- مجزرة مستشفى المعمدانى.. عار جديد يلطخ إسرائيل وأمريكا
- نتنياهو يحاول تغطية فشله بالمزيد من المجازر وقتل المدنيين
- العالم يصمت أمام جريمة من جرائم الحرب والإبادة.. ومجلس الأمن ما زال عاجزا عن المواجهة
تأتى المجزرة التى ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلى بقصف مستشفى المعمدانى فى غزة لتمثل جريمة جديدة من جرائم العدوان وعارا يلاحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، تحت الحماية والدعم الأمريكى من الرئيس جو بايدن، وإدارته، حيث واصلت إسرائيل القصف فى وجود بايدن فى إسرائيل.
فى الوقت نفسه فإن المجزرة تمثل متغيرا واضحا نحو تفجر الأوضاع إقليميا وعالميا، وتهدد باتساع رقعة الصراع، فى حالة عدم الاستماع إلى التحذيرات والتحليلات التى ترى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى المتطرف بنيامين نتنياهو يسعى لتعويض فشله فى تحقيق الهدف بمزيد من المجازر وقتل المدنيين، خاصة وقد أعلنت مصر بوضوح رفضها تصفية القضية الفلسطينية، أو تهجير الفلسطينيين من غزة إلى أى مكان آخر.
ورغم استمرار حرب الإبادة، تواصلت عمليات المقاومة بما يشير إلى فشل الهدف الرئيسى للحرب، وعجز نتنياهو عن تحقيق الأمن، وهو ما ينعكس على تراجع شعبيته واستمرار الخوف والهلع بين المحتلين، الذين عجزت حرب الإبادة عن توفير الأمان لهم، وهو ما يبدو فى حالة غضب، تشير إلى أن نتنياهو ما زال عاجزا عن تحقيق وعوده بالأمن أو الاستقرار، بل العكس، وهو ما يعنى أنه مهما امتدت عمليات العدوان، فإنها لن تسفر إلا عن المزيد من الضحايا المدنيين، الذين يمثلون عناصر إشعال الغضب عالميا، فى وقت تتضح فيها كذبة الرواية الإسرائيلية حول تعرض الإسرائيليين للخطر.
ضحايا مجزرة مستشفى المعمدانى نحو أكثر من 1000 شهيد ومئات الجرحى من المدنيين النازحين الذين اتخذوا من المشفى الذى تديره الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية بالقدس ملجأ بعد تعرض ديارهم للدمار جراء حرب الإبادة التى تشنها قوات الاحتلال، والضحايا كلهم بالطبع أطفال وليس من بينهم من يحمل سلاحا، والمذبحة استمرار لحرب إبادة تشنها قوات الاحتلال ضد المدنيين العزل، ويصعب إخفاؤها أو تبريرها، وفشلت إسرائيل فى إلصاقها بأى أطراف أخرى، لأن إصبع وعلامات القصف تشير بوضوح إلى عمد إسرائيلى ضمن خطة أعلنها نتنياهو ووزراء حكومة الحرب بإبادة غزة.
قتل المرضى والعزل والأطفال
حسبما أعلنت وزيرة الصحة الفلسطينية، فإن قصف المستشفيات بات هدفا رئيسيا لقوات الاحتلال، فى وقت يقف القطاع الصحى فى غزة على حافة الانهيار، والخدمات على وشك النفاد، واستشهد 28 كادرا يعملون فى القطاع الصحى، وأصيب العشرات منهم، جراء العدوان، وتضرر 15 مركزا طبيا جراء القصف المتواصل، وتوقف مستشفى بيت حانون ومستشفى الدرة للأطفال عن تقديم الخدمة، وأغلب أقسام الأورام فى مستشفى الصداقة التركى، كما تم إلحاق الضرر بـ23 مركبة إسعاف وتعطلت عن العمل، وهناك آلاف الجرحى والمرضى بمستشفيات قطاع غزة، يواجهون الموت بسبب تأخر دخول المساعدات الإنسانية والطبية، وتوقف محطات المياه.
