مدن تستوعب ملايين السكان وشبكات طرق وقطارات وموانئ.. وربط الشرق بالغرب ومجتمعات قابلة للتوسع
من أهم النقاط التى يحرص الرئيس السيسى على إعلانها خلال مؤتمر «حكاية وطن»، هى أن الأمر يتطلب وضوحا ومصارحة، بعيدا عن دغدغة المشاعر، أو تقديم وعود، وأن من يريد التصدى للعمل العام والسياسة، عليه أن يدرك تفاصيل ما تحقق خلال السنوات الماضية، وما يفترض أن يتم تحقيقه، وأن مصر واجهت ضرورات فرضت نفسها على الدولة، وأن بناء الدولة يتطلب الكثير من الجهد، لأن الهدف هو الاستمرار فى العمل حتى يحدث تراكم يضع مصر على خرائط الدول الكبرى.
«حكاية وطن» ليس عرضا انتخابيا، ولا هو محاولة للتفاخر، لكنه وقفة مهمة للتعرف على ما تحقق خلال سنوات كانت صعبة بالفعل، تم فيها تجاوز تحديات ووضع أسس، وبالتالى فهو وصف لما تحقق، وحجم الجهد وشكل العمل فى المرحلة المقبلة، وإجابة عن أسئلة حول التنمية وكيف انطلقت الدولة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، من واقع كانت فيه الخدمات منهارة أو خارج الخدمة، وأن الطموح لم يكن فقط استمرار الحال ووقف التدهور، لكن الانتقال للأمام من خلال طريق مختلف للتقدم والتنمية، يستفيد من قدرات الدولة، وفى الوقت ذاته يعالج الثغرات التى تسببت فى تعطيل حركة الدولة على مدى عقود.
وخلال استعراض الحكومة لما تحقق فى مجالات الطاقة وتأمين الكهرباء والبترول، وما تحقق من نسب نمو، كان استعراض خطوات التنمية والعمل فى ممرات التنمية التى شملت مدنا من الجيل الرابع وحركة عمران تعالج وتوقف التشوه الحادث على مدى عقود، وأيضا وضع أسس ممرات تنمية، بجانب شبكات طرق برية وبحرية.
ومن يرجع إلى مطالب واقتراحات النخب والخبراء على مدار عقود كانت ممرات التنمية، والتى تعنى ببساطة إقامة شبكات طرق وقطارات وموانئ، وربط كل هذه الطرق بالمدن الجديدة.
خطة ممرات التنمية، بدأت منذ قناة السويس الجديدة وإعادة تخطيط المنطقة الاقتصادية، ثم شبكة الطرق القومية، والقطارات والمترو والتى تربط الشرق بالغرب وتفتح المجال للتوسع الأفقى والرأسى، ثم أنفاق قناة السويس التى تربط سيناء بالوادى والدلتا، ومدن من الجيل الرابع تستوعب ملايين السكان والمجتمعات وهى مدن قابلة للبقاء وتتضمن أنشطة صناعية وزراعية وتجارية تجعلها إضافة إلى مساحة مصر جغرافيا.
القطارات والطرق الدائرية والإقليمية تمثل شبكة طرق تمتد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وتربط موانئ البحر الأحمر بالمتوسط، وقطارات كهربائية سريعة، تربط خطوط الاستثمار والسياحة، هناك مدن صناعية فى كل محافظة، ومناطق مثل الروبيكى تتضمن صناعة الجلود والغزل والنسيج، مع إعادة تطوير وبناء صناعات تقليدية مهمة مثل الغزل والنسيج ومدينة الدواء، وإعادة تشغيل وتطوير الصناعات الغذائية التى توقفت أو تعثرت.
وحول شبكات الطرق والمدن يتوقع أن تقام مجتمعات سكانية وأنشطة تتواصل بين نقاط التنمية، وتحتمل المزيد من السكان، لتكون مجتمعات قادرة على البقاء والتوسع، وهى عملية تقوم على تخطيط وتظهر نتائجها وتجيب عن أسئلة مهمة، فى مجتمع ارتفع عدد سكانه نحو 25 مليونا خلال 10 سنوات فقط، نجحت الدولة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى وضع طريق خاص للتنمية، يعبر عن وضع اقتصادى واجتماعى، وتمكن مقارنته بما حولنا، وأيضا بحالة مصر قبل سنوات فقط.
ثم إن امتلاك مصر لإمكانيات فى موانئ ضخمة وحديثة أو عاصمة إدارية هو ضرورة للاستثمارات والخروج من الوادى الضيق ومضاعفة جغرافية مصر.
وزير الإسكان المهندس عاصم الجزار قال فى استعراض ما تحقق فى ملف العمران بمؤتمر حكاية وطن، إنه تم إنشاء 24 مدينة جديدة تستوعب 32 مليون نسمة موزعة فى جميع أنحاء الجمهورية، وأنه تم إنفاق تريليون و300 مليار جنيه على المجتمعات العمرانية الجديدة خلال الـ9 سنوات الماضية، منها 300 مليار جنيه تكلفة إنشاء 860 ألف وحدة إسكان اجتماعى، وأن خريطة التنمية العمرانية تشغل الآن 13.7 % من مسطح الجمهورية بعد أن كنا نشغل فى 2017 نحو 7% فقط.
فى حين أعلن وزير النقل المهندس كامل الوزير، أن إجمالى أطوال الشبكة الحالية للسكك الحديدية 10 آلاف كيلومتر، وتم تطوير وتجديد نحو 900 كم، وكانت لدينا إشارات ميكانيكية تعمل يدويا ولكن تم تطوير 60 برج إشارات على الـ3 خطوط الرئيسية، وإنشاء 6 مصانع عالمية لإنتاج فلنكات السكك الحديدية مملوكة لشركات مصرية، وأن عملية بناء ورصف الطرق تتم بطرق إعادة التدوير، وأن التوجه إلى إنتاج عربات القطارات والمترو محليا من خلال مصانع محلية، وأن أنفاق مترو الهرم تتم بشركات محلية.
وزير النقل أشار إلى توجيهات الرئيس السيسى للانتهاء من القطارات الخفيفة والسريعة والكهربية، وربط المعالم السياحية جنوبا وشمالا، وشرقا وغربا، مع موانئ حديثة، كل هذا يمثل ممرات تنمية تفتح مجالات توسع للتنمية.
من هنا يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على تأكيد المكاشفة بالواقع والطموح، وأن الهدف هو الوصول لدولة تمتلك القدرات للتقدم والتحديث فى كل المجالات، وفى عالم لا يعرف إلا العمل والبناء، وأن هذا الحديث قد يبدو صعبا فى السياسة، لكنه ضرورى للتحرك نحو المستقبل، وشدد الرئيس على ضرورة إنهاء كل مشروعات الطرق والموانئ وممرات التنمية فى 2025، وعدم انتظار 2023، واستعادة التحديات التى واجهت الدولة بعد 25 يناير، وأنتجت واقعا سياسيا كاد يشعل حربا أهلية ويهدد الدولة وجوديا، وهو واقع أفرزته خيارات فى مرحلة سياسية ملتبسة، والحل هو «العمل» فى كل المحاور والاتجاهات فى وقت واحد، وأن كل ما تم بناؤه الآن أصول للدولة والشعب، وأن تكلفتها الآن أضعاف هذا الرقم، وأن إدارة المرافق بتكاليفها الحقيقية تعنى نجاح الاستثمار وجذب مستثمرين، وأن المصارحة والوضوح هما السبيل للتقدم.