مصر" اسم كبير حضاريا وتاريخيا، وهى الدولة الوحيدة والحضارة الوحيدة فى العالم التى نسبت إليها أحد العلوم ويتم تدريسها فى أعرق جامعات العالم، وهو علم المصريات Egyptology ، واهتم العالم بأسره بتحليل وتشريح الحضارة المصرية وعلومها وفنونها وثقافتها ولغتها وغيرها من الأوجه، لإدراكه مدى إسهام تلك الحضارة فى البناء الحضارى الإنسانى، ولكن هل لا يزال لمصر تلك الجاذبية التاريخية والحضارية الإنسانية، على الرغم من الكثير من التحديات الحضارية والتحديات الاقتصادية والتنموية التى تواجهها فى العصر الحديث ومحاولتها اللحاق بالركب العالمى فى مناحى عديدة.
ربما تكون مفاجأة للكثيرين عندما تعلم حقيقة أن مصر تحتل المركز الأول فى منطقة الشرق الأوسط فى مؤشر العلامة التجارية الوطنية، وتحتل المركز الخامس والثلاثين عالميا طبقا لمؤشرات عام 2022 متقدمة ثمانية مراكز عن عام 2021 والتى احتلت فيه المركز الثالث والأربعين عالميا والأول فى منطقة الشرق الأوسط، وأيضا متقدمة عن عام 2020.
ولكى تعلم مدى مصداقية هذا التقرير الدولى وإدراك قوته وقيمته العالمية حاليا، فهو تقرير يصدر سنويا منذ عام 2008 ويحلل مقابلات أكثر من 60000 شخص تزيد أعمارهم عن 18 سنة، ويتم تجميع وتحليل البيانات طبقا للخصائص الديمغرافية المختلفة متضمنة العمر والجنس، ويتم إجراء العمل الميدانى للبحث سنويا من شهر يوليو وحتى أغسطس، ومما يزيد قوة تأثير ومصداقية هذا التقرير أنه تقرير علمى شعبى وغير مسيس على الإطلاق، وهناك مؤشر سداسى يحدد أهم العوامل والمؤشرات التى يتم القياس بموجبها، وهى أولا: صادرات الدولة وهل يؤثر اسم الدولة وقوة علامتها التجارية فى زيادة رغبة المستهلكين فى أنحاء العالم ونزعتهم لاستيراد منتجاتها. ثانى المؤشرات: هو الحوكمة وسلوك الحكومات كما يراه العالم، فيما يتعلق باحترامها للحقوق الإنسانية والتزامها البيئى وسلوكها العالمى فيما يتعلق بنشر الأمن والسلم العالمى. ثالث المؤشرات: هو ثقافة الدولة ومزيجها الثقافى الممتد تاريخيا وفنونها المتعددة ومدى تأثير تلك العوامل وإسهامها فى تشكيل المكون الثقافى الإنسانى العالمي.
المؤشر الرابع هو: طبيعة الشعوب وهل سيشعر بالراحة والترحيب إذا زار تلك الدولة، وهل يمكن أن يختار أصدقاء مقربين منها، وهل يمكن أن يختار منها موظفا؟، ويوجه سؤالا فى النهاية لكل مشارك فى الاستقصاء أن يعدد بعضا من الصفات الشخصية لمواطنى تلك الدولة. المؤشر الخامس: هو مؤشر السياحة ومدى رغبة الأشخاص حول العالم فى زيارتها بناء على معايير ثلاثة محددة، وهى جمال الطبيعة ومقتنياتها الأثرية وحضارتها الحديثة وأيضا عناصر الجذب الأخرى والتجربة السياحية المتكاملة. والمؤشر الأخير هو الهجرة والاستثمار فى دولة ما، وهو المؤشر الذى يحدد مدى جاذبية الدولة للأفراد للانتقال والعيش والعمل بها، وأيضا جاذبيتها للمؤسسات والشركات الدولية طبقا لمؤشرات اقتصادية محددة علمية وليست انطباعية. ويتم فى النهاية إحصاء وتحليل وجمع الدرجات التى تحصل عليها كل دولة فى العالم لتشكل فى النهاية الدرجة التقديرية النهائية التى تحدد مرتبة علامتها التجارية الوطنية، وكيف يراها العالم أجمع.
والمثير فى الأمر والسؤال الأهم، هل ندرك نحن قيمتنا العالمية وقوة اسم مصر عالميا؟!.
لا شك أن الأمر يتطلب منا مراجعات ذاتية لكى نعى ونقدر قيمتنا وقيمة وطننا الغالى، ولا نسمح أن يتم تصدير طاقات سلبية لنا جميعا من هؤلاء المتربصين بمصر واسمها محليا أو عالميا، استغلالا لظروف اقتصادية طارئة أو تحديات عابرة من المؤكد أنها ستمر وتنتهى، وستكون ذكرى لصمود وقوة وصلابة المواطن المصرى التى برهنها وسجلها ووثقها تاريخ الحضارة الإنسانية.
إدراك قيمتنا وقدراتنا، وعدم الانزلاق لدعاوى الإحباط التى تهدف إلى هزيمتنا من الداخل وزعزعة ثقتنا بأنفسنا، هو الطريق الحقيقى للحفاظ على الوطن والنهوض به واستنفار طاقاتنا الوطنية الكامنة للتغلب على أية تحديات طارئة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة