تنافس شريف بين القوائم تحت اشراف الدولة المصرية.
واليوم أصبحت مصر ترعى السلام من أجل فلسطين، ويترقب العالم، قمة القاهرة للسلام 2023 ، المقرر أن تنطلق، السبت، المقبل، من مصر أرض السلام، فى محاولة للضغط على المجتمع الدولى من أجل وقف العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة الذى يدخل أسبوعه الثالث أودى بحياة أكثر من 3 آلاف شخص حتى الآن، فيما تواصل إسرائيل قصف وجرائم بشعة بحث المدنيين والأطفال.
يشارك فيها نحو 31 دولة و3 منظمات دولية - بحسب تقرير للقاهرة الاخبارية-، وتأتى فى توقيت شديد الحساسية، فلم تتوقف جرائم الإحتلال الإسرائيلي منذ نحو أسبوعين من انطلاق عمليات "طوفان الأقصى"، فضلا عن مساعيها لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزة وافراغ القطاع.
فضلا عن كونها منصة يتحدث من خلالها قادة دول لها تأثيرها ومكانتها سواء كانت إقليمية أو دولية إلى المجتمع الدولي، بصوت واحد للتأكيد على ضرورة التهدئة ومراعاة الأوضاع الإنسانية، وفتح آفاق لتسوية الصراع على أساس حل الدولتين، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بشكل يحقق طموحات شعوبنا" بحسب تصريحات وزير الخارجية سامح شكري.
وتأتى القمة تأتي من منطلق الاهتمام والدور المصري الدائم في إطار الاحتواء وتحقيق التهدئة والسلام للخروج من هذه الأزمة وإدراك الخطورة من توسيع رقعتها، وما يأتي بذلك من مخاطر على الأمن والاستقرار، وأيضاً المزيد من الضحايا من المدنيين.