وحتى أمس الأربعاء دمَّر الاحتلال أكثر من 4500 مبنى سكنى، تضم 12 ألف وحدة سكنية، فيما تضررت نحو 113300 ألف وحدة سكنية بشكل جزئى منها 8190 وحدة سكنية غير صالحة للسكن. وأعلنت وزارة الصحة، فى آخر إحصائية لها، ارتفاع عدد الشهداء فى قطاع غزة إلى أكثر من 3500 شهيد و12500 إصابة، فيما بلغ عدد الشهداء فى الضفة الغربية 62 شهيدا وأكثر من 1250 جريحا منذ بدء العدوان فى السابع من أكتوبر.
وفى الوقت الذى تواصلت الإدانات العربية والدولية، للمجزرة فى مستشفى المعمدانى، أعلنت الدولة المصرية الحداد، وأدانت مصر بأشد العبارات، فى بيان صادر عن وزارة الخارجية، القصف الإسرائيلى لمستشفى الأهلى المعمدانى فى قطاع غزة، والذى أسفر عن سقوط مئات الضحايا الأبرياء ما بين شهداء ومصابين من المواطنين الفلسطينيين فى غزة، واعتبرت مصر هذا القصف المتعمد لمنشآت وأهداف مدنية، انتهاكا خطيرا لأحكام القانون الدولى والإنسانى، ولأبسط قيم الإنسانية، مطالبة إسرائيل بالوقف الفورى لسياسات العقاب الجماعى ضد أهالى قطاع غزة.
وطالبت مصر جميع دول العالم، لا سيما الدول الكبرى وذات التأثير، بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات وإدانتها بلا مواربة، ومطالبة إسرائيل بالتوقف عن استهداف محيط معبر رفح لتمكين مصر ومن يرغب من باقى الدول والمنظمات الدولية والإغاثية لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة فى أسرع وقت.
وأدانت الدول العربية المجزرة، واعتبرتها «جريمة من جرائم الحرب والإبادة»، وطالبت المجتمع الدولى بـ«تحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية وفرض الوقف الفورى للإبادة الجماعية التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى، وتوفير الحماية العاجلة له».
وأدانت الأمانة العامة للأمم المتحدة بشدة الهجوم على المستشفى المعمدانى ودعت إلى إنهاء الهجمات على المدنيين والمنشآت الصحية، وهو موقف منظمة الصحة العالمية التى أدانت بشدة الهجوم على المستشفى، وقالت إنه «غير مسبوق فى نطاقه»، فيما أدانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» بشدة الهجوم على المستشفى ودعت إلى وقف فورى لإطلاق النار، وندد المفوض الأعلى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، بالقصف المرفوض تماما، وقال تورك فى بيان له «الكلام يعجز عن التعبير، هذه الليلة قُتل مئات الأشخاص بطريقة مروعة فى الهجوم على المستشفى الأهلى العربى، بمن فيهم مرضى ومقدمو رعاية صحية وعائلات لجأت إلى المستشفى ومحيطه، مرة جديدة يصاب الأشخاص الأكثر ضعفا، هذا أمر مرفوض تماما».
لكن وبالرغم من هذه الإدانات، لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تدعم العدوان وتساعد حرب الإبادة ضد الفلسطينيين المدنيين فى غزة، حيث اكتفى الرئيس الأمريكى جو بايدن بإبداء «غضبه وحزنه العميق بسبب الانفجار فى المستشفى الأهلى فى غزة»، وقدم التعازى فى الأرواح البريئة التى فُقدت فى الانفجار فى مستشفى فى غزة، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية، إنها تمنح إسرائيل أنظمة أمنية للقضاء على حماس، لكن هذا لا يعنى قتل المدنيين الأبرياء.
أمريكا ملطخة بدماء الأبرياء
وتفعل أمريكا ذلك وأيديها ملطخة بدماء الأبرياء فى غزة، حيث تواصل عرقلة أى قرارات لوقف العدوان فى مجلس الأمن، مثلما يجرى من طلبات روسيا والإمارات، وتكتفى الدول والمنظمات عن وصف المجزرة بأنها «أمر فظيع»، وبالرغم من أن رئيس المجلس الأوروبى شارل ميشيل، اعتبر قصف إسرائيل لمستشفى فى غزة والحصار الشامل للقطاع الفلسطينى «لا يتماشى مع القانون الدولى»، فإن الاتحاد يلتزم الصمت تجاه الإبادة الجماعية، التى أثارت غضبا فى مجتمعات العالم بأوروبا، وفى الدول العربية، بينما الخارجية البريطانية، أعلنت أنها تراقب التقارير التى تتحدث عن «غارة واضحة للعيان»، وكتب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أن فرنسا تندد بالهجوم على المستشفى، وطالب بكشف الملابسات وإعادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون تأخير.
ولا شك أن جرائم الاحتلال عار يلاحق العدوان الإسرائيلى ويلاحق الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولى الذى يصمت أمام جرائم إسرائيل ويحاول بنيامين نتنياهو أن يغطى على فشله، لأن صواريخ المقاومة الفلسطينية ما زالت مستمرة، والمقاومة تختفى تحت الأرض ثم تخرج وتطلق صواريخ.
وفى الوقت الذى أعلنت فيها مصر إدانتها للمجزرة البشعة، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى إدانة مصر لكل الأعمال العسكرية، التى تستهدف المدنيين بالمخالفة والانتهاك الصريح لكل القوانين الدولية، وجدد فى مؤتمر صحفى مع المستشار الألمانى أولاف شولتز أن استمرار العمليات العسكرية الحالية، ستكون له تداعيات أمنية وإنسانية، يمكن أن تخرج عن السيطرة، بل تنذر بخطورة توسيع رقعة الصراع، فى حالة عدم تضافر جهود كل الأطراف الدولية والإقليمية، للوقف الفورى للتصعيد، مؤكدا ضرورة عودة مسار التهدئة، وفتح آفاق جديدة للتسوية، من أجل تجنب انزلاق المنطقة إلى حلقة مفرغة من العنف، وتعريض حياة المدنيين للمزيد من المخاطر.
وأكد الرئيس السيسى، ضرورة التعامل مع القضية الفلسطينية بمنظور شامل ومتكامل، يضمن حقوق الفلسطينيين، بإقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها «القدس الشرقية»، وأهمية العمل بشكل مكثف على استئناف عملية السلام، عقب احتواء التصعيد الراهن، وإيجاد آفاق لتسوية القضية الفلسطينية، مشددا على ضرورة السماح بمرور المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع، وتيسير عمل المنظمات الأممية والإنسانية ذات الصلة.
مصر ترفض تصفية القضية
وجدد الرئيس السيسى، رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية، أو أية محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريا من أرضهم، على حساب دول المنطقة، مؤكدا فى هذا الصدد أن مصر ستظل على موقفها الداعم للحق الفلسطينى المشروع فى أرضه، ونضال الشعب الفلسطينى، وسخر الرئيس السيسى من تصريحات إبعاد الفلسطينيين من أرضهم، وهى الرؤية التى رددها بعض قادة الاحتلال، الذين طالبوا الفلسطينيين بترك أرضهم مؤقتا لحين الانتهاء من مواجهة المقاومة، وهى الرؤية التى تتعارض مع العقل والمنطق والقانون، ويرفضها مصر والفلسطينيون والعرب والعالم.
وأشار إلى القمة التى دعت لها مصر، لبحث تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام، وأهمية أن تسفر القمة عن مخرجات تساهم فى وقف التصعيد الجارى، حقنا لدماء المدنيين، وللتعامل مع الوضع الإنسانى الآخذ فى التدهور، وإعطاء دفعة قوية لمسار السلام.
الرئيس السيسى، أكد أن «مصر فيها 105 ملايين والرأى العام المصرى والعربى يرفض هذه المخططات، ومستعد للخروج للتعبير عن رفض هذه الفكرة، ودعم موقف بلدهم»، ونصح إسرائيل بالاستجابة لمبادرات السلام حتى تحمى المدنيين، خاصة أنها عجزت عن منع المقاومة بالرغم من كل الهجمات والعدوان، ولا حل من دون قيام الدولة الفلسطينية.
رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى أعلنها منذ اللحظات الأولى للعدوان على غزة، تمثل تعبيرا واضحا عن رؤية وموقف الشعب المصرى والشعب العربى، ولهذا تحظى بدعم وتأييد كل التيارات السياسية والفكرية، وتمثل انعكاسا لمشاعر عامة